للقضاء على فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"

الثقافة الجنسية كفيلة بتصحيح المفاهيم

الثقافة الجنسية كفيلة بتصحيح المفاهيم
  • القراءات: 555
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

دعا البروفيسور محيي الدين بهاتي، المختص في الأمراض المعدية، إلى نشر الثقافة الجنسية بين الشباب، مشيرا إلى أن هذه التربية كفيلة بالمساعدة على تراجع نسبة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية وسط هذه الفئة من المجتمع، التي تُعد أكثر نشاطا جنسيا، وموضحا أن إدراج هذه التربية في مفاهيم الأسرة الجزائرية، كفيل بكسر واحد من أكثر الطابوهات مساهمةً في الإصابة بداء "الإيدز".

أوضح المتحدث أن الخروج من كلاسيكية الأيام التحسيسية والتوعوية التي تتميز بأكاديمية المفاهيم، غير مجدٍ، خصوصا وسط الشباب الواعين، الذين يصلون، بسهولة، إلى جميع المعلومات عبر الأنترنت، مشيرا إلى أن أكبر تحدّ هو إيجاد سبيل للحوار، يلائم تفكير الشاب، لتبليغه رسالة التوعية، وإبعاد عنه أحد أخطر الأمراض الذي قد يحدّق به؛ بسبب ضعف الثقافة الجنسية.

وقال المتحدث إن العديد من العائلات الجزائرية تعاني ضعف الحوار مع أطفالها. وتحتار الأم أو الأب عندما يوجّه الطفل لهما، سؤالا يتعلق بأحد مواضيع العلاقات الجنسية؛ الأمر الذي يدفع بالطفل إلى البحث عن سبل أخرى للوصول إلى المعلومة؛ كأن يقصد أشخاصا من الأصدقاء أو المحيطين به يكبرونه سنا، أو يلجأ إلى الأنترنت لإيجاد الأجوبة.

وقد تكون تلك الأجوبة مغلوطة، فتوجِّه تفكيره نحو مفاهيم قد تكون أكثر خطورة على سلامته، أو قد تصدمه، خاصة إذا كانت سنّه لا تستوعب تلك التفاصيل والمفاهيم الدقيقة. وأضاف الطبيب أن الثقافة الجنسية هي تربية، لا بد من أن تلقَّن مفاهيمها منذ الطفولة، وهذا بطريقة تدريجية وفق درجة وعي الطفل، وقابليته لحمل المعلومة، خاصة تفاصيل العلاقات؛ كأن تبدأ بتقديم أجوبة صحيحة وبسيطة وعامة، خاصة للطفل حول أسئلته الساذجة؛ مثلا كيف يتم إنجاب الطفل؟ أو كيف تحمل المرأة؟ أو غيرهما من الأسئلة، التي دائما يكررها الأطفال. وتزداد درجة فضولهم مع الزمن، وهنا يمكن أن تقدَّم تفاصيل أكثر عند بلوغ الطفل؛ ففي تلك المرحلة على الطفل صبيا كان أو فتاة، معرفة ما يحتاجه حول هذا الموضوع؛ حتى لا يكتسب مفاهيم خاطئة من مصدر آخر.

وقال البروفيسور بهاتي إن العديد من الأولياء يجدون حرجا شديدا في حوار الطفل حول هذا الموضوع، وهذا الأمر يكمن في ضعف ثقافة الحوار لديهم. وهنا يمكن الاستعانة بشخص آخر كطبيب أو مختص نفساني أو حتى معلّم، لتقديم المعلومات للطفل، على أن يكون شخصا واعيا، ولديه ثقافة صحيحة، تسمح له بنقل الثقافة للطفل، أو المراهق، أو حتى الشاب.

وشدد البروفيسور على أن التربية الجنسية يمكن أيضا أن تكون حول مواضيع ملتقيات خاصة بالشباب؛ حتى يتم التعامل مع مفاهيم قد يحتاجها الفرد في فترة معيّنة من عمره؛ قال: "الفرد، بطبيعته، تتطور لديه حاسة الفضول مع مرور السنوات. وإيجاده الأجوبة المقنعة يُكسبه شخصية واعية ومثقفة، وبالتالي لن يتأثر بمفاهيم خاطئة من غيره بأي شكل من الأشكال، خصوصا إذا ما كانت غير صحيحة".

وقال المختص إن نقص المناعة البشرية أحد الفيروسات التي لاتزال تشكل طابوها في المجتمع. ويمتنع الكثيرون عن الحديث عنها. وبالرغم من أنها ليست، فقط وحدها، العلاقات الجنسية غير المحمية أو غير الشرعية، السبب الوحيد في الإصابة بهذا الفيروس، إلا أن تلك العلاقات هي واحدة من أهم أسباب انتشارها وسط الشباب. ونشر الوعي الثقافي بسبل الوقاية منها اعتمادا على مفاهيم ديننا الحنيف، وكذا وفق احترام الذات، وتطبيقا للإجراءات الاحترازية الصحية، يمكن أن يجعل نسبة هذا الفيروس في مجتمعنا، تتراجع بشكل كبير.

وفي الأخير شدد البروفيسور محيي الدين بهاتي، على أن الثقافة الجنسية الشاملة، لا بد من أن تُدرج ضمن مناهج تعليمية؛ حتى تصل إلى الشباب بالطريقة الصحيحة، وبالشكل المناسب وفق احتياجات الشباب؛ لتحسين معرفتهم، وبلوغ مرحلة احترام الذات، وتقبّل الاختلاف، واحترام معايير التعايش في المجتمع بأمان،  وتحقيق الصحة الجنسية وكذا الإنجابية على السواء.