أكاديمية الشباب وإحياء التراث تناقش "الأمن الغذائي واقع وتحدٍّ "

"الجزائر الجديدة" تشقّ طريق "الأرض لمن يخدمها"

"الجزائر الجديدة" تشقّ طريق "الأرض لمن يخدمها"
  • القراءات: 2222
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

"من مَلك أرضه مَلك سيادته وأمنه"

حماية الدولة من التبعية يجعلها في مأمن من الضغوط الخارجية والأزمات الاقتصادية العالمية 

رهانات توفير شروط الأمن الغذائي والمائي المستدام أولوية ملحّة

اختارت اللجنة الوطنية للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي التابعة للأكاديمية الجزائرية للشباب وإحياء للتراث، أن تناقش ملف "الأمن الغذائي واقع وتحدّ تحت عنوان "الجزائر الجديدة تشق طريقها لكسب تحدي الأمن الغذائي، وذلك بقصر الثقافة "عبد الكريم دالي" بتلسمان، بمشاركة  مختصين وخبراء؛ حيث أكد رئيس الأكاديمية صدام حسين سرايش لـ"المساء" ، أن الجزائر الجديدة عمدت إلى تحقيق أمنها الغذائي من خلال توفير كل الظروف، وجعله ضمن استراتيجياتها؛ لما لذلك من تأثير على مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وبشكل أخص على استقلالية القرار السياسي والاقتصادي.

في هذا السياق، أشار سرايش إلى أنه لم يسبق أن شكلت رهانات توفير شروط الأمن الغذائي والمائي المستدام، أولوية ملحّة لدى السلطات، مثل ما تشكله منذ نحو ثلاث سنوات، وهذا ضمن الرؤية الشاملة والاستشرافية  لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وقوامها خطط وبرامج تضع المواطن الجزائري في قلب اهتماماتها لتحقيق انطلاقة جديدة نحو جزائر مزدهرة؛ يقول: "هذا التوجه ما فتئ رئيس الجمهورية يؤكد عليه في مختلف المناسبات. ويترجَم، أيضا، على أرض الواقع منذ إطلاق التزاماته 54؛ حيث تعهَّد، حينها، بالعمل على ضمانه، مع وضع خطة لتحديث الفلاحة، وتطوير الإنتاج الحيواني والصيد البحري؛ لضمان الأمن الغذائي" ، مشيرا إلى الوعي بخطر التحولات الجيوسياسية والتغيرات المناخية، وكذا الأزمة الصحية العالمية كوفيد-19.

قفزة نوعية بشهادة " الفاو"

أشار سرايش إلى أن هذه المستجدات أوقعت العديد من الدول وحتى الصناعية منها، في حالة من انعدام الأمن الغذائي، خصوصا بعد اندلاع الأزمة في أوكرانيا، وما انجر عن ذلك من تذبذب سلاسل توريد الحبوب والأسمدة بين كبرى الدول المنتجة للحبوب وبقية العالم.

ويوضح حيال استراتيجية الاكتفاء الذاتي للحبوب قائلا: "اليوم وبعد إطلاق مسعى "الجزائر الجديدة"، تسير البلاد بخطى ثابتة في مجال تطوير وعصرنة قطاعها الفلاحي؛ من خلال إصلاحات هيكلية؛ كتشجيع الاستثمار، وتوفير العقار الفلاحي، ورفع العراقيل في مجال التمويل؛ ما انعكس إيجابا على العديد من المؤشرات؛ فقد أصبح القطاع يساهم بنحو السدس (حوالي 15 ٪) في الناتج الداخلي الوطني الخام، ويمثل أكثر من ربع اليد العاملة الناشطة في المجال الفلاحي، وبهذا تكون الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال الأمن الغذائي بفضل منجزات قطاعها الفلاحي، الذي عرف قفزة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية رغم الظرف الدولي الصعب، فضلا عن التغيرات المناخية التي تشهدها العديد من مناطق العالم.

وتابع سرايش أن منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة "فاو" ، أكدت على التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر في مجال الأمن الغذائي، مبرزة أن الجزائر بإمكانها مساعدة وتقاسم تجربتها في تعزيز الأمن الغذائي، ونشر التغذية الصحية مع العديد من الدول عبر العالم.

