الدكتور ابراهيم بوزيداني لـ "المساء":

الحصانة النفسية من الفيروس المعنوي ممكنة وأكيدة

الحصانة النفسية من الفيروس المعنوي ممكنة وأكيدة
  • القراءات: 2615
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

أكد الدكتور ابراهيم بوزيداني، أخصائي في السلوك التنظيمي ومحاضر في علم النفس بجامعة اسطنبول، ممارس بمستشفى نرمي عالم بتركيا، في تصريح لـ"المساء"، أنه يمكن السيطرة على حالة القلق التي تميز هذه المرحلة، والتخلص من الفيروس "المعنوي"، كما تطرق إلى آليات التعامل مع الاضطرابات النفسية خلال فترة الحجر، انطلاقا من الذات والمحيط الأسري والعام، مع عرض سيكولوجية الإنسان في زمن الأوبئة بين الاضطراب النفسي والتأقلم السلوكي، موضحا أن سيكولوجية الجيل الجديد تكون نتيجة للأساليب النفسية والفكرية التي يتم اعتمادها في التعامل مع هذا الوباء، ومنه فإدارة هذه الأزمة في شقها النفسي مهم جدا للتوجيه السلوكي والفكري المستقبلي لأفراد المجتمع.

أوضح الدكتور أنه خلال فترات الوباء، يصاب البعض بالمرض، أي الداء، لكن الكل يصابون بالخوف، الهلع، القلق واللايقين، مصداقا لقوله تعالى "ان الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا"، مضيفا أن القلق والخوف ينتقلان من شخص لآخر بشكل فردي حتى يسيطران على الجماعة إلى أن يصل إلى البلاد. ومنه فإن لكل فيروس مادي فيروس معنوي، وهذه الحالة السيكولوجية هي الوباء التي يعيشها الناس.

قال الدكتور؛ إن الخوف من المجهول، وخوف الناس على أعمالهم ومصادر رزقهم، إلى جانب الخوف من الحدود الزمنية للمرض، وعدم وجود الثقة بين الشعوب والأنظمة ومؤسساتها الخدماتية، كلها عوامل تزيد من القلق وتخلق دوائر خلاف شديدة بين الشبكات، لذا لابد من الانضباط وتجاوز الخلافات مهما كانت.

أشار الدكتور بوزيداني، إلى أن هذه المعطيات تدخل الفرد أو تدفعه للانعزال، وقد تظهر مشاكل جديدة وهي نتاج الفيروس النفسي أو البعد النفسي للوباء، إذ ينتج عن هذا الانعزال تبعات نفسية، وهي القلق بكل أبعاده، ورغم أنه حالة نفسية يعيشها الإنسان إلى حد ما، لكن التمادي في التعاطي معه، قد يجعل الناس يدخلون في مشاكل قد تكون خطيرة، ويضيف "يقول أهل الاختصاص أن القلق هو بوابة الأمراض النفسية، وإذا تفاقمت حالة الهلع والقلق قد ينتج حالات نفسية واضطرابات حسب الاستعدادات النفسية للشخص".

تطرق الدكتور إلى أهم علامات القلق قبل أن يتحول إلى مشكل نفسي عويص، والتي تتمثل في الجسدية وهي الصداع، صعوبة التركيز، الأرق وألم في البطن. أما النفسية فهي تلك العصبية غير المبررة، صعوبة التركيز، التعب، مشاكل النوم ونبه الدكتور إلى ضرورة القضاء على القلق من أصوله، أي التصدي له بمضاده  قبل أن يدخل أنفسنا ويسيطر عليها، ويفتح الباب لإشكاليات نفسية متعددة، على غرار الوسواس القهري أو توهم المرض.

العلاج النفسي للحالة 

فيما يخص طريقة التصدي والعلاج، أكد الطبيب المعالج، أنها تتمثل في تفكيك قنبلة القلق من خلال تحطيم أساسها الفكري، مع إعطاء النفس والجسد استرخاء وراحة. وأوضح الدكتور أنه يستوجب على الشخص في باب التعاملات مع الحالة، جعل قرار العزل فرديا، ذاتيا، والتعامل مع الوباء المادي وتبعاته النفسية بمنطق الابتلاء، مع الحفاظ على منظومة القيم والمعايير الأصلية، أي البعد الروحي من خلال الصبر، الثبات، الاحتساب، اللجوء إلى الله تعالى والدعاء والتكافل.

أوضح الأخصائي أن المحافظة على الجسد تتم من خلال إعطائه الراحة الكافية، ممارسة حركات ونشاط رياضي خفيف، الأكل الصحي، وتجنب الجلوس كثيرا أمام الشاشات الإلكترونية.

فيما يخص طريقة المحافظة على النفسية، قال الدكتور بوزيداني، إنها تتم من خلال الحفاظ على النشاط الروتيني الحيوي، تقليص متابعة الأخبار من خلال تحديد وقت معين لها، الانشغال بأنشطة معينة والتركيز على الأفكار الإيجابية، رسم مشاريع مستقبلية للأحسن، وحيال باب التواصل مع الغير، قال الدكتور بوزيداني "تواصل مع غيرك من خلال الوسائل الافتراضية، وحاول مساعدة الغير من خلال الاطمئنان عليهم، وقدم لهم الدعم النفسي من خلال تذكيرهم بالإيجابي". 

أشار الدكتور إلى أن الإحسان للوالدين ضرورة، يقول "التعامل مع بركة الأرض الآباء والأمهات، من خلال الالتزام بطاعتهم وقضاء حوائجهم وتوعيتهم برفق، وأكد الدكتور أنه لزام عدم تصديق خرافة الكبار يموتون أولا، لأن الأعمار بيد الله تعالى.

أوضح الدكتور ابراهيم بوزيداني أنه خلال هذه الفترة، يمكن لعب دور تربوي من خلال توعية الأطفال بقصص الماضي، وكيف تحدوا المتاعب من خلال حكايات من التراث، مؤكدا أن الأطفال يأخذون دلالاتهم الشعورية من البالغين، لذلك علينا مراعاة هذه الحساسية من خلال انضباطنا الانفعالي. وشدد الأخصائي على أهمية الاستماع للطفل اذا أراد التعبير عن مشاكله أو مخاوفه، مع تشجيعه والإغداق عليه بعبارات الثناء وإعطائه فرصة قضاء وقته بحرية.

أوضح الأخصائي النفسي والسلوكي أنه يمكن مساعدة الابن على تنظيم وقته بفعالية، من خلال جعل الصلوات الخمس كفاصل للأنشطة، مع تخصيص وقت للأذكار صباحا ومساء بصفة جماعية، وقراءة القرآن الكريم وحفظه، إلى جانب قراءة قصص ما قبل النوم، وأكد الدكتور بوزيداني، أهمية شرح الأحداث للأطفال بكل بساطة دون نشر أو تداول للإشاعة.