الحلاق علي مسعودان لـ ’’المساء":

الحلاقة فن متكامل تصنعه الأنامل والتكوين يرتقي بالإبداع

الحلاقة فن متكامل تصنعه الأنامل والتكوين يرتقي بالإبداع
الحلاق علي مسعودان
  • القراءات: 3509
عبد السلام بزاعي عبد السلام بزاعي

يستلهم الحرفي أحاسيسيه من محيطه ويخلق لنفسه فضاءات، يتقاطع فيها الإبداع لونا، شكلا ومضمونا، مع طموح كل مبدع، حقيقة وقفنا عليها لدى الحلاق علي مسعودان، إذ يمكننك إدراك أسرار نجاحه مباشرة لدى الوقوف على حقيقة الإبداع والحس المرهف لدى هذا الحرفي، الذي يجعل من هذه الحرفة مصدر قوت عائلته بأسعار أقل ما يمكن القول عنها، سوى رمزية. تمكن مسعودان من أن يخلق لنفسه علاقة حميمية مع المقص والمشط، شارفت على الثلاثين عاما. وكان النجاح والتألق العنوان الدائم لحرفته التي أحبها منذ الصغر.

يقول مسعودان أن أنامله الماهرة قادرة على إرضاء كل الأذواق، لأنه خلال القيام بعملية حلق الشعر، يسعى إلى إرضاء الزبون من خلال اختيار التسريحة المناسبة،  مؤكدا أنه يرد على كل طلب يجعل الزبون راض على مجهوده المتواضع، الذي يسترزق منه.

أضاف محدثنا أن الحلاقة الرجالية هي حرفته، ولم يعرف غيرها مهنة، لكنه بقدر ما كان وفيا لمصلحته بقدر ما كانت كريمة معه، ففتحت له خزائن أسرارها وعلمته كل أصولها، حتى أصبح مميزا بحي كشيدة من بين جملة الحلاقين الذين ينشطون بالمدينة، وينافس كذلك كبار الحلاقين الذين سبقوه في الحرفة، على غرار باريك، حمودي وشناف وغيرهم.

بخصوص المشاكل التي اعترضته طيلة مشواره الحرفي، وكيفيات تخطيها، أشار إلى المثابرة وحب الاطلاع على التقنيات الحديثة في الحلاقة العصرية، موضحا أنه أكدتها أحقيته في الشهادة المهنية التي تحصل عليها من مركز التكوين المهني "الشهيد أحمد حمودة" باتنة "3" بحي الشهداء، في تعلم فن الحلاقة الرجالية، مضيفا أنه تلقى تكوينا في مستوى راق ودعمه بالخبرة المهنية على مر السنين، وأصر على أن يكون حلاقا مقتنعا بفكرة رفع التحدي.

 الملاحظ عند زيارة هذا الحلاق بمحله الكائن بحي كشيدة، أنه هادئ في طبعه وراق في تعامله مع الزبون، وهو ما تجسده علاقته مع كل الفئات التي تقصده لتحليق الشعر، حيث يتعامل مع الأطفال، الشباب والشيوخ، مدركا أهمية التمييز بين التسريحات المناسبة لكل زبون. واختص في الحلاقة العصرية الرجالية وتنظيف البشرة والوجه بالخيط والشمع وتجهيز الشباب المقبلين على الزواج.

عرف مسعودان الحلاق الهادئ بحبه لفعل الخير، ولم يتجاهل الفئات الهشة والمرضى، حيث خصص فترات لهم دون مقابل، وحتى النازحين الأفارقة. موضحا أنها مبادرة إنسانية، وأنه عازم على عملية التواصل مع الزبون التي اعتبرها سر النجاح والمداومة على طلب خدماته.

فيما يخص التسريحات التي يستهويها الشباب، قال مسعودان؛ هناك العديد منها "المارينز والديقرادي" الأكثر طلبا في الوسط الشباني، وتتطلب المزيد من المهارات في التعامل مع الشعر، على عكس تسريحات الأطفال والشيوخ الذين يكتفون بتسريحات تقليدية عادية، أما عن الأسعار، فتتباين بين تسريحة وأخرى، وكلها في نهاية المطاف، غير مكلفة، كما اعتبرها، وفي متناول الشباب، ولا تعبر عن الخدمة الحقيقية للحلاق.

اعتبر محدثنا الظاهرة التي راجت مؤخرا، حول استعمال مادة "الكيراتين" بالظاهرة العادية، وتنم عن حس وذوق أي زبون، وهي ـ حسبه- عملية جد دقيقة، تتطلب توظيف المهارات لتفادي المخاطر التي قد تهدد جلدة الرأس، مضيفا أن الشباب يستهوي "االكيارتين ولو باعتبارها مكلفة، بالنظر إلى سعرها الذي يتراوح بين 5000 و6000 دينار، ويحبذ معاودتها كل 6 أشهر للمحافظة على نعومة الشعر، مع تفادي السباحة في البحر. أما تمليس الشعر أو "الديفريساج"، فهو غير مكلف ولا يتعدى سعره 700 دينار جزائري.

اعتبر من جهة أخرى، التكوين بالداعم الأساسي لكل متربص في الحرفة، داعيا الشباب الحلاقين إلى تعزيز مهارتهم بالمواظبة والاستفادة من فترات التربصات،  مضيفا أن مراكز التكوين بالجزائر، تؤدي دورها في كل المجالات والاختصاصات الحرفية باحترافية عالية، علما أن هذا الحلاق البارع، ساهم في تكوين جيل كامل من الشباب الحلاقين، الذين تلقوا عنده دروسا تطبيقية في صالونه الذي أبدع في تصميمه.

بخصوص المنافسة في الحرفة، قال مسعودان "إنها أمر طبيعي بين الحلاقين، للتنافس الشريف الذي يندرج في المقام الأول، في تطوير الحرفة، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي الذي يرتكز على تطوير وسائل الحلاقة، من حيث النشر والإعلان ومتابعة صيحات الموضة العصرية عن طريق الأنترنت والتلفزيون". واستطرد في القول، بأن الشباب الجزائري بمقدوره امتهان جميع المهن، لإثبات المهارات والكفاءات المهنية.

عن تقييمه لنشاط الحرفيين بالولاية، وتصوراته لمقومات نجاح الحرف اليدوية، قال المتحدث، صاحب الخبرة في الاختصاص، أن ثمة عوامل يجب أن تتوفر لبلوغ المسعى الحقيقي، وثمن جهود الحرفيين الذين تمت صقل مواهبهم من مراكز تكوين جزائرية.