الشيخ عبد الحميد نفقي لـ"لمساء":

الجزائريون ذاقوا مرارة الأوبئة والتقيد بالحجر وسيلة فعالة لمواجهة "كوفيد-19"

الجزائريون ذاقوا مرارة الأوبئة والتقيد بالحجر وسيلة فعالة لمواجهة "كوفيد-19"
  • القراءات: 708
نورالدين.ع نورالدين.ع

دعا الشيخ عبد الحميد نفقي صاحب 91 سنة، القاطن ببلدية طولقة ولاية بسكرة، إلى الالتزام بالحجر المنزلي، كسبيل وحيد للإفلات من وباء كورونا، وقال إن المواطن مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالمساهمة في محاربة الجائحة التي تفتك بالكثير من الشعوب.

أفاد عمي عبد الحميد في العقد العاشر، خلال دردشة مع "المساء"، بأن وباء "التيفيس" الذي تفشى سنة 1940 في الجزائر عموما، والمنطقة لم تسلم منه، خلف آلاف الضحايا، وكل المقابر بطولقة غصت بالجثث، وكانت تستقبل في اليوم الواحد عشرات الشاحنات ممتلئة بالجثث، مشيرا إلى مقابر بوعياش، سيدي قنيفيذ، بوطريفية، بوسديرية وغيرها، كانت تغص بهؤلاء الضحايا.

لم يخف تأثره بتلك المعاناة التي تكبدها الجزائريون، جراء ندرة الغذاء الذي دفع بالمواطن إلى اللجوء نحو استهلاك حشيشة "القطف"، التي يتم غليها في الماء مع شيء من الطحين، وحتى استهلاك دم المواشي التي يتحصلون عليها من القصابات، أجبرتهم الظروف العصيبة على تناولها مرغمين، كل ذلك يتطلب من جيل اليوم الاتعاظ من مآسي الأجداد وعدم الاستهزاء والتقليل من خطورة الوضع الراهن.

تذكر حادثة وقعت بالرحبة القديمة في مدينة طولقة آنذاك، حيث توفي شخص بفعل جائحة "التيفيس" المعروفة بـ"الحمى السوداء"، حسب محدثنا، فتم نقله إلى المقبرة وحرق ملابسه، لأن الديدان كانت تلف جسده النحيف، مضيفا أن الإدارة الفرنسية لم تعر اهتماما للمواطنين آنذاك، والأهالي واجهوا مصيرهم الأسود لقلة حيلتهم.

شدد في معرض حديثه، على أهمية التعاطي مع نصائح الجهات المختصة ذات الصلة باحترام الحجر وعدم الاختلاط والبقاء في المنازل، حفاظا على الأرواح، وأن العبرة في تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أمر الناس بعدم التنقل إلى منطقة موبوءة، تفشى فيها مرض الطاعون، مشيرا إلى الكلام المأثور لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي رد على بن الجراح، قائد قوات جيش المسلمين "أهرب من قضاء الله إلى قضاء الله". 

أكد الشيخ نفقي أن جائحة "التيفيس" (الحمى السوداء) التي ضربت المنطقة خلفت الآلاف من الضحايا، مع قلة الإمكانيات، تضاف إليها ممارسات الاستعمار الفرنسي وكان لها وقع لا يمكن نسيانه، تبقى راسخة وتروى للأجيال المطالبة اليوم برفع التحدي والانخراط في بناء الوطن، والإلمام بالعلم بمختلف حقوله، وهو السبيل الوحيد للإفلات من التحديات الصحية. تجدر الإشارة إلى أن الشيخ عبد الحميد نفقي، اشتغل ردحا من الزمن بمستشفى "محمد زيوشي" بطولقة، ولازال يتمتع بذاكرة قوية جدا، رغم تقدمه في السن، والحديث معه شيق وذو شجون، واسترساله في الحديث يعكس تمتعه بثقافة واسعة وقدرة على إيصال المعلومة كاملة غير منقوصة.