في دراسة لمخبر السموم بمستشفى ابن باديس
التلوث في الأماكن المغلقة يزيد من انتشار مرض الربو

- 524

خلصت دراسة لفريق من مخبر السموم بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة حول "تأثير التلوث الداخلي على انتشار مرض الربو"، إلى أن ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وخاصة الربو، خلال العقدين الماضيين، يعود إلى تورط العوامل البيئية، والتلوث الداخلي بالدرجة الأولى.
كشفت الدراسة التي أشرف عليها البروفيسور حبيب بلماحي، رئيس مختبر السموم بالمستشفى الجامعي ابن باديس، أن التلوث الداخلي المعروف أيضا باسم تلوث الهواء الداخلي؛ مشيرا إلى تلوث الهواء داخل المباني والأماكن المغلقة، قد ينجم عن مصادر ومواد كيميائية وبيولوجية مختلفة؛ حيث أثبتت الدراسة أن احتراق عشر كريات تنبعث منه جسيمات تعادل احتراق 100 سيجارة. وتناول الخبراء في دراستهم التي تحوز " المساء " على نسخة منها، الