تجتمع حولها الأسر وتعكس أصالة المنطقة

الدشيشة والمختومة..أكلات ورقلة التقليدية

الدشيشة والمختومة..أكلات ورقلة التقليدية
  • القراءات: 4722
ورقلة: حنان.س ورقلة: حنان.س
بالرغم من رياح العصرنة التي عصفت بمختلف مناحي الحياة الاجتماعية، إلا أن الملاحظ لدى العائلات الورقلية محافظتها على تقاليد توارثتها عبر الأجيال وبقيت تراوح مكانها دون إضافات أونقصان، ومن ذلك فن الطبخ التقليدي الذي تشير بشأنه الدراسات الأنثروبولوجية إلى أنه من أساسيات المحافظة على الهوية الاجتماعية، وذلك الذي وقفت عليه "المساء" بمطعم "برجال" التقليدي بمدينة ورڤلة.
برع السيد "برجال بناي" في المزاوجة بين القعدة الورقلية والأكل التقليدي للمنطقة، فالزائر لمطعمه بحي إفري ببلدية ورڤلة يستمتع ببعض المصنوعات التقليدية التي تزين الأرجاء، منها القلل التي تحفظ فيها بعض المؤن وأباريق الشاي وكذا بساطة القعدة في حد ذاتها.. برجال الذي بدأ حياته المهنية هذه ببيع الشاي، المشروب الذي يسمونه السلطان، آمن بأن أحواله ستتحسن يوما ما وهو ما جسده في هذا المطعم.
ولا يقترح المطعم إلا أكلتين تقليديتين 100 بالمائة معروفتين في كامل أرجاء الولاية وهما الدشيشة والمختومة. يقول بشأنهما صاحب المطعم إنهما أكلتان لا تغيبان عن أي مائدة ورقلية على مدار السنة، ومطلوبتان كثيرا سواء في المنازل أو في المطاعم.
وتعتمد الأكلتان في التحضير على نوع من العجائن، الأولى حسبما يدل عليها اسمها عبارة عن دشيشة، وهي شبيهة بالفريك، ولكنها أكبر حجما منه وتحضر بمرق أحمر و«دوّارة" الغنم، وتسمى باللهجة الأمازيغية للمنطقة بـ«يوزان"، حسبما يشرحه السيد بناي.
أما الطبق الثاني الذائع الصيت، فهو المختومة، وهو في شكله وطريقة تحضيره يشبه إلى حد التطابق "المحاجب". وتسمى المختومة لأنه يتم ختمها (يعني غلقها) بطرفي الأصابع بعد حشوها. وتحضر من الدقيق عن طريق العجن بالماء والملح فقط، أما الحشو فهو عبارة عن بصل وجزر وبطاطا وشحم الغنمي، هذا الأخير هو سرّ بنّتها. وتسمى المختومة باللغة الأمازيغية المحلية، "تكنيفت أدونت" وتعني خبزة الشحمة، يضيف برّجال.
بالإضافة إلى هاتين الأكلتين المتميزتين، فإن المطعم يعرض أيضا أكلات تقليدية أخرى معروفة جدا بالمناطق الصحراوية، ونذكر منها "الرڤاڤ" وأمازيغ عرش بني سيسين، يطلقون عليها تسمية "تكنيفت تزدات" وهي الأخرى عبارة عن عجين يحضر بمرق أحمر يحضر بلحم الغنم، وبعض الخضروات، إضافة إلى "الغرس" الذي يخطي لهذه الطبخة مذاقا حلوا.
ولئن كانت البيئة الصحراوية قاسية نوعا ما حتى على أهلها بسبب حرارة المناخ، فإن لهذا الأمر تأثير على الحياة اليومية ومن ذلك الطبخ، حيث يؤكد محدثنا أن ميزة الطبخ الورڤلي هو الفلفل الحار، وسرعان ما يتأقلم الصغير قبل الكبير مع هذه الميزة، فمع كل طبق يقدم للأفراد إلّا ويوضع فوقه "المنڤوع"، وهو المعروف لدى سكان الشمال باسم "فلفل مرقد"، لماذا؟ يجيب برجال بناي "هذه عوايدنا كبرنا عليها".
وهذه العادات لا توجد فقط في مطعم برجال للأكل التقليدي، وإنما في أغلب البيوت الورقلية، وحتى في المناسبات والأعراس، ففي احتفالات هذه الأخيرة، يتم تحضير الدشيشة والمختومة كذلك، وأيضا أنواع محددة من الكسكسي، وهو الذي يسمى "الطعام السامط" يعني كسكسي بدون تمر ويسمى بالأمازيغية المحلية "وارأينيو"، حيث تلتقي مجموعات تتكون من 1000 إلى 2000 شخص في عرس واحد ويجتمعون على "ڤصعات وارأينيو".
وحتى إن كانت أغلب الأسر الورقلية تحضر الدشيشة والمختومة، فإن العاملين في شتى المجالات لا يطلبون إلاّ هذين الصنفين من الطعام (دشيشة أومختومة)، "فنحن لا نمل هاتين الأكلتين أبدا"، على رأي مواطن ورقلي إلتقته "المساء" بمطعم برجال، مؤكدا أنه يعمل بعيدا، ويقصد هذا المطعم بأطراف المدينة فقط ليستمتع بطعم المختومة الورقلية.