أزمتان صحية واقتصادية عقدت الوضع

الحرف التقليدية مهددة بالزوال

الحرف التقليدية مهددة بالزوال
  • القراءات: 825
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تضرر قطاع الصناعات التقليدية في الجزائر بسبب انتشار جائحة "كوفيد19"، نتيجة ارتباطه بقطاع السياحة بشكل مباشر وتراجع عدد السياح، إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للزبون المحلي، مما جعله يعزف هو الآخر عن اقتناء تلك القطع، باعتبارها من الكماليات، لاسيما أن تداعيات هذه الأزمة غير المسبوقة، والتي ضربت القطاع، ويمتد تأثيرها على المدى البعيد، نحو اندثار بعض الحرف والمهن الصعبة والمتميزة في الجزائر.

يشهد العالم أزمة اقتصادية وصفتها البنوك المركزية العالمية  بـ"غير المسبوقة"، عمقتها تداعيات الأزمة الصحية، بسبب تفشي فيروس "كورونا"، لم تستثن قوة ولا تطور بلد معين. هذا الوضع أثر بشكل كبير على جميع القطاعات، وأرهق أكثرها هشاشتها، وكان تأثيرها أيضا على قطاع الصناعات التقليدية، الذي يعد أحد أوجه القطاع السياحي، الذي مع غلق الحدود القارية توقفت الحركة، بالتالي تراجع نشاط ذلك القطاع، وهو ما حدث كذلك في الجزائر، رغم اعتباره أحد القطاعات الحيوية التي عملت الحكومة خلال السنوات الأخيرة التي سبقت "كورونا"، على إنعاشها وإعادة بعث النشاط فيه، من خلال تشجيع تنظيم معارض خاصة بالحرفيين عبر ربوع الوطن. لمعرفة مدى تأثر هذا القطاع بتداعيات "كورونا"، انتقلت "المساء" إلى معرض الصناعة التقليدية ببلدية الأبيار بالعاصمة، حيث أجمع المشاركون هناك، من مختصين في صناعة النحاس، النقش على الخشب، صناعة الحلي، الطرز التقليدي وغيرها من الحرف، على أن الصناعة التقليدية اليوم تساهم بشكل جيد في الناتج الداخلي الخام، نظرا لارتباط قطاع الصناعة التقليدية بالقطاع السياحي.

وقد بدى ذلك المعرض خلال تجوالنا به، شبه خال من الأشخاص، إذ كانت الحركة تقتصر على التجار هناك، أو بعض المارين بالمكان، البعض منهم لا يلتف حتى نحو تلك الخيمات التي نصبت هناك، لاسيما أن هؤلاء الذين كانوا زبائن قبل الأزمة، باتت لديهم أولويات أخرى، بعدما تراجعت قدرتهم الشرائية، في ظل ارتفاع سعر المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، وأرهقت جيوبهم المتواضعة. أبرز حرفيو المنتوجات التقليدية هناك، أن القطاع اليوم يشهد نكسة حقيقية، في ظل الأزمة الصحية التي رافقتها أخرى اقتصادية، غيرت موازين القوى بين القطاعات. وهو ما أكده رؤوف، مختص في صناعة الدوم، قائلا: "إن الوضع اليوم كارثي للغاية، وما يعيشه الحرفي جراء ذلك صعب أيضا، لاسيما في ظل الطروف الراهنة، الأمر الذي يهدد باختفاء العديد من الحرف وتحول أصحابها نحو قطاعات أخرى، لسد الثغرات المالية التي يعانيها".

من جهتها قالت كهينة، مختصة في صناعة الحلي التقليدي، أن أكثر زبائنها قبل الأزمة كانوا من أصول أجنبية، أكثرهن طالبات جامعيات أجنبيات، مضيفة أنه: "بسبب الأزمة الصحية العالمية وقرارات الإغلاق وتعليق الرحلات الجوية، خسرنا السياح الأجانب، سواء القادمين من الدول العربية أو مختلف أنحاء العالم، ولم يتبق سوى الزبون المحلي الذي بدوره، تراجع عن اقتناء القطع التقليدية التي تعد بعد كل شيء، كماليات الحياة اليومية".

حرفيون أفلسوا...

في هذا الصدد، قال رضا يايسي، أن الصناعة التقليدية تعاني اليوم، بسبب الأزمة الراهنة، والحرفي يعاني أكثر في ظل غياب التسويق، رغم حيوية القطاع وامتصاصه للبطالة، خصوصا أن العمل فيه لا يتطلب شهادات عليا. مضيفا أنه "لابد من البحث عن استراتيجيات فعالة لتفعيل القطاع، وإعادة بعث نشاطه المتضرر"، وقال: "إن تنظيم المعارض اليوم ضروري، لتقريب الصانع من زبونه ومساعدته على تسويق منتجاته، خوفا وغيرة على زوال بعض الحرف التي تعد بطاقة هوية تعكس جانبا من التراث المحلي". وأضاف محدثنا أن العديد من التجار رفضوا التعليق على الوضعية التي يمرون بها، وبدى عليهم اليأس وقد اعتلت وجوههم تباشير عودة الحياة إلى سابق عهدها.