أظهروا مستوى نضج كبير

الجزائريون أكثر وعيا بخطورة "كوفيد 19"

الجزائريون أكثر وعيا بخطورة "كوفيد 19"
  • القراءات: 432

أصبح الجزائريون خلال أيام قليلة، يعكسون من خلال مختلف السلوكات والأعمال، وعيهم بخطورة فيروس كورونا؛ إذ ما فتئ يسجل عدد الحالات المؤكدة والوفيات ازديادا ملحوظا. أما المثال الأبرز الذي يدل على أن التحسيس بخطورة فيروس كورونا قد أعطى أكله، هو تعليق مسيرات الجمعة عبر جميع التراب الوطني مع شوارع مقفرة تقريبا من روادها. كما أغلقت أغلب المحلات أبوابها، وحركة مارة تكاد تكون منعدمة.

تلك هي الصورة الغالبة على يوم تميز منذ أكثر من سنة، بحالة تعبئة سياسية سلمية، فضّل منشطوها تعليقها مؤقتا؛ لأن الرهان الأكبر يتمثل في الحفاظ قبل كل شيء، على حياتهم وحياة أقاربهم ومواطنيهم وجميع السكان. ومن أجل ذلك فقد أظهروا مستوى كبيرا من النضج على غرار ذلك الذي تبنّوه عكس بقية العالم؛ من خلال إعطاء طابع سلمي لمطالبهم بالتغيير. كما قاموا بنفس السلوك؛ من خلال تصحيح الموقف بعد اللامبالاة وعدم الاهتمام الذي أظهروه خلال الأسابيع الأولى من ظهور هذا الفيروس القاتل. كما توالت النداءات، سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ من أجل تحذير السكان من أخطار تلك السلوكات التي عُدت "غير مسؤولة"، سيما مع عدد الحالات المسجلة في الجزائر بالموازاة مع تطور الوضع في البلدان الأكثر تضررا من هذا الوباء العالمي.

وفي هذا السياق، أكد العديد من منشطي هذه الحركة في محاولة منهم لإقناع أصحاب المسيرات، على "تغليب الحكمة"، قائلين: "لقد قررنا تعليق الحراك الذي دأبنا عليه منذ عدة أشهر؛ لأن صحة السكان قبل كل اعتبار آخر".

لكل وضعية استثنائية مسعى استثنائيّ

وعليه، فكلما سجل المواطنون مدى خطورة هذا الفيروس الجديد قاموا بتكييف ردهم حسب الوسائل التي بحوزتهم، والاحتياطات الصحية التي أوصوا بها بشكل مستمر عبر جميع الوسائط الإعلامية. أما المسعى الأكثر اقتراحا فيتمثل في تفادي كل التجمعات والاتصالات في الخارج؛ مما دفعهم إلى الامتثال لمطلب المكوث في البيت "إلا للضرورة القصوى".

لقد أضحت الشوارع والفضاءات العامة والأماكن المشتركة الأخرى على غرار الأسواق والمحلات بكل أنواعها والنقل الجماعي، منبوذة من الغالبية العظمى من الجزائريين. كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي النداءات والدعوات "للبقاء في البيوت" بكل اللغات، وهي تحظى بتعليقات مختلفة من رواد الشبكة العنكبوتية.

وأكد محمد، موظف مقيم بباب الوادي، أكد لوأج: "في العادة تكون الحركة المرورية خانقة في اليوم الثاني من عطلة الأسبوع، إلا أنني استطعت قضاء حاجتي رغم بعد المكان"، مضيفا: "لو لم يكن طارئ لما خرجت من البيت".

وعلى غرار العاصمة فإن هذا الحي الذي يعج بالناس خلال الأيام العادية، فقدَ نشاطه أمام الظرف الآني ما عدا بعض المارة، الذين يسعون لقضاء بعض الحوائج المستعجلة، سيما التمون بالمواد الغذائية أو غيرها. أما الغائب الأكبر عن الأماكن الخارجية فهم الأشخاص المسنون والأطفال، حسبما تم ملاحظته، حيث قالت في هذا الصدد إحدى السيدات: "إن الأمر محزن وكئيب، وهذا الجو يجعل الأمور أسوأ، لكنّ للضرورة أحكاما شريطة أن تنتهي هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن، وبأقل الخسائر البشرية، وليحفظ الله أبناءنا وجميع الجزائريين"، قالت سيدة تقطن في الحي.

العمل التطوعي يتضاعف

ولمواجهة هذا الخطر الجماعي الداهم تزايدت وتضاعفت الأعمال التطوعية؛ من أجل تسيير هذه الوضعية الصعبة بشكل أفضل.

ومن بين الأعمال الخيرية والتطوعية توفير أقنعة الحماية، وتنظيف وتعقيم الفضاءات المشتركة، وتوفير المواد الغذائية للمواطنين بأسعار مناسبة أو مجانا. كما ترى مبادرات أخرى من قبيل رش المياه، ومختلف المنظفات في الشوارع، ومقابض وأبواب المحلات وأرضيات الأسواق، وهي الأعمال التي تجذب إليها العديد من الشباب، الذين يملأون أوقات فراغهم في أعمال ذات منفعة عامة. وتندرج هذه المبادرات ضمن الأعمال التي تغص بها صفحات الاتصال الاجتماعي. كما تشكل هبّات من العطاء والسخاء والتضامن والتكافل الاجتماعي، التي أملاها ظرف استغله البعض للأسف؛ من أجل تحقيق مكاسب إضافية.