مطلوبة بقوة
الحرفية مريم سعيداني تعيد مجد قندورة التل العنابية

- 81

كانت حرفية اللباس التقليدي ابنة عنابة، مريم سعيداني، اختصاص الطرز بالتل، العدس، الكنتيل، الفتلة، وغرزة الحساب وكلّ ما هو تقليدي، من بين المهنيات اللواتي شاركن في ملف "الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير: معارف ومهارات متعلقة بخياطة وصناعة حلي التزين" الذي صادقت عليه اليونسكو وأدرجته ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في ديسمبر 2024، كما عرّفت السيدات على ماهية هذه الغرزة العريقة، التي تشتهر بها عنابة دون ولايات الوطن، وعلى خصوصياتها، وشاركت أيضا في ورشات تكوينية لتعليمها للسيدات والفتيات بالعاصمة، اللواتي تعرّفن عليها لأوّل مرة خلال مهرجان الزي التقليدي الجزائري، مؤخّرا.
تقول مريم سعيداني لـ«المساء" "أركّز في عملي على غرزة التلّ، التي أحبّ العمل عليها بشدّة، إذ تعتبر رمزا لولاية عنابة، فهي مطلوبة بقوّة في المنطقة، وقد كانت كبيرات السن تعملن عليها بكثرة، في وقت سابق، لكن خلال السنوات الأخيرة تراجع الإقبال عليها، ونقص حضورها، لاسيما وأنّها غرزة مميّزة ولها خصوصياتها، إذ تحتاج للتدقيق في الطرز والنظر الجيّد".
وحيال تسجيل غرزة التل باليونيسكو، قالت الحرفية سعيداني "حضر وفد من وزارة الثقافة وسجّل مع حرفيات الشرق الجزائري الكبير، منهن الخياطات بعنابة اللواتي تحدّثن على الفتلة والعدس والكنتيل، وشخصيا تحدّثت عن التل وأظهرت كلّ خصوصياته وجماله، كيف يصنع، وطريقة نقل الرشم على القماش، علما أنّ إبرته تختلف عن الإبر الخاصة بالطرز، وبعد عام تمّ تسجيل الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير، من بينها غرزة التل العنابية، وهذا الأمر أسعدني كثيرا".
أكّدت الحرفية أنه في السابق كانت "بنات البلاد" (أي بنات عنابة)، يتحكّمن في صناعة التل و«العكسة" (البنيقة) التي يتم ارتداؤها على الرأس، لكن بعد التصنيف زاد الإقبال على التلّ وأصبحت قندورة التل مطلوبة بقوّة، وتقول "اجتهدنا فيها بعد الطلب الكبير الذي أصبح عليها بعد التصنيف، ففي السابق كانت قندورة التل تصنع من خيط الفضة، والآن تصنع بالخيوط المذهبة، علما أنّ الإبرة الخاصة بها كانت في السابق تصنع من الذهب عند "الصايغي"، وتختلف عن الإبر الأخرى لكونها مسطّحة من فوق ومن تحت، وحادة في الرأس ولها ثقبان من فوق حتى يمر السلك المعدني المسطح الذي تصنع منه غرزة التل".
أوضحت سعيداني أنّ غرزة التل، عرفت في أواخر السبعينات مع عائلة بن يونس التي عملت على صنع قندورة التل، ولاقت إقبالا كبيرا في عنابة لكونها تزيد المرأة جمالا، وتقول "كان الخيط في السابق من حديد حتى أنّه كان يتسبّب في جرح الأصابع عند قطع الخيط، إلاّ أنّ الإبرة تغيّرت، فقد أصبحنا نصنعها من الفضة أو النحاس وبدل التسطيح بأصابعنا بتنا نقوم بعماية التحديد من الظهر، لتفادي جرح الأصابع".
وأضافت "لقد كان لي شرف المشاركة في المهرجان التقليدي للحفاظ على الموروث الثقافي، وشاركت من خلال ورشات التكوين في غرزة التل والعدس والكنتيل، واكتشفت أنّ العاصمة لا تعرف غرزة التل، وقد عرفت عليه زوّار المهرجان خلال الأربع أيام من عمره وقد علّمت الكثير من الفتيات والسيدات ابتداء من 14 سنة وحتى الكبيرات في السن، ورئيسات جمعيات أتين لتعلّم هذه الغرزة وتعليمها".