الأستاذ أمين شعبان مختص في علم النفس التربوي:

الدخلاء أفقدوا التلاميذ ثقتهم في مؤسساتهم وأساتذتهم

الدخلاء أفقدوا التلاميذ ثقتهم  في مؤسساتهم وأساتذتهم
الأستاذ أمين شعبان مختص في علم النفس التربوي
  • القراءات: 383
رشيدة بلال رشيدة بلال

وصف المختص في علم النفس التربوي الأستاذ أمين شعبان، الدروس الخصوصية بالهاجس الذي أصبح يلاحق الأولياء والتلاميذ على حد سواء. وقال في حديث مع " المساء " ، إن "من أسباب تنامي هذه الظاهرة الأولياء، الذين تَرسخ في أذهانهم أن تحقيق النجاح يتطلب المرور عبر الدروس الخصوصية، لا سيما ما تعلق بالمقبلين على اجتياز امتحانات البكالوريا، أو حتى التعليم المتوسط؛ سواء بالتواجد في ما يسمى بـ«الكاراجات" ، أو الأكاديميات.

وحسب المختص في علم النفس التربوي، "فإن الدروس الخصوصية أصبحت وسيلة تنافسية، يؤثر من خلالها التلاميذ على بعضهم البعض؛ من خلال ادعاء البعض الفهم والقدرة الكبيرة على الاستيعاب لدى بعض الأساتذة، في ظل ضعف المعالجة الداخلية في المؤسسات التربوية التي عززت هذا الفكر، والتي كانت إلى وقت قريب، تُلقى على عاتق جمعيات أولياء التلاميذ، الذين كانوا يبادرون بتنظيم المعالجة التربوية باستثناء فترات العطل؛ إذ تسطر مديريات التربية برنامجا خاصا بتقديم دروس خصوصية، ومراجعة لتلاميذ مؤسساتهم.

وحسب المختص، فإن هذا السلوك السلبي انتشر بشكل كبير أمام لهفة بعض الأساتذة الذين يستفزون تلاميذهم؛ إذ يربطون العلامة بحضور الدروس الخصوصية؛ الأمر الذي ساهم في تحولها من تصرفات اختيارية إلى ضرورة للنجاح؛ ما يتعارض مع الأخلاقيات التربوية والتشريع المدرسي، لافتا إلى أن الإلحاح الكبير على الدروس الخصوصية جعل من الكثيرين ينظرون إليه على أنه نشاط تجاري مربح؛ الأمر الذي رفع من عدد الممارسين لهذا النشاط في السنوات الأخيرة. والمؤسف على حد قوله، أن " من يمارس هذا النشاط هم من غير أهل الاختصاص، وهو ما يجب التنبيه له من طرف الأولياء وحتى التلاميذ؛ حتى لا نقع في الأخطاء البيداغوجية التي تضر بالتلاميذ أكثر مما تنفعهم. ولعل أهم السلوكات غير الأخلاقية وغير البيداغوجية الاكتظاظ الكبير داخل الأكاديميات، التي يتم تقديم دروس الدعم بها، وكذا بعض (الكاراجات) التي تفتقر إلى أبسط عوامل السلامة" . وأردف المختص: "لسنا ضد الدروس الخصوصية، خاصة تلك التي تقدَّم من طرف أساتذة أكفاء، وفي ظروف نظامية ومناسبة؛ لأن الفروق بين التلاميذ موجودة"، مضيفا: "لكننا ضد العملية التي تتم بصورة فوضوية، وإلا كيف نفسر أن بعض المراقبين يتفقون مع المدير على تزكية بعض المدارس الخاصة مقابل نسبة من الأرباح"، وبالتالي كما قال: "فإن العملية لم تعد تربوية بيداغوجية، وإنما تجارية ربحية، ضحاياها تلاميذ يعيشون تلاطمات كبيرة بين أساتذة التعليم في المؤسسات النظامية، وبين أستاذة الدروس الخصوصية". ولفت المتحدث أيضا إلى أن "بعض مقدمي الدروس الخصوصية لا يحوزون على المؤهلات العلمية؛ حيث نجد، مثلا، أستاذا في مادة معينة يدرّس مادة أخرى، أو نجد طلبة الجامعات يقدمون دروسا خصوصية في بعض المواد".

الدخلاء أفقدوا التلاميذ ثقتهم في مؤسساتهم التعليمية

من الظواهر التي تبعث على الأسف وتؤكد في كل مرة على التأثير الكبير للدروس الخصوصية على التلاميذ وإيمانهم الكبير بأنها أصبحت معيارا للنجاح، وهو ما يعكسه التهافت على دروس الدعم في جميع لامواد، حالة الفراغ الذي يحدث على مستوى المؤسسات التعليمية مع نهاية الفصل الثاني والثالث، خاصة بالنسبة لطلبة البكالوريا، الذين يعزفون عن الالتحاق بمدارسهم؛ الأمر الذي يعزز فرضية غياب الثقة بين التلميذ والأستاذ في المدرسة العمومية، وتغليب فكرة أن النجاح علامة لا تتحقق إلا بالدروس الخصوصية. ولفت المختص إلى أنه سبق لوزير التربية أن صرح بأن الدروس الخصوصية التي يتم برمجتها في السنوات الأخيرة، غير نظامية، وتبرأ منها؛ لكونها لا تمثل المنظومة التربوية؛ الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في ما يحدث، وتفعيل الرقابة على مثل هذه التصرفات التجارية المسيئة للمنظومة التربوية ".

ويختم المتحدث: " لا مانع مطلقا من خضوع التلميذ للدروس الخصوصية، وإنما يجب البحث والتحري في المدرسة قبل التسجيل فيها؛ على الأقل للتأكد مما يقدم لهم من معلومات علمية وبيداغوجية. وبالمناسبة، نطالب جمعيات أولياء التلاميذ ببرمجة بعض الأنشطة الخاصة بالمعالجة داخل المؤسسات التربوية، وتكثيف مثل هذه النشاطات؛ على الأقل للحد من تأثير الدروس الخصوصية، وإعادة بناء الثقة بين المعلم والتلميذ داخل مؤسسته. وعلى المنظومة التربوية أن تقدم تسهيلات لإنجاح العملية بترك أبواب المؤسسة مفتوحة لتعم الفائدة، وبذلك نحفظ الأبناء، ونقدم إضافة تعزز مفهوم أن النجاح لا يُبنى بدروس الدعم".