يلقن حكما ودروسا عبر رواياته

"الحكواتي" شخصية شعبية تعود لتلعب دور المعلم

"الحكواتي" شخصية شعبية تعود لتلعب دور المعلم
"الحكواتي" شخصية شعبية تعود لتلعب دور المعلم
  • القراءات: 2174
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

نوه علي صفصاف، رئيس رابطة تنشيط أوقات فراغ الشباب، بالدور الكبير الذي كان يلعبه الحكواتي قديما، حيث كانت له مساهمات عظيمة في تربية الطفل وتلقينه بعض أسس الحياة، وغرس قيم تثري شخصية الفرد وتنمي فكره لدى مختلف فئات المجتمع، من خلال حكم ومواعظ يمررها في شكل رسائل عبر حكاياته التي تحمل معاني، وروايات تنشر الخير وتبين حكم الشر وعاقبة الأشخاص السيئين..

أوضح المتحدث أن الحكواتي شخص كان له دور هام في قص الروايات وإثارة فضول المارة للاستماع إليه، إذ ينشط حلقات في أماكن عمومية، كالأسواق والشوارع، يتميز بالحكمة في سرد معظم رواياته عبارة عن أساطير، منها العربية والعالمية...

أوضح المتحدث أن تلك الحقبة خلدت من خلال بعض الرسوم المتحركة الكلاسيكية التي استنبطها منتجو تلك الأفلام من "ألف ليلة وليلة"، والتي كانت تجمع الكبير والصغير للاستمتاع بها، مضيفا أن شخصية الحكواتي تمتاز بالخبرة والمهارة في سرد الروايات، إذ يتوقف عند نقطة حساسة في القصة إلى اليوم التالي، وهذا ما يجعل الجمهور ينتظر بشغف وشوق معرفة التفاصيل وبقية "الحبكة" بلهفة، ويزيد من طول الانتظار. كان جمهور أيام زمان يجلس حول الحكواتي في المقاهي والأسواق، والشوارع والخيم الرمضانية، وقتها لم يكن التلفاز والراديو منتشرين كما هو حاليا، وهذا ما كان يجعل من الحكواتي يلعب دور المعلم والمربي وسط المجتمع.

إن الحكواتي في الجزائر لم يكن رجلا مجهولا يجمع الناس ويسرد حكاياته على المارة، بل كان للجد أو الجدة ذلك الدور، وحتى بعض المعلمين والأساتذة الذين يشكلون حلقات لأطفال في بعض المناسبات لرواية قصة ذات معنى،  وتحمل حكمة عادة ما يطلب من الطفل استخلاصها لضمان تلقيه الدرس الذي يقدم له من خلال استماعه واستمتاعه بتلك القصص.

اليوم ـ يضيف المتحدث ـ بدا الحكواتي يختفي وبدأت تلك الحلقات للأطفال هي الأخرى تختفي، لتعوض التكنولوجيات الحديثة والهواتف الذكية، ذلك الحكواتي الذي كان ينمي تفكير الطفل ويمده بقيم نبيلة تبني له شخصية سليمة، على عكس تلك التكنولوجيات التي عنفت أطفالنا وجعلت تفكيرهم كالآلات التي لا إحساس لها يقول رئيس الرابطة. 

أعلن رئيس رابطة تنشيط أوقات فراغ الشباب أنه لإعادة الاعتبار للحكواتي وتعريف جيل اليوم به، وتقديم الدور الذي كان يلعبه، تحاول الرابطة في كل مناسبة تنظيم ورشات لأطفال، ينشطها شخص له أسلوب القص وينجح في استقطاب تركيز الطفل وانتباهه، ليستلهم طفل اليوم من خبرة جيل آخر، بسبب ما خلفته تلك التكنولوجيات، إذ أصبح الطفل يبحث عن تلك الأساليب التي تسهل له الحياة من خلال ألعاب إلكترونية، والغوص في عالم وهمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ذكر أن الهدف من إعادة الاعتبار لتلك الشخصية الشعبية، هو إعادة بعث الدور الذي كانت تلعبه وسط المجتمع بالنظر إلى دوره التقليدي المحبب لدى الكبار والصغار، لأنها قصص حماسية يقتبسها الراوي من الحقيقة والخيال معا، ليجسد بالصوت والصورة إحدى الملاحم التاريخية المليئة بالبطولة والمغامرات، والتي كثيرا ما تنتهي بانتصار الخير والقضاء على الأشرار والمجرمين.