لعرج بلعليماة حرفي في صناعة السروج لـ"المساء":

الخيل المسرجة أناقة العريس التلمساني

الخيل المسرجة أناقة العريس التلمساني
لعرج بلعليماة حرفي في صناعة السروج
  • القراءات: 1753
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

تعد صناعة السروج في مدينة تلمسان من الحرف التي يوليها الحرفيون الكثير من الاهتمام، لارتباطها بثقافة المنطقة، إذ يعد ركوب الخيل من العادات الوطيدة التي يحرص على الحفاظ عليها، ويمتطيه العريس للوصول إلى مكان زفافه. وحول هذه الحرف التي توارثها البعض أبا عن جد، كان لـ«المساء" حوار مع لعرج بلعليماة، حرفي منذ 25 سنة في صناعة السروج الذي حدثنا عن هذه الحرف في عاصمة الزيانيين، التي تزخر بفسيفساء من العادات والتقاليد تشكل فخرا لسكانها.

بداية، من هو لعرج بلعليماة؟

❊❊ حرفي من ولاية تلمسان، مختص في صناعة السروج، اخترت هذه المهنة قبل 25 سنة، وما زلت أزاولها إلى حد الساعة، لم تكن لدي خلفية عن المهنة قبل ذلك،  فلم يكن للوالد أو الجد أية علاقة بها، على عكس بعض الحرفيين من نفس الولاية الذين توارثوا مهنهم عن أجدادهم، لاسيما أن ولاية تلمسان تعرف بتجارتها منذ القدم، حيث كان آنذاك الحرفيون يشكلون غالبية التجار في المنطقة، وكانت كل عائلة مختصة في مجال معين، أغلبها حياكة الزرابي، صناعة الأفرشة، صناعة الحلويات التقليدية وصياغة الذهب، فضلا على حرف أخرى لا تزال قائمة، لها جذورها وعائلات تنشط فيها إلى حد الساعة، لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لي في البداية، فانطلاقتي كانت من العدم، لكن بحب العمل الذي أقوم به.

هل كانت انطلاقتك نابعة من ضرورة في العمل أو موهبة؟

❊❊ إن الغاية دائما ما تصنع الوسيلة، حقيقة ما يدفع الرجل إلى العمل هو دائما الحاجة إلى الاسترزاق، لكن اختيار العمل أحيانا يتم عبر الرغبة فيه وحب المهنة أو الترعرع في عائلة حرفية وغير ذلك، وشخصيا أعتبر أن حبي للحرف التقليدية هو الذي سطر لي مستقبلي المهني، ففي بداية الأمر، انطلقت في صناعة النحاس، ثم تخصصت في صناعة السروج التي يعد النحاس جزءا لا يتجزأ منها ويخلق فرقا كبيرا في صناعتها.

هل لك أن تعطينا نبذة تاريخية عن صناعة السروج في الجزائر؟

❊❊ الفرسان العرب يتميزون بشهرة عالمية، وكانوا منذ زمن بعيد يمارسون ركوب الخيل، حيث كانت من أشهر وسائل النقل آنذاك في العهد الروماني والعثماني، كما استعملها الرجال في الفتوحات الإسلامية والحروب في أوروبا، لذا تعد صناعة السروج من أقدم الحرف التي مارسها الرجل العربي والجزائري منذ القدم.

ما هي المراحل التي تمر بها صناعة السروج؟

❊❊ السرج لباس الفرس في مفهوم رواده، كما يعكس شخصية وهبة الفارس، حيث يعتبر جزءا من ثقافة ذلك الرجل، وعليه يعد الاهتمام بتفاصيل السرج غير مباشر بهيئة الفارس وهيبته وظهوره على الملء، كما تتم صناعة السرج عبر مرحلتين مهمتين، أولها صناعة الجلد بصباغته وتفصيله، ثم صناعة النحاس التي تزين قطعة السرج الذي يجمع بينهما بخيوط خاصة، تختلف ألوانها بين الذهبي والأبيض الفضي، وهي التي تحدد سعر السرج.

ما هي أنواع السروج التي تعمل عليها؟

❊❊ كل حرفي يختار "الفريذ" وهو الشكل أو الرسم الذي يحمله السرج، إذ يختلف من منطقة لأخرى، وهذا ما يشكل أنواع السروج التي يغلب عليها اللون الذهبي وأخرى الفضي، وهذه الأخيرة أغلى من الخيط الذهبي، لأنها خالصة ومتينة أكثر، وتحدد تلك الرسوم ثقافة المنطقة وحضارتها وتفكير سكانها.

ماذا يعني السرج بالنسبة للرجل التلمساني؟

❊❊ من المعروف عن الرجل التلمساني ركوب الخيل في ليلة زفافه، إذ يمتطيه ويصطحبه أصحابه إلى مقهي، يلتقي بأحبابه وأصدقائه ومختلف أفراد العائلة من الرجال، في انتظار وصول العروس إلى مكان الحفل أو الزفاف، ليلتحق بعدها الرجل على حصانه الذي يزينه السرج ذهبي اللون الذي يرمز إلى الاحتفالية، ويعطي للفارس وسامة في يوم فرحه، ولا أحد من التلمسانيين يمكنه التخلي عن هذا التقليد الجميل، لذلك لا يزال الاهتمام بهذه الحرفة في مدينة الزيانيين قائما، وما زالت صناعة السروج تعرف رواجا رغم تراجعها خلال فترة مضت، فالاهتمام بالحرفة يعني الاهتمام بجزء من الهوية الوطنية.