عادات وطقوس سكيكدية تأبى الاندثار

"الحلاب" و"الكرطوس المنشور" و"السسنو" لعلاج عدة أمراض

"الحلاب" و"الكرطوس المنشور" و"السسنو" لعلاج عدة أمراض
  • القراءات: 695
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

ما تزال العائلات السكيكدية متمسكة بالعديد من العادات والتقاليد الموروثة عن الأجداد، خصوصا في كيفية إعداد بعض الأطعمة التقليدية التي أبت أن تندثر، بعد أن أضحت علامة مميزة تشتهر بها العديد من مناطق الولاية، خصوصا الداخلية منها. في هذا الموضوع، ارتأت "المساء" العودة إلى هذا الموروث الذي تزخر به هذه المنطقة، ومن ذلك ما يلي:

"الحلاب" لصناعة الزبدة الطبيعية ببني زيد

من بين ما توارثته العائلات ببلدية بني زيد، الواقعة غرب عاصمة الولاية بالمصيف القلي، طريقة إعداد الزبدة التقليدية، التي تستعمل فيها أدوات مستمدة هي الأخرى من الطبيعة، منها "الحلاب" أو "الزواش""الحلابة" هو إناء مصنوع من الطين، يوضع بداخله الحليب المخمر أو كما يعرف بـ«الرايب"، تقوم ربة الأسرة بإعداده بعد حلب البقرة، وبعد وضعه في الحالب، يُشرع في رجه لفترة من الزمن، حتى تتشكل قطع الزبدة الطبيعية، لتوضع بعدها في إناء أغلبه من الفخار أيضا.

وحسب عادات المنطقة، تقدم الزبدة التي تنزع من "الحلاب" مع "الكسرة" التي يتم إعدادها بالطريقة التقليدية، من خلال طهيها على نار الحطب، وعلى "طاجين" مصنوع أيضا من الطين، فيما تعد "الكسرة" أو "الرخسيس" عند بعض أهالي منطقة القل، بزيت الزيتون، مما يكسبها طعما مميزا، لتقدم بعدها الزبدة واللبن والكسرة للأكل، إما عند الإفطار في الصباح، أو عند الغذاء، فيما تقدم عند بعض الأسر مع "البراج"، وهي الكسرة المصنوعة بالتمر المعجون، أو كما يسمى بـ"الغرس".

"الكرطوس المنشورة" علامة مميزة لمنطقة لعوينات

إلى جانب الطريقة التقليدية في إعداد الزبدة بمنطقة بني زيد، وفي العديد من مناطق الجهة الغربية من الولاية، التي ما يزال سكانها يحافظون على موروث الآباء، ما يزال سكان منطقة لعوينات المتواجدة أقصى غرب سكيكدة، بالمصيف القلي، والتابعة إقليميا لبلدية خناق مايون، يحتفظون بطريقة الأجداد في إعداد ما يعرف بـ«الكرطوس المنشورة"، أو كما يعرف أيضا بـ«الكرموس".

تنطلق عملية جني "الكرموس" في شهر سبتمبر، وبعد أن يتم جمعها في سلال، تشرع العائلات بفتحها، ثم نشرها في الشمس حتى تصير رطبة بعض الشيء، لتقوم ربات الأسر بتفويرها على النار، وبعدها دهنها بزيت الزيتون، حتى تكون بعدها جاهزة للأكل، ويؤكد لنا سكان المنطقة، بأن "كرطوس المنشورة" يعد من بين أهم الفواكه التي تعتمد عليها الأسر في منطقة لعوينات في علاج العديد من الأمراض، تماما كما كان يتداوى به الأجداد، حيث كانوا يستعملونه في الطب البديل، من خلال علاج العديد من الأمراض، منها معالجة داء السكر في الدم، تعزيز صحة القلب، كما يمنح العظام قوة، ويستعمل في علاج الحمى ومشاكل الجهاز الهضمي، وعلاج التهاب القصبات الهوائية، وغيرها من الأمراض.

فاكهة "السسنو" علاج لعدة أمراض

أما بمنطقة خناق مايون، غرب سكيكدة في المصيف القلي، فإن العديد من العائلات لاتزال إلى يومنا هذا تستعمل الكرز البري، أو كما يعرف بنبتة "القطلب"، أو كما يعرف باللهجة المحلية بفاكهة "اللني" البرية، أو باللهجة الأمازيغية عند أهالي المنطقة بـ«السسنو"، في صناعة المربى التقليدي على طريقة الآباء، وكذا استعماله في علاج العديد من الأمراض، كالأكزيما المرتبطة بالنقرس، مرض وآلام الروماتيزم، وآلام المفاصل، خاصة المفاصل الكبيرة، كالركبة والمرفقين، كما تستعمل في علاج آلام الظهر ومشاكل البول المتقدمة المتعلقة بالمثانة والبروستات، ويستعمل أيضا في إنتاج العسل المُر المرتبط بهذه الشجرة، والذي يكثر الطلب عليه، نظرا لفوائده الصحية.

تبدأ عملية جني هذا المحصول الذي هو عبارة عن فاكهة حمراء، تشبه "الفراولة"، حلوة المذاق، في أواخر شهر نوفمبر وبداية شهر ديسمبر، وتتميز بحجمها المتوسط وجمالها الرائع، حيث يصل علو الشجرة إلى أكثر من 10 أمتار، دائمة الخضرة، تتواجد مع أشجار السندان والبلوط، تبدأ ثمارها بأخذ اللون الأزرق، ثم الأخضر، فالأصفر إلى أن تصير خلال فصل الشتاء عند النضج حمراء قرمزية، وإلى جانب جمالها، فهي غنية بفيتامين (س)، كما أن طعمها مزيج بين الكيوي والكرز وبرتقال المندرين. للعلم، فإن المنطقة تزخر بثروة غابية، تتشكل في معظمها من هذا النوع من الأشجار المتواجد بكثرة في المنطقة، والمقدرة بأكثر من 70 بالمائة من المساحة الغابية.