رشيد زياني نحات الخشب لـ "المساء":

الحرفة مهدَّدة بالزوال، ودعم الدولة ضروري لحل مشكل التسويق

الحرفة مهدَّدة بالزوال، ودعم الدولة ضروري لحل مشكل التسويق
رشيد زياني نحات الخشب
  • القراءات: 605
س. زميحي س. زميحي

أكد الحرفي رشيد زياني من منطقة معاتقة بولاية تيزي وزو الذي يمتهن نشاط النحت على الخشب، أن هذه الحرفة مهددة بالزوال في ظل عزوف الكثير من الشباب، اليوم، عن ممارستها نظرا لصعوبات عملية النحت من جهة، وقلة الدعم من جهة أخرى، تضاف إليها معضلة التسويق، التي تبقى مشكلة عويصة تواجه الحرفيّين، مناشدا السلطات العمومية إعطاء أهمية للصناعات التقليدية والحرف، والعمل على دعم وتشجيع الحرفيين للاستمرار في ممارسة الحرفة؛ ما يسمح بحمايتها، وضمان نقلها للأجيال الناشئة.

قال النحات إن الحرفي يعاني من مشاكل وعقبات كثيرة منها مشكلة التسويق؛ حيث لا يوجد مكان يقصده كلما أراد عرض منتجاته، موضحا أنه لا يوجد مكان يتجاوب مع ما يطمح إليه. وفي كل مرة يختلف المكان؛ ما يتطلب مصاريف أثقلت كاهله، باعتبار أن عملية النحت باليد تتطلب وقتا. وعند المشاركة في المعارض يضطر الحرفي لكراء الجناح الذي يعرض فيه، ليجد نفسه يواجه مصاريف تفوق ما جناه، داعيا الدولة إلى التدخل، وإعطاء دفع للحرفيين بدعمهم وتشجيعهم لحمايتهم وحماية الحرفة من الزوال.

المصاريف تكسر العزيمة

أوضح المتحدث في السياق، أن في الماضي عند اختتام المعارض، كان يوزَّع مبلغ مالي على الحرفيين لتشجيعهم على ممارسة نشاطهم، لكن، حاليا، يطلب المنظمون من المشاركين مبلغا باهظا جدا يفوق أحيانا قيمة السلع التي يشاركون بها؛ ما يخلق عجزا، وأحيانا يكسر عزيمة المواصلة، مؤكدا أهمية التفرقة بين الحرفي والتاجر؛ فالأول يبدع ويصنع أغراضا مختلفة ويبيعها، والثاني يشتري الأغراض ويبيعها كنشاط تجاري، مثلها مثل باقي المواد والمنتجات؛ ما يجعل الأرباح تختلف عند الطرفين. وأعقب أنه طلب من غرفة الحرف والصناعات التقليدية للولاية، منحه معدات صغيرة يحتاجها في ممارسة حرفته، لكن "لا حياة لمن تنادي!"، في حين قال بخصوص المادة الأولية، إنه يوفرها من الحقول والغابات، ومن محلات النجارة، ليحوّل بقايا قطع الخشب إلى أغراض مختلفة بمنزله العائلي، والإبداع الذي يتطلع لأذواق الزبائن.

35 سنة خبرة، ورغبة في تعليم الحرفة

ذكر السيد زياني أنه بدأ ممارسة حرفة النحت على الخشب في سن مبكرة، ولم يأت النحت صدفة، بل ورثه عن العائلة؛ إذ كان جده حرفيا في النحت تتلمذ على يده، ثم أخذ يداعب بقايا قطع الخشب؛ في محاولة منه لصناعة أغراض مختلفة منها الأقلام. وشاءت الأقدار أن تتحول المحاولة إلى ممارسة النحت. واستطاع مع بدايته الأولى، التوفيق بين الدراسة والحرفة باستغلال وقت فراغه للنحت، ليبدأ في خوض المجال الذي سيطر على عقله ووقته وفكره، ليكون يومه مخصصا كلية للنحت دون سواه. وشرع في صناعة صناديق، وإطارات، وديكورات تقليدية وغيرها، وأصبح له زبائن من كل مكان، وتكونت لديه خبرة عمرها يزيد عن 35 سنة. وأشار النحات إلى أن الطلب على الخشب المنحوت ازداد بقوة مؤخرا. ويسجل طلبيات من 48 ولاية وحتى خارج الوطن. ويقول: "هناك من يعطي قيمة للأغراض التقليدية المعروضة"، موضحا: "رغم التطور التكنولوجي وتعويض الآلات اليد إلا أن النحت باليد يضفي عليها طابعا تقليديا أصيلا".

الشباب يفتقدون للصبر

وذكر الحرفي أن إبداعه بلغ نحت آلات موسيقية وأغراض مختلفة، حيث يجد الزبون ما يبحث عنه في هذا المجال، مضيفا أنه يقضي ما بين يوم إلى يومين لنحت غرض بحب وإتقان؛ ما جعل زبائنه ممتنين لعمله. وأشار إلى أنه يبحث عن شباب لتعليمهم تقنيات الحرفة؛ بغية الحفاظ عليها ومنع زوالها، متأسفا لكون شباب اليوم يجدون مراحل نحت الخشب صعبة ولا يملكون الصبر لقضاء ساعات في النحت، موضحا أن الشباب يتحججون بأن العامل يأخذ أجرة يومه 1500 دينار، في حين نحات الخشب يقدم وقته وصبره لصناعة غرض ليبيعه في الأخير بـ 2000 دينار؛ ما جعل الكثيرين يقومون بعمليات حسابية قبل خوض المجال، على اعتبار أن العائدات من ممارسة أي نشاط أو مهنة بالنسبة للبعض مهمة، يضيف الحرفي، "لكن لا يجب النظر إلى المال فقط؛ لأن الحرفة إرث، وصل إلينا بممارسته من طرف الأجداد، مما يتوجب العمل على حمايته".

وعبّر الحرفي عن آماله في بذل الحرفيين والدولة مجهودات في سبيل الحفاظ على هذه الحرفة وحرف أخرى عبر نقلها للغير، مثنيا على قرار الدولة مساعدة الحرفيين المتضررين من كوفيد 19، ومؤكدا استفادته كغيره من المنحة، مستنجدا بالسلطات لتطوير الحرف والصناعات التقليدية، التي من شأنها تطوير الاقتصاد، وتوفير يد عاملة عبر تسهيل محيط وجو العمل للحرفيين.