امتهنتها النساء قديما كحرفة إبداعية
الحلاقات مدعوات لبعث التسريحات القديمة

- 847

تعتقد المختصة في الآثار، الأستاذة جهيدة مهنتل، أن الحلاقة النسوية من الحرف التقليدية، كغيرها من الصناعات التقليدية التي عرفت قديما، حسبما تم تداوله في الكتب اللاتينية، وحسبها، فإن المراجع التي تم العثور عليها مؤخرا، في مدينة جميلة الأثرية، تتحدث في أربع كتابات عن هذه الحرفة الفنية، مما يعني أن الحلاقة النسوية من أقدم الحرف التي امتهنتها النساء ولا زالت حاضرة إلى يومنا هذا، وهو ما يعكس استمرارية بعض الحرف القديمة.
أشارت المختصة في الآثار الأستاذة مهنتل، في معرض حديثها مع ”المساء”، على هامش مشاركتها مؤخرا، في ملتقى بالعاصمة حول الصناعات التقليدية، إلى أن المرأة في الفترة القديمة، كانت تمارس حرفة الحلاقة كنشاط فني، حيث تشير المصادر التاريخية، إلى أن الحلاقة كانت لا تعتبر مجرد تصفيف للشعر فحسب، إنما كان يقع على عاتق الحلاقة أو ما يسمى قديما بـ«لوغناتخيكس”، أن تضع كل مهاراتها الإبداعية والفنية في شعر من تمشط لها، لأن المرأة قديما كانت تولي أهمية كبيرة لشعرها الذي كان يعد مصدرا لجمالها، بدليل أن المرأة إذا لاحظت وجود أي خلل في تسريحة شعرها تعاقب حلاقتها بالمرآة التي تنظر إليها، بينما كان يتم معاقبة أخريات بالحرق، كونهن أخفقن في تقديم تسريحة مميزة، تقول المختصة، مما يعني أن حرفة تصفيف الشعر كانت من الحرف الفنية المهمة قديما، مشيرة في السياق، إلى أن مهمة الحلاقة في القديم، كانت تخص النساء فقط ولا تعني الرجال، وكانت من مهام العبيد أو المحررين في العائلة الثرية أو الملكية، التي تكون فيها للنساء حلاقتهن الخاصة.
من جهة أخرى، أشارت محدثتنا إلى أن أهمية الحلاقة كحرفة، لم تقتصر فقط على تمشيط الشعر، إنما وجوب وجود لمسة إبداعية وجمالية تجعل المرأة تبدو مميزة عن باقي النساء، لذا كانت لكل سيدة حلاقتها الخاصة، موضحة أنه من بين الأساليب الإبداعية التي كان يجري الاعتماد عليها لتزيين الشعر، هو الاستعانة بالشعر المستعار الذي كان يعد في شكل تسريحات مميزة، حيث كان يؤخذ الشعر الذي تصنع به مختلف التسريحات من شعر العبيد، وحسبها، فإن التسريحات في الفترة القديمة لم تكن تقتصر على نموذج واحد، إنما كان هناك عدد معتبر من التسريحات المختلفة وبألوان متعددة، وهذا ما يؤكد أن حرفة الحلاقة ليست وليدة اليوم، إنما عرفت عند الإغريق والرومان والفراعنة، وهي موجودة عندنا اليوم تحت اسم ”الماشطة” التي أصبحت ترافق العروس وتتكفل بتجهيزها.
عن حرفة الحلاقة النسوية اليوم، وما أدخل عليها من تطوير وتغيير مقارنة مع الحلاقة القديمة، أكدت المختصة في الآثار، أن جيل اليوم يضمن استمرارية حرفة الحلاقة النسوية كحرفة تقليدية، وأكثر من هذا، نلاحظ مثلا، في الدول الأوربية، وجود اهتمام بالتسريحات القديمة، من خلال الرجوع إليها ومحاولة إعادة إحيائها، وهو ما نلاحظه خاصة في تسريحات عارضات الأزياء، وحسبها، فإن حرفيات اليوم اللواتي اخترن التخصص في هذه الحرفة بالمجتمعات العربية، مدعوات إلى الاطلاع على تاريخ الحلاقة النسوية، والتعرف على مختلف النماذج والأشكال، ولما لا إعادة إحياء بعض التسريحات بلمسة عصرية، كما يحدث في اللباس التقليدي.