طباعة هذه الصفحة

فتيحة بن تركي رئيسة جمعية ”الأمل للأمهات والأطفال” ببلجيكا لـ"المساء”:

الجمعية همزة وصل بين المهاجر للعلاج.. الحراق.. والوطن

الجمعية همزة وصل بين المهاجر للعلاج.. الحراق.. والوطن
  • القراءات: 995
رشيدة بلال رشيدة بلال

شغل موضوع الشباب المهاجر اهتمام بعض الجزائريين المقيمين في الدول الغربية، حيث دفعهم التعاطف الكبير مع أبناء وطنهم، إلى التفكير فيما يمكنهم القيام به، لمساعدتهم بعد الوصول إلى الضفة الأخرى، إما بتوجيههم ليتسنى لهم تسوية وضعيتهم، أو إقناعهم بالعودة إلى الوطن، خاصة الذين نجوا من قوارب الموت، ومن هؤلاء السيدة فتيحة بن تركي، مهندسة معمارية مقيمة في بلجيكا ورئيسة جمعية ”الأمل للأمهات والأطفال”، التي تطوعت بدافع أنساني للوقوف إلى جانب الوافدين بهدف العلاج، والمهاجرين الذين زاد تعدادهم ـ حسبها ـ في السنوات الأخيرة، وعن أهم الخدمات التي تقدمها الجمعية، وكيفية التعامل مع ملف المهاجرين غير الشرعيين في بلجيكا، كان هذا الحوار.

❊ـ بداية، من هي فتيحة بن تركي؟

❊❊ فتيحة بن تركي، مهندسة معمارية انتقلت إلى العيش في بلجيكا سنة 1988، أزور الجزائر بصورة مستمرة، أسست سنة 2012 جمعية تتكفل بمساعدة المرضى والمهاجرين الذين يقصدون هذا البلد الأوروبي بدافع إنساني وخيري، وأجد نفسي أتعاطف كثيرا مع أبناء وطني الذين يغرر بهم، فيأتون على أمل  العثور على حياة أفضل.

ـ ❊ حدثينا عن فكرة التأسيس لجمعية تعنى بالحراقين؟

❊❊ في الحقيقة، فكرة التأسيس لجمعية تعنى بانشغالات الحراقين، بدأت بصورة فعلية سنة 2012، لكن قبل الوصول إلى الجمعية، أرغب أن أوضح أن التأسيس لجمعية لم يكن مطلقا واردا في تفكيري، والدافع كان بعد قصة حدثت معي، حيث طلب مني تقديم العون لطفل كان يعاني من صعوبة العلاج في بلجيكا، بسبب التأشيرة، وبعد أن تدخلت واطلعت على ملفه، وقفت على حجم المعاناة التي يعيشها أهل أو أقارب المريض الذي يحتم عليه المرض التواجد في بلد ما للعلاج، وأهله لا يعرفون حتى كيف يتصرفون، انطلاقا من هذه الحادثة، تحرك شيئ ما في داخلي وأصبح لدي إلى جانب وظيفتي دائما هذا الانشغال ”كيف يمكنني أن أساعد من هم في حاجة إلى الدعم عند التواجد للعلاج في هذا البلد؟”، وشيئا فشيئا، أصبحت رفقة بعض النساء، نقدم خدمات إنسانية ومساعدات للوافدين إلى هذا البلد من طالبي العلاج، ولأن أغلب المتطوعات من عائلات محافظة، فكرنا في العمل بصورة رسمية، فجاءت فكرة التأسيس لجمعية تعنى بالأمهات والأطفال الذين يحتاجون إلى أي نوع من المساعدة، أو للتضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي.

ـ ❊ كيف بدأت العمل مع الحراقة؟

❊❊ بعد التأسيس للجمعية، أصبحنا ننشط في مجال التكفل بالمشردين، ونرتب زيارات دورية إلى المستشفيات، أما في شهر رمضان، فنشاطنا مميز، حيث نعد قفة رمضان ونحضر موائد الإفطار بمقهى يقدمه صاحبه من باب التطوع، وندعو إليها المهاجرين الذين يتم وضعهم في مراكز من طالبي اللجوء، كما نستقبل كل المحتاجين من الأشخاص دون مأوى من جنسيات مختلفة، بما فيهم الجزائريون، ومن هنا بدأ احتكاكنا مع المهاجرين غير الشرعيين.

ـ ❊ فيم تتمثل الخدمات التي تقدمونها كجمعية للمهاجرين غير الشرعيين؟

❊❊ بعد الاحتكاك بالحراقة، وهم عادة من فئة الشباب، نحاول معرفة الغاية التي دفعتهم إلى المغامرة بحياتهم للوصول إلى هذا البلد، ومن ثمة، نسعى حسب ما لديهم من معطيات، مساعدتهم، فإن رغبوا في الاستقرار نساعدهم على الزواج وتأمين حياة مستقرة لينسجموا في المجتمع، مع العلم أن القانون البلجيكي يسوي وضعية المهاجر إن ظل متزوجا، أما إن فك علاقته الزوجية، فإنه يفقد وثائقه ويتحول إلى مهاجر غير شرعي. بينما البعض الآخر من الذين يصعب عليهم الاستقرار ولا يملكون أي مؤهل، ومن أجل حمايتهم من الوقوع ضحية  منظمات إجرامية، أو ولوج عالم المخدرات وتعاطي الكحول، نحاول إقناعهم بفكرة العودة إلى الوطن، مع البحث عن بعض الضمانات التي تجعلهم لا يتعرضون إلى أية مساءلة، خاصة أن أغلب الوافدين إلى هذا البلد يبحثون فقط عن حلول تمكنهم من تغيير حياتهم، وهو المطلب الذي نرفعه، بالمناسبة، إلى الوزير المنتدب الجديد ليساعدنا كجمعية حتى نكون همزة وصل بين المهاجر وأسرته، وأن تقدم له ضمانات تحفزه على العودة.

ـ ❊ هل تمكنتم من إقناع بعض الحراقة بالعودة إلى وطنهم؟

❊❊ من الصعب إقناع المهاجر الذي وصل إلى هذه الأرض بالعودة، بالنظر إلى حجم معاناته للوصول، وأول جواب يرد به علينا عندما نعرض عليه الفكرة، أن ”العودة مستحيلة”، ولا يمكنهم تعريض أنفسهم للسخرية من أبناء حيهم، خاصة أنهم عجزوا عن تغيير وضعيتهم، من أجل هذا، حبذا لو تقدم لهؤلاء ضمانات تحفزهم على العودة، وفي المقابل تمكنا من مساعدة البعض ممن يملكون بعض المؤهلات على الزواج بإتمام وثائقهم ومساعدتهم على الاستقرار، كما تمكنا أيضا في مجال مساعدة الوافدين سعيا للعلاج، على تسهيل الإجراءات والتكفل بهم طيلة تواجدهم في المستشفيات.

ـ ❊ في رأيك، هل زاد عدد المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين إلى بلجيكا؟

❊❊ ليست لدينا أرقام عن عدد المهاجرين غير الشرعيين، لأن الهدف الذي تأسست من أجله الجمعية إنساني، يتمثل في دعم الوافدين على هذا البلد طلبا للعلاج، لكن يمكننا القول بحكم احتكاكنا الدائم مع المهاجرين منذ أن أسسنا الجمعية  في 2012، وإلى غاية حلول سنة 2020، لاحظنا ارتفاعا كبيرا في عدد المهاجرين، والدافع في أول الأمر، كان بغرض تغيير حياتهم للأفضل، أو بحثا عن الاستقرار، أما اليوم فقد تغيرت التوجهات وأصبح يجري استغلالهم في عالم الجريمة من بعض التنظيمات التي يعتقدون أنها تحميهم، غير أنها في الواقع تستغلهم، الأمر الذي يتسبب في مقتل عدد كبير منهم.

❊ـ ما هي مشاريع الجمعية فيما يتعلق بملف المهاجرين غير الشرعيين؟

❊❊ رغبنا عند تأسيس هذه الجمعية، أن نكون همزة وصل بين المريض المعالج في المستشفيات البلجيكية وأهله، وبعدها وسعنا من عملنا لنتكفل بمساعدة المهاجرين غير الشرعيين الذين غادروا وطنهم بدافع اليأس، ولم يجدوا من يحتويهم أو يؤمن لهم الحماية، حيث نتدخل للتكفل بالحالة ونتطلع في القريب العاجل إلى التأسيس لجمعية في الجزائر، والعمل جار عليها لتكون همزة وصل بين الجزائر وبلجيكا، في مجال التكفل بكل الحالات التي تحتاج إلى المساعدة في المجال العلاجي، أو فيما يتعلق بالبحث عن أبنائهم الحراقة، أو لتسهيل عودتهم إلى أرض الوطن بدعم من القنصل الجزائري في بلجيكا، الذي سبق له أن قدم الكثير من المساعدات للجمعية.

❊ ـ هل من كلمة أخيرة؟

❊❊ نتمنى بعد التغيير الذي عرفته الجزائر، أن يعم الاستقرار وتتحسن الأوضاع، ويتم التكفل بالشباب، لأن المهاجر ليس مجرما، إنما ضحية ظروف عاشها ورغب في تغييرها.