وقد صنف المؤشر العالمي للأمن الغذائي، الجزائر على رأس قائمة البلدان الإفريقية، وفي المرتبة 54 من بين 113 بلد عبر العالم في 2021، محسّنة بشكل ملموس، تصنيفها مقارنة بـ 2019. واستطرد قائلا: "لكن، حتى وإن بلغت نسبة تغطية الاحتياجات الغذائية من الإنتاج الوطني الفلاحي اليوم أكثر من 75 ٪ ـ وهو رقم يغطي مختلف الشعب الفلاحية لا سيما الخضر والفواكه ـ فإن العمل جار من قبل السلطات العمومية؛ لتركيز الجهود على بلوغ الاكتفاء الذاتي في شعبة الحبوب، لا سيما القمح اللين".

المخطط الاستراتيجي لتنمية إنتاج الحبوب في الجزائر 2023- 2028 الذي أُطلق في سبتمبر الماضي بمساهمة مسؤولين وخبراء وباحثين من قطاعات الفلاحة والتعليم العالي والبحث العلمي والبيئة والصناعة، جاء، حسب المتحدث، لكسب رهان رفع مردودية شعبة الحبوب، وتحسين الإنتاج، وتطوير جودة البذور مع اتباع التقنيات الحديثة. وفي ما يخص المشاريع الحيوية لتطوير الفلاحة والتي حققتها الجزائر الجديدة لحماية مواردها البيولوجية، إنشاء بنك البذور العام الفارط، وهو يضم أزيد من 4 آلاف سلالة نباتية.

اقتراح مزارع نموذجية

يُنتظر في الأسابيع القليلة المقبلة، استحداث بنوك وخطط وبدائل قصد دفع الاستثمار الفلاحي بقوة. وطرح سرايش مشروعا فلاحيا متمثلا في مزارع نموذجية؛ إذ تم إعداد ملفات على مستوى تيبازة والمسيلة وبومرداس؛ قصد تجسيده. ويُنتظر الضوء الأخضر، فقط، من قبل وزارة الفلاحة. كما أكد رئيس الأكاديمية خلال مداخلته في الملتقى، على ضرورة إعداد المخزون الغذائي الحربي الذي يدخل في صميم الأمن الغذائي القومي، رفقة الأمن المائي، مع المساهمة في اليد العاملة من خلال مزارع نموذجية بتقنيات علمية.

ويضيف سرايش: "سجّلنا، أيضا، إشكالية التسويق التي تُعدّ من المشاكل البارزة التي أحدثت ثغرة في الأمن الغذائي الجزائري؛ إذ إن المنتجات تعاني من مشكل الوفرة والكساد، خاصة المنتجات الفصلية، وهذا ما يستوجب منا التعمق في إشكالية التسويق، والعمل على طرح بدائل حديثة لحلحلة أزمة التموين بالغذاء، عن طريق اعتماد التسويق الإلكتروني للغذاء خاصة المنتجات؛ فمثلا، يعاني أغلب الفلاحين من تحكم سماسرة في الأسعار، وهذا يستوجب، حتما، بناء مؤسسات تسويق مختصة، وفقا لرقمنة واضحة وشاملة لتحقيق المبتغى".

وفي الأخير، أكد سرايش أن المختصين أشاروا خلال مداخلاتهم، إلى أهمية تحقيق الأمن الغذائي، الذي يتجلى في حماية اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻟﺗﺑﻌﻳﺔ، وﻳﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺄﻣن ﻋن اﻟﺿﻐوط اﻟﺧﺎرﺟﻳﺔ، واﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ، وارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ اﻷﺳواق اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ، موضحا أن الدكتورة فاطمة الزهراء مسعودي بصفتها المشرف العام للملتقى، أشارت إلى التطور الإنساني في ظل زخم التفوق التكنولوجي الذي بلغ أشده بدخول الذكاء الاصطناعي كمتغير جديد.

وتسعى الجزائر، بدورها، جاهدة للعودة إلى إحياء الأرض، والاستفادة من خيراتها التي لا تنضب. وكمَا يُقال: "من مَلك أرضه مَلك سيادته وأمنه".