بعد رفع الحظر عن صيد "الذهب الأحمر"

الحرفيون ينعشون سوق الحلي المرجانية

الحرفيون ينعشون سوق الحلي المرجانية
  • القراءات: 1121
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
يتحمس العديد من الحرفيين في صناعة المرجان، لاقتراب الموعد المرتقب لاستئناف صيد هذا الذهب الأحمر الذي تم حظره في الجزائر سنة 1998، بسبب الاستنزاف الذي شهدته هذه الثروة العضوية، ومن بين هؤلاء الحرفية حورية إيتيم من ولاية الطارف.
تمكنت الحرفية حورية وزوجها اللذان يعملان جنبا إلى جنب منذ 21 سنة، من أن يصبحا خبيرين في هذه المادة العضوية الثمينة التي تعتبر من أشهر الأحجار الكريمة، مما جعل اسم الذهب الأحمر يطلق عليها، فبفضل خبرتهما الواسعة، تمكنا من الفصل بين أفضل النوعيات، حيث تقول حورية؛ «أفضل في ألوان المرجان؛ الأحمر الفاتح أو الدموي الغامق، وقد تتدرج ألوانه إلى اللون الوردي أو الأبيض الخالص، لكن أشهره الأحمر الدموي الذي يشهد إقبالا منقطع النظير بفضل جماله الفريد».
شاركت الحرفية في العديد من المعارض عبر 48 ولاية، مع 7 مشاركات في مقام الشهيد و9 مشاركات في قصر المعارض، إلى جانب معارض دولية، على غرار دبي والبحرين وفرنسا.
تمتاز ولاية الطارف بثروة بحرية تتمثل في المرجان الأحمر الذي يستخدم في صناعة المجوهرات والحلي التقليدية التي كثيرا ما ترفق بمادة الفضة، مما يزيدها جمالا وروعة، وهذه المادة غنية بالكالسيوم يفرزها حيوان المرجان في شكلها الأحمر الدقيق والشائك المألوف الذي يأخذ هيئة شجرة.
وتشير الحرفية في حديثها لـ«المساء»، إلى أن هذه الحرفة في الجزائر منتعشة لكنها لا تزال تشهد بعض العراقيل، وهي منع صيد هذه المادة الأولية، مما يدفع بالحرفيين إلى شرائها من المزاد العلني بعد حجزها من طرف الجهات المعنية، حيث تباع بأثمان جد مرتفعة، وهو الشيء الذي يفسر ارتفاع أسعار هذه الحلي التي يعزف البعض عن اقتنائها بسبب غلائها، وإذا غاب المرجان في المزاد العلني فإننا سنوقف نشاطنا لانعدام المادة».
تم فرض الحظر على صيد المرجان سنة 1998 لحمايته، حيث كانت هذه الثروة مستهدفة من قبل المهربين نحو إيطاليا وتونس بسبب قيمة سوق المرجان. وتقول الحرفية بأنه من الضروري صياغة خطة فعالة وصارمة قصد السماح للخبراء والحرفيين رسم الحلي مع فرض المراقبة على الهواة والمهربين الذين يجهلون كيفية صيد هذه المادة العضوية التي كثيرا ما يستنزفونها ويتلفونها، مما يجعلها غير قادرة على الإنتاج أو النمو في فصول أخرى. هذا ما تم رصده في الفترة ما قبل الحظر المفروض على هذه الثروة الثمينة، لاسيما أن المرجان يحتاج إلى سنة كاملة ليزيد طوله من 3 إلى 6 سنتيمترات فقط.
للإشارة، قامت الجهة الوصية  بتقييم تطور المرجان ونموه على مستوى البحر الأبيض المتوسط، وأوحى خلاله المختصون بحالته الجيدة والإيجابية التي تسمح بإمكانية صيده واستغلاله ومشاركته في دفع التنمية الاقتصادية المحلية. وترى الحرفية أن رفع هذا الحظر الذي تم مؤخرا، سيفتح آفاقا لتعليم العديد من الشباب هذه الحرفة التي استعادت شعبيتها في السنوات الأخيرة.
من جهته، يشقول السيد أيتيم زوج حورية، بأن سوق المرجان يشهد هو الآخر التقليد، حيث يسعى البعض من الهواة إلى الكسب بالغش عن طريق استعمال مادة البلاستيك ونقشها على شكل أشواك مرجانية ويجري بيعها بسعر المرجان، مما يستدعي تدخل الجهات المعنية لردع هذا الغش الذي يؤثر على المجوهرات الأصلية بشكل كبير ويؤثر على سمعة حلي بعض الورشات المعروفة، ولعل ما اهتدى إليه الغشاشون مؤخرا، يضيف محدثنا «أخذ أحجار البحر المتواجدة على الشواطئ وصقلها بأشعة الليزر، مما يعطيها اللون الأحمر الذي يعرف به المرجان، ونحتها على شكل أغصان مرجانية دون قيمة. ويمكن للخبير فقط معرفة أصالة المرجان عن طريق حرقه، فإذا كان من البلاستيك فإنه سيذوب، وإذا كان من الحجر سيأخذ اللون الأبيض، في حين أن المرجان الحقيقي يأخذ اللون الأحمر البرتقالي عند حرقه.
ويحدثنا الحرفي ايتيم عن أهم الخطوات التي تمر بها صناعة المرجان داخل الورشة فيقول؛ «أول مرحلة تتمثل في النحت، حيث نأخذ المرجان خاما ونعطيه أشكالا مختلفة لرصعه على الحلي الفضية غالبا، على غرار العقد، الخواتم، الأساور وحلق الأذن، وهذه الأشكال تختلف بين الزهرة أو الخامسة أو دوائر كلاسيكية أو نتركه على شكله الخام..، وفي مرحلة ثانية نضع هذه الأشكال داخل برميل التلميع لمدة 48 ساعة لتثبيت ودعم لمعانه وبريقه، ثم ترطب وأخيرا ترصع فوق المجوهرات».
يتطلب المرجان عناية خاصة، لأنه حسب محدثنا، من الأحجار اللينة والحساسة لدخول مادة «الكلس» في تركيبتها. لذا ينبغي لمن يقتنيها المحافظة عليها بإبعادها عن الصابون أو العرق أو الخل والليمون، لأنها مواد تتفاعل مع الكالسيوم، ويتم حفظها داخل قطعة قطن أو قماش نظيفين في علبة مجوهرات.
للإشارة، يتم الاحتفال في شهر أوت من كل سنة بعيد المرجان، بتنظيم مهرجان وعروض للمجوهرات المرجانية التي تستقطب أكثر من 3500 زائر منذ سنة 1990.