محلات "الأنتيــك" أو الأدوات المستعملة

"الخردة" وجهة "المنقبين" عن القطع الأصيلة

"الخردة" وجهة "المنقبين" عن القطع الأصيلة
  • 167
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

لاتزال تجارة "الأنتيك" في الجزائر واحدة من التجارات المنتعشة، حيث كان يقبل عليها محدودو الدخل لاقتناء أثاث وقطع ديكور مستعملة؛ لإعادة استغلالها، لتتحول إلى قِبلة بامتياز للأثرياء، الذين اكتشفوا فيها أشياء أصلية، يستغل البعض ثمنها البخس، ليعيدوا بيعها بمبالغ باهظة بعد ترميمها وصيانتها.

تُعد تجارة "الأنتيك" واحدة من أقدم التجارات في مختلف الدول التي عرفت مرور حضارات، ولاتزال الى يومنا هذا في بعض الدول على غرار الأوروبية، تنظم معارض وأسواقا في الهواء الطلق لعرض قطع قديمة، تختلف بين أوان، وحلي، وكتب، وأثاث، وحتى قطع ديكور… يعود البعض منها الى مئات السنين، وبعضها مصنوع من خامات نبيلة، وأخرى من الخشب أو النحاس، تثير اهتمام عشاق هذا النوع من التحف، التي غالبا ما يكون لها صلة بحكاية ترويها الى جانب جمالها الفريد.

في الجزائر، شقت هذه التجارة طريقها بعد الاستقلال بشكل ملفت للانتباه بعد خروج المحتل. ففي بعض بيوت مستوطنين رحلوا، وجد البعض الكثير من القطع التاريخية، على غرار أثاث يعود لفترة الإمبراطورية الفرنسية، ومزهريات، ولوحات، وآلات موسيقية كالبيانو، ومصابيح، وأوان فخارية، بعضها يشكل تحفا نادرة، وكلها تقود للحديث عن قطع تقليدية أجنبية جميلة، تحمل الكثير من الدلالات والرموز التاريخية.

وانطلق مفهوم تلك التجارة في الجزائر بعد أن قرر البعض عرض قطع أثرية موجودة في بيوتهم تعود لحقب تاريخية قديمة، على محلات اختصت، هي الأخرى بدورها، في بيع قطع وأثاث قديم. وراجت بعد ذلك تلك التجارة. وانتشر حينها عدد من المحلات عبر العاصمة، ومختلف المدن الكبرى التي عرفت استيطان المستعمر الفرنسي.

الشائع اليوم بين الجزائريين أن هذه التحف النادرة أصبحت لها مكانة مهمّة وخاصة عند البعض، بل أصبحت تحمل مكانة مقدسة عند زبائنها بعد أن كان البعض ينظر إليها على أنها مجرد خردوات لا بد من التخلص منها، واستبدالها بأثاث جديد يليق بالديكور العصري الجامد. والتفّ حولها بصفة خاصة الأثرياء من المجتمع، الذين يقدرون، على وجه الخصوص، على اقتناء تلك القطع الفنية، ويدركون أصالتها، والمواد الثمينة المصنوعة منها، لتتحول بذلك الى تجارة تضاهي تجارة الأثاث الجديد، أو قد تكون بأسعار تفوقها أضعاف المرات. جولة "المساء" الاستطلاعية قادتها إلى أكثر من محل لبيع التحف النادرة في العاصمة، دفعها الفضول إلى أن تتعرف أكثر على زبائن هذه التحف.، لكن ما شد انتباهها أن الأشخاص الأثرياء جدا هم الزبائن الأوفياء لتلك المحلات. وقد اتضح من خلال الحديث مع أصحاب تلك المحلات الذين أجمع عدد منهم على أن زبائنهم محددون وأوفياء، في حين مموّلوهم هم أكثر الأشخاص حاجة للمال، ما يدفعهم الى بيع البعض من أثاثهم القديم، الذين يزعمون أن له قيمة مادية يمكن أن يسدّوا بها حاجيات محددة.

وذكر محدثو "المساء" بعض القطع الأثرية التي تعود الى العهد العثماني، ويعود تاريخ بعضها الى 100 سنة وأكثر، زينت بعضها قصور العائلات المالكة آنذاك، وبيوتهم الفاخرة. واكتساب قطع منها ينثر عبق التاريخ في الغرف الحديثة.