عزير منصوري مدرب في الموارد البشرية:

الجزائريّ لا يؤمن بالتخطيط ولا يتطلع إلى المستقبل

الجزائريّ لا يؤمن بالتخطيط ولا يتطلع إلى المستقبل
  • القراءات: 661
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

قدّم عزير منصوري، مدرب موارد بشرية ومدير مؤسسة «سي بي أس» الدولية «للكوتشينغ» محاضر دولي في التنمية الذاتية ودورات رفع مستويات الأداء، محاضرة بجامعة الجزائر «2» مؤخرا، سلط فيها الضوء على إشكالية هامة تتعلق بالتخطيط للمستقل. «المساء» تحدثت إلى المدرب،ونقلت لكم في هذا اللقاء ما إذا كان الجزائري يعرف كيف يخطط لاستقبال السنة الجديدة؟ وهل يدرك أصلا أهمية التخطيط للمستقبل؟

المساء: حدثنا عن أهمية التخطيط في الحياة.

❊❊ المدرب عزير منصوري: التخطيط ببساطة هو منهجية علمية لبناء المستقبل، تعني باختصار كيف يحقق الفرد نموا في المستقبل مهما كان نوع النمو ماليا أو علميا أو اجتماعيا، وعلى أساس التخطيط الجيد تأتي النتائج وفق التصورات المنتظرة.

في رأيك، هل نعتمد على التخطيط في يومياتنا؟

❊❊ كوننا متخصصين في دراسة السلوك الإنساني لاحظنا أن أغلب الأفراد في المجتمع لا يعرفون التخطيط ولا يدركون أهميته، كما لا يملكون أدنى فكرة عن مدى فعاليته... وللأسف الشديد ثقافة التخطيط متردية جدا في مجتمعنا.

إلام تعود أسباب تردي ثقافة التخطيط عندنا؟

❊❊ في رأيي هناك العديد من الأسباب، أهمها المعتقدات الراسخة والمغلوطة التي سيطرت على تفكير الكبير والصغير على حد سواء، حيث نجد معتقدات بالية راسخة معيقة للتطور الذهني، ولعل الشائع منها مثلا كأن يقول الفرد الجزائري: «احييني اليوم واقتلني غدوا»؛ فكثيرا ما نسمع هذا المعتقد الذي ترسخ في عقول مجتمعنا، وهذا ما يعيق التفكير السليم نحو بناء المستقبل؛ لأنه ببساطة لا يتطلع أصلا للمستقبل، ولا يفكر إطلاقا في الغد، ومنها أيضا معتقدات أخرى مغلوطة عن فهم الدين والشائع منها «خليها على ربي»، «دعها فإنها مأمورة».. «مكتوب ربي» وما إلى ذلك من الأفكار، هذا الفهم السيئ الذي رسّخ معتقدات بالية ومدمرة، جعلت منا أفرادا عاجزين مرهونين للظروف غير متحملين المسؤوليات. لا نملك رؤى حياتية واضحة ولا أهدافا ثرية ولا شجاعة لمواجهة تحديات الحياة.

إذن كيف لنا أن نتخلص من هذه المعتقدات ونغير طريقة تفكيرنا؟

❊❊ نسعى كمختصين في التنمية البشرية من خلال برامجنا، إلى نشر ثقافة وأدوات صناعة التفوق الإنساني، لهذا نؤكد في كل مرة على ضرورة المشاركة في دورات التخطيط للمستقبل لإكساب الأفراد وخاصة الشباب، ثقافة التخطيط، فمن يعرف كيف يخطط يعرف وجهته في الحياة، وتكون له رؤية واضحة، ويكون على بيّنة أيضا حول سبل تحقيق رؤيته، خاصة أن التخطيط عملية بسيطة، وتعتمد على أساسيات يمكن تعلمها؛ ليس علما معقدا ولكنه فعال جدا، ومن لا يخطط كثيرا ما يكون جزءا من خطط الآخرين، لا يعرف أين هو وإلى أين هو ذاهب... يحّمل أخطاءه الظروف والمجتمع والزمن.

فيمَ تتمثل أساسيات التخطيط الناجح للحياة؟ 

❊❊ يعتمد التخطيط الناجح على خمس مراحل نرتبها على النحو التالي: أولا: تحديد الرؤية أي ماذا أريد؟ أو «الوجهة» إلى أين أنا ذاهب؟ فتحديد الرؤية يساعد الإنسان على معرفة نقطة الوصول؛ حيث يكتشف رؤيته عن طريق ميوله وشغفه، كأن يتصور نفسه في المستقبل أستاذا أو محاميا أو مديرا.. وثانيا: بيان الرسالة (الحافز)، وهنا يجيب الإنسان عن سؤال: لماذا أريد أن أكون بهذا الشكل في المستقبل؟ لماذا أريد تحقيق هذه الرؤية؟ حيث تُعتبر الرسالة حافزا معنويا للشخص؛ كأن يقول الشخص أريد أن أكون محاميا لأدافع على الناس. ثالثا: القيم، وهي مبادئ يضعها الإنسان في حياته؛ كأن يقول: من بين القيم التي أحيا بهاالالتزام، المصداقية والمسؤولية، وهذه القيم تساعده حتى يكون صريحا مع ذاته ومكاشفا لها ويستطيع تقييم نفسه باستمرار، إذ إنها تساعده في أن يكون صريحا مع ذاته ومكاشفا لها ويستطيع تقييم نفسه باستمرار. أما الرابعة فهي تحليل الواقع الحالي: ماذا أملك من نقاط القوة؟ وماذا أملك من نقاط الضعف؟ وهل هناك عوائق أو فرص لتحقيق رؤيتي؟ وحين يبدأ الإنسان بتحليل الواقع تظهر أمامه فرص وعوائق، فيضع مجموعة من الأهداف وهي المرحلة الخامسة والأخيرة؛ فكل فرصة استغلالها هدف، وكل معيق اجتنابه هدف، وكل ضعف تقويته هدف، وهكذا يجد الإنسان نفسه يصنع مستقبله بأهداف صغيرة ويقوي ضعفه وينمي قدرته في عالم إيجابي ممتع يعرف وجهته ويعرف قيمته ورسالته، وهذا هو الإنسان الذي نسعى إلى بنائه.

كلمة أخيرة؟

❊❊ أتمنى أن يغيّر الجزائري من طريقة تفكيره وأن يتخلص من جملة المعتقدات المغلوطة التي جعلته لا يتطلع للمستقبل.

رشيدة بلال