الحدادة الفنية: حرفة تستقطب اهتمام سكان العاصمة

الحدادة الفنية: حرفة تستقطب اهتمام سكان العاصمة
  • 3617
ق.م ق.م

أبدى العاصميون في السنوات الأخيرة، اهتماما ملحوظا بصناعة الحدادة الفنية كحرفة تقدم تشكيلات متنوعة من الأدوات والأكسيسوارات، حيث تقدم هذه الصناعة اليدوية خيارات واسعة للزبائن عبر ولاية الجزائر، إذ بدأوا يهتمون بإدراج الحديد كجزء من ديكورهم اليومي داخل المنزل وخارجه، حسب الحرفي المختص بلحسن مرزوق. 

ويصف السيد مرزوق حرفته بالقول بأنها نحت على الحديد، حيث يتم تطويع هذه  المادة الصلبة حتى تصبح قابلة لأخذ أشكال لا نهاية لها سواء هندسية أو أثاث منزلي أو مجسمات لحيوانات وغيرها. ويعتمد في عمله على خياله بالدرجة الأولى، ويعلق «في كل مشروع منحوتة أبحث عن الروح التي يمكن أن تجلب إعجاب الزبون». 

يكابد الحرفي الشاب في عمله منذ عام 2008 عناء العثور على المادة الأولية المتمثلة في الحديد، من أجل هذا يتجول في أماكن عديدة من أجل استرجاع بقايا الحديد الملقاة هنا وهناك. ونظرا لكون هذه الحرفة «غير منتشرة بكثرة» فهي ما تزال في بداياتها مقارنة بحرف أخرى أكثر رواجا. وأوضح الحرفي أن هناك «شبكة خاصة» لبيع بقايا الحديد، مقرها ولايات مثل تيزي وزو وبومرداس والبليدة وبلديات، مثل الرغاية ووادي السمار والكاليتوس والرويسو، حيث يباع الكيلوغرام الواحد من الحديد بـ 120 دج، مشيرا إلى أن سعر الحديد في هذه السوق في ارتفاع مستمر بعدما كان يبلغ 30 دج في سنوات سابقة. وأنه يقتني كميات كبيرة من الحديد وبأحجام متباينة لاستغلالها في مشاريعه الفنية. 

يعترف محدثنا أن مجاله الإبداعي يفرض عليه التفكير في الجانب التجاري، بالتالي  يقترح أسعارا تتناسب ومختلف الشرائح الاجتماعية التي بدأت تنجذب إلى حرفته. ولتسهيل عملية البيع وترغيب الناس في هذا النوع من الديكورات، يلجأ إلى تصاميم عصرية، على غرار المرايا والمصابيح والثريات والكراسي والأرائك. 

من جهة أخرى، هناك تصاميم «تخرج عن المألوف» لا يشتريها أيا كان، يقول - في إشارة منه إلى آلات الغسيل أو أجزاء من المركبات أو حتى القطع الصغيرة كحاملات المفاتيح التي شكل منها رأس حصان يزن 45 كلغ وعرضه للبيع بسعر 50 ألف دج. 

ما يصنعه  الحرفي مرزوق يدويا لا توجد منه نسخ كثيرة نظرا للمدة الزمنية التي يستغرقها للعمل على شكل واحد، ويقول بأنه خلال 6 أشهر يصنع 230  قطعة فقط وبدون مساعدة، معتبرا ذلك بـ«القليل». 

يعرض السيد مرزوق تشكيلة فنية مختلفة الأحجام والمواضيع على زوار جناحه الذي  غالبا ما يكون في ساحة البريد المركزي. إلا أن العديد من الناس لا يعرفون مدى  صعوبة التعامل مع الحديد، خاصة في غياب وسائل الحماية. إذ يشتغل الحرفي بيدين عاريتين ويلامس المادة الأولية أثناء عمليات القطع والتلحيم، مجبرا على تحمل حرارة الحديد والتركيز في آن واحد في التفاصيل الفنية والتقنية، مما عرضه إلى «حروق كثيرة» على مستوى اليد والوجه. 

يعتمد الحرفي مرزوق على المعارض المنظمة دوريا من قبل فيدرالية الصناعات التقليدية أو بعض المؤسسات الثقافية، ويؤكد أنه حاليا عاجز عن كراء محل في أحد  المراكز التجارية نظرا لغلاء الأسعار وخصوصية السلع الحرفية عن غيرها من السلع الاستهلاكية الأخرى.

يعمل اليوم الحرفي مرزوق بحديقة منزله في بلدية الدار البيضاء ويضطر إلى التوقف عن النشاط في كل فصل شتاء، بسبب سوء الأحوال الجوية، كما يعتمد على توفير  معدات القطع والتفصيل والتلحيم.