بين غفلة الأولياء وجهلهم
الخجل المرضي يدمر شخصية الأطفال

- 1884

الحياء صفة محمودة عند الإنسان، لكن كما تنص عليه الحكمة "ما زاد عن حده انقلب إلى ضده"، وهو الحال بالنسبة لهذه الصفة، فإذا زادت عن نسبتها العادية تحولت إلى انطواء أو ما يعرف بالخجل المرضي، وهو كفيل بتدمير الشخصية، خاصة الأطفال الذين تعد مراقبتهم من قبل الآباء ضرورة لحمايتهم من التخبط بين مخالبه.
يشكل الخجل المرضي عقبة بالنسبة للفرد، لا تتجلى خطورتها إلا بعدما يكبر الشخص، فهو سلوك يهدد "الحرية النفسية" عنده. وهو صفة يمكن التخلص منها منذ الصغر عندما يكون للطفل والدان واعيان. فمن منا لم يدخل في حوار مع طفل إلا وكانت ردة فعله الاكتفاء بالنظر والسكوت التام، مع احمرار الوجنتين، أو الاختباء وراء الأب أو الانطواء على نفسه والتلعثم، وحتى البكاء أحيانا، وأوقات يفضل الطفل فيها الموت على النطق بكلمة أمام غريب أو كبير في السن.
الخجل جزء لابد منه في الشخصية الطبيعية عند الإنسان، فهو الذي يحد من التصرفات العشوائية أو الغوغائية، ولابد من التفريق بين التصرف بما يتناسب مع الحياء، وبين الخجل المرضي. فالحياء هو ما تنص عليه الأخلاق، الدين، المبادئ، والآداب احتراما للنفس أو الغير، وهو الحرص على أداء أفعال بشكل لائق ليس فيه ما ينتقد من قبل المجتمع، فهو يساوي الأخلاق، وإذا غاب الحياء ظهرت تصرفات مستنكرة من المحيطين بنا، تدل على أن هذا الفعل غير لائق اجتماعيا ويخدش حياء الآخرين، كما أن غياب الحياء يعطي تلك الصورة السلبية عن شخصية الفرد التي تنوه بعدم احترام الذات.
وحول الموضوع، اقتربت "المساء" من بعض الأولياء لمعرفة أسباب هذا السلوك وأوضح أغلبيتهم أنهم لا يعتبرون هذه الحالة خطيرة، مبررين ذلك بأنه سلوك عابر يزول بمجرد أن يكبر الطفل، غير مدركين بأن الخجل المرضي من أكثر المشكلات التي تسبب للطفل الألم، وقد تؤثر على شخصيته، وإذا ما ترك الطفل دون علاج فإنه مع مرور الوقت وتفاقم الوضع يصبح معاديا للمجتمع الذي يعيش فيه، وقد يكره نفسه مستقبلا.
اختلفت رؤى الأولياء تجاه هذا السلوك، بين التجاهل، إلى الإحساس بأنها حالة مرضية تعود إلى مشكلات نفسية، وكلهم أمل في تخلص ابنهم من حالة الخجل تلك، في حين يلجأ البعض الآخر إلى طلب مساعدة خارجية والعثور على علاج لتلك الحالة النفسية.
من جهة أخرى، هناك من يخلط بين الخجل والحياء، وبين الخجل الطبيعي والخجل المرضي، ورغم شساعة الفرق بينهما، إلا أن البعض أدرج الخجل المرضي عند الأطفال في أنه أخلاق موروثة أبا عن جد، كما أن هناك أطفال يعاني آباؤهم من هذه المشكلة، بالتالي تنتقل إلى الابن.
وتختلف أسباب الخجل بين الخوف والتردد أو غيرها، وهي حالات للأولياء وللمحيط دخل فيها، حيث يبث سم هذا الداء في الأطفال من دون وعي، ودون إدراك لخطورته، وهنا أوضحت سهام، أم لطفلين، أنها تجد صعوبة في التعامل مع ابنها وتحديد الصواب من الخطأ في تصرفاته مند صغره، مع صعوبة توضيح الفرق بين كلمتين متشابهتين، مثل الخجل الطبيعي والخجل المرضي. مضيفة بأنه من الضروري ترك الطفل على راحته حتى تتكون شخصيته بالشكل السليم ودون تدخل الأفراد.
يقول صهيب أب لطفل، بأن التعليق السلبي على تصرفات الصغير تفقده الثقة في النفس، وبذلك تنتج عنده عقدة في الحديث أو الاحتكاك مع المحيطين به من الصغار والكبار. أما مريم، فتوضح أن ابنها يجد الراحة فقط وسط من هم في سنه، كما يتردد في الحديث مع الكبار، خاصة إذا ما وجه له حديث مباشر.