المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة السيدا:

الجزائر على الطريق السريع لتنفيذ برامج طموحة للحد من انتقال الفيروس

الجزائر على الطريق السريع لتنفيذ برامج طموحة للحد من انتقال الفيروس
  • القراءات: 1032
حنان. س حنان. س

قال السيد عادل زدام المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة السيدا في الجزائر، أن عمل اللجنة الوطنية لمكافحة السيدا، بالتنسيق مع وزارة الصحة التي تم إنشاؤها بقرار تنفيذي من سيادة الوزير الأول بمشاركة 13 قطاعا وزاريا وسبع جمعيات وممثلين عن القطاع الخاص وجامعيين، كان إيجابيا على كل الأصعدة، خاصة أن النتائج المقدمة تشير إلى استقرار حالات الإصابة في حدود 800 حالة سنويا، مما يعني أن الجزائر حققت أهداف مخططها الوطني الاستراتيجي وأنها على الطريق السريع من أجل كسر انتقال الفيروس،  تحسبا لأجيال خالية من الآيدز.

❊ صدر عن وزارة الصحة بدعم من برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الآيدز (الانوسيدا) تقريرا يبين ما تم إنجازه في هذا المجال، فكيف تقيمونه؟

هذا التقرير الصادر عن اللجنة إيجابي جدا، ويبين لنا أولا أن حالات العدوى بالآيدز مستقرة في الجزائر منذ خمس سنوات، أي إلى نهاية سبتمبر 2015، تم تسجيل 9606 حالات حاملة لفيروس الآيدز، حسب إحصائيات المخبر الوطني المرجعي "باستور"، كذلك الأرقام الموجودة في هذا التقرير توضح أن عدد الإصابات الجديدة سجلت استقرارا سنويا في حدود 800 حالة إصابة. وتحسبا للمخطط الجديد 2016-2020 قيد الإنجاز للخمس سنوات القادمة، وهو تقرير تدعمه الانوسيدا ويعتمد على أدوات ومنهجية قدمناها لكل الدول، من أجل إحصاء كل المعلومات عن النشاطات المرتبطة بمكافحة الآيدز، وتقييم مدى نجاعة الإستراتيجية، ويمكن القول بأن الجزائر وفقت إلى حد كبير في تنفيذ هذه الإستراتيجية التي تعتمد على الوصول إلى الهدف صفر (صفر عدوى، صفر وفيات من السيدا وصفر تمييز)، وهذا "الهدف صفر" تم تحديده خلال جمعية الأمم المتحدة في عام 2011 وتم تسجيله ضمن القرارات السياسية الذي صادقت عليه كل الدول بما فيها الجزائر.

❊ هل هذا يعني أن الجزائر حققت "الهدف صفر العالمي"؟

❊❊ بالفعل، لما تم إقرار الهدف العالمي صفر قيل بأنه هدف طموح جدا، ولكن الانوسيدا أقرت أنه من الواجب فرض أهداف طموحة وهذا من أجل دفع الدول لبذل مجهودات أكثر وخفض عدد الإصابات، والاستقرار الذي حققته الجزائر والذي نعتبره إيجابيا جدا يجعلنا نتفاءل خيرا للتقدم إلى الأمام لبداية خفض عدد الإصابات، لأنه من الصعب البدء في خفض هذه الإصابات أن لم يتم وضع كل الوسائل والإمكانيات وتابعنا بصفة دورية إنجاز الإستراتيجية الوطنية.

❊ ماذا تقصدون بقول "توفير الإمكانيات"، نحن نعلم أن الجزائر كانت من الدول السباقة لتبني سياسة وطنية وعلى أعلى المستويات من أجل مكافحة الآيدز؟

❊❊ صحيح، وبالنظر إلى أن الجزائر حققت الكثير من الأهداف ضمن المخطط الوطني الاستراتيجي 2013-2015، لكن بقيت بعض التحديات التي لا بد أن نعمل من أجل التقدم أحسن والحفاظ على استقرار نسبة الإصابة أو الأحسن تقليصها والوصول إلى صفر عدوى بحلول عام 2020. أعطيكم مثالا: الوقاية تبقى التحدي الأكبر كونها تعتمد على العمل الجواري وعلى التشخيص، أي على مدى نجاعة التشخيص المبكر في البلاد، أي أن إستراتيجية التشخيص فيها عدة متدخلين والتحدي الأكبر هو التنسيق لإنجاح هذا المسعى، ونجد فيه صعوبة، فمنذ سنوات كنا نعتمد على التشخيص الإرادي أي تقدم الناس طواعية لـ60 مركزا عبر الوطن لإجراء تحاليل الكشف عن السيدا، ولكن الذين يتقدمون لهذه المراكز هم قلة، اليوم الانوسيدا أصبحت تعتمد على خطة عمل جديد لتحسين وصول التحليل إلى الأشخاص وليس العكس، وهذا بإبداع طرق أخرى ونشاطات أخرى..

❊ هل تشيرون هنا إلى المسعى الأخير حول "مكافحة السيدا: المدن تتدخل"؟

❊❊ نعم صحيح، لكن دعوني أشير هنا إلى أن التشخيص عن السيدا لم يعد مقتصرا في الجزائر على المراكز المرجعية الـ60 فقط، لكن حسبما يشير إليه التقرير الأخير الصادر عن وزارة الصحة، فإنه منذ عام 2014 أصبح تشخيص السيدا أيضا في كل المراكز الصحية بما فيها العيادات متعددة الخدمات وقاعات العلاج ومراكز حماية الطفولة والأمومة وغيرها، حيث أصبح التحليل إجراء روتيني وهذا في إطار عمل متخذ من طرف الوزارة من أجل إدماج تشخيص الآيدز بطريقة روتينية في كل الفحوصات الطبية، لكن يظهر هنا تحدي آخر وأكبر، إذ أن الواقع يشير إلى أن فيه أشخاص بسلوكات خطيرة لا نصل إليهم من أجل التشخيص، هنا أقول بأن للمجتمع المدني دور كبير في التوعية والتحسيس المستمرين من أجل تطويق هؤلاء والوصول بهم إلى إجراء التشخيص، وأقصد بهم الفئات المعرضة للخطر من ممتهني الجنس ومدمني المخدرات وكل من له سلوك مخالف للقانون، لأنهم يمارسون سلوكاتهم في الخفاء، بالتالي يعرضون لخطر الإصابة ونقل العدوى، وفي الإستراتيجية الجديدة 2016-2020 فإن هؤلاء الأشخاص مسجلون على أنهم ذوو أولوية قصوى للتكفل.  

❊ وكيف سيكون ممكنا التكفل بهم إذا كانوا ذوي سلوكات خطيرة خارجة عن القانون كما تفضلتم؟

❊❊— هنا الكرة في مرمى المجتمع المدني العامل بالشراكة مع وزارة الصحة، وهو مدعو أكثر للقيام بنشاطات جوارية أكثر للوصول إلى هؤلاء الأشخاص والتقرب إليهم ومحاولة تحسيسهم بأهمية التشخيص والوقاية وحتى مرافقتهم من أجل التشخيص، في هذه الحالة هناك بعض التجارب يذكرها التقرير الصادر في عام 2014، لكن للأسف، هذه الحالات معزولة ولم تتواصل لأنها تعتمد على دعم مالي، ونحن نعلم أن بعض الجمعيات تقوم بنشاطات محصورة بسبب نقص الدعم، عليه نحن كأنوسيدا، وبالتنسيق مع وزارة الصحة ومع اللجنة الوطنية لمكافحة السيدا، نفكر في كيفية دعم مؤسسات المجتمع المدني خلال الإستراتيجية الجديدة 2016-2020 لتنفيذ هذه البرامج الجوارية والوقاية باتجاه الجماعات الأكثر عرضة للخطر، بمحاولة إيصال الدعم إلى الجمعيات وأن يكون متواصلا.

❊ وهل هذا المخطط الجديد جاهز حاليا وما الجديد الذي يحمله من أجل مكافحة الآيدز؟

المخطط الاستراتيجي 2016-2020 يوجد حاليا قيد الصياغة وستتم المصادقة عليه في نهاية ديسمبر الجاري وبدعم من الانوسيدا وخبراء يعملون مع اللجنة الوطنية وممثلي القطاعات الحكومية المختلفة وممثلي المجتمع المدني، للاتفاق على أهداف السنوات الخمس القادمة، بوضع أهداف طموحة جدا وضعتها الانوسيدا وعلى رأسها الهدف العالمي (90-90-90) لكسر سلسلة انتقال الفيروس للغير، يعني 90 % من الأشخاص الحاملين للفيروس يكونون على علم بأنهم حاملين له، و90 % من حاملي الفيروس يصلون إلى العلاج و90 % من حاملي الفيروس يصلون إلى إنقاص نسبة الفيروس لديهم، بهذه الطريقة نصل إلى كسر سلسلة انتقال الفيروس بين الأشخاص. ومن الجانب الآخر هناك برنامج وقائي من أجل تحقيق الهدف صفر، من الأم المصابة إلى الجنين، وهذا مهم جدا ويمكن الوصول إليه، والجزائر حققت أهدافا جيدة.

❊ تتحدثون عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة انتقال فيروس الآيدز من الأم للجنين!

❊❊ بالفعل، الجزائر تبنت إستراتيجية وطنية للقضاء على انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين، وهي جزء من المخطط الوطني الاستراتيجي 2013-2015، لكن بالنظر إلى أهميتها ومدى التزام الدولة بأنها تقوم بتحقيق هدف صفر الإصابة عند الأطفال، وهذا تحقيقا للشعار المرفوع السنة الماضية وهذه السنة أيضا "من أجل جيل بدون سيدا"، وهنا منذ بدء تنفيذ هذه الإستراتيجية في عام 2013 إلى هذه السنة، تم تنظيم 5 ورشات تدريبية على مستوى الوطن، وتم تدريب كل مستخدمي الصحة، بما فيهم الأطباء وشبه الطبيين ومختصو المخابر وكل من يرتبط بصحة الحوامل، للقيام بتشخيص كل الحوامل عبر التراب الوطني. رغم هذا ومع كل المجهودات المبذولة ومع نهاية عام 2014 تم تسجيل تشخيص 400 ألف حامل، وهذا العدد يبقى قليلا بالنظر لإحصاء مليون حامل في نفس السنة، إذن نعتقد أن فيه فجوة تنتظر منا عملا كبيرا، وهنا نتحدث عن إدراج التشخيص الروتيني للآيدز في المتابعة العادية للحوامل، وهذا ممكن، علما أنه في الجزائر نسبة الولادة في المؤسسات الصحية المراقبة تصل إلى 97%، يعني أنه من الممكن جدا إجراء الفحص الروتيني الذي تحدثنا عنه، لأن كل حامل تسجل مقابلة طبية على الأقل أثناء فترة الحمل، إذا ما علمنا أنه إذا تم تشخيص فيروس الآيدز لدى الحامل، فإن المتابعة الطبية المتخصصة ستكون في حينها وجيدة ونسبة عدوى الجنين ستكون صفرا، وهذا ممكن علميا.

❊  لكن نود معرفة إن كان من بين الحوامل الـ400 ألف من وجدت حاملة للفيروس؟

نعم وجدت 32 حالة تم تشخيص إصابتهن بالفيروس من بين الـ400 ألف حامل اللواتي تم إخضاعهن للتشخيص، وكلهن خضعن للتكفل وسجلت صفر إصابة لدى مواليدهن. ونحن هنا نشير إلى التطور الكبير للعلم الذي أصبح يمكن حاملات الفيروس من الزواج وإنجاب أطفال دون أن تنتقل العدوى للمواليد..

❊ رغم ذلك ألا ترون أن السيدا لا يزال يخيف؟

❊❊ صحيح ولكن التخوف ليس من الفيروس نفسه أو الداء الذي يعتبر عالميا مرضا مزمنا، يوجد له علاج خاص به، ولكن التخوف الكبير من التهميش والتمييز الممارس ضد حاملي الفيروس، رغم المجهودات الكبيرة المبذولة، وهذا لا يقتصر على الجزائر وإنما موجود في كل دول العالم، وهذا أيضا مرتبط بمدى فاعلية العمل الجواري للمجتمع المدني وهي نقطة توجد ضمن التحديات المرفوعة خلال المخطط الاستراتيجي الجديد.

❊ الجزائر تسجل تدخلا رفيع المستوى للقضاء على السيدا ما تعليقكم؟

❊❊ بالفعل نحن سجلنا تدخلا من أعلى المستويات لإيقاف زحف الداء، يكفي القول بأن الوزير الأول بنفسه تدخل من أجل إنجاح مسعى كسر الإصابة بالداء، يعني أن الإطار المؤسساتي في الجزائر لمحاربة الداء موجود، فيه اللجنة الوطنية لمكافحة السيدا تم إنشاؤها بقرار من الوزير الأول، ونحن نعلم أن الجزائر وصلت إلى نسبة إصابة مستقرة كل سنة مقدرة بـ800 حالة، وهدفنا ضمن الإستراتيجية الجديدة خفض الحالات إلى 500 إصابة ونعتبره هدفا ممكنا، لأن الجزائر اليوم وفي إطار مخططها الوطني لمكافحة الآيدز توجد على الطريق السريع، خاصة أنها تمول إستراتيجيتها بنسبة 96% والدعم الخارجي يعتمد على الخبرة التقنية، وهو ما يعني أن حصر الداء ليس مشكلا قانوني ولا مشكلا سياسيا وإنما هو عمل يخص الأشخاص، يعني أن الإشكال إشكال أشخاص وليس إشكال مؤسسات وهذا ما يلزم تدخل كل المجتمع وعمل متواصل بإشراك كل المعنيين لبعث رسالة إلى الجميع بأن القضاء على الآيدز وحماية الأجيال اللاحقة ممكن وبطريقة أحسن وأسرع.

❊ يبقى الفاتح ديسمبر من كل سنة وقفة تقييمية للحديث عن الآيدز، كيف ترون هذه المحطة؟

❊❊ يبقى الفاتح ديسمبر اليوم العالمي لمكافحة الآيدز محطة لتقييم ما تم إنجازه في هذا المجال، وللمرافعة من أجل مواصلة العمل والانطلاق لإنجازات أكبر بإشراك كل الفئات ومقاسمتهم كل التوجيهات والرؤى الجديدة لتحقيق الأهداف المسطرة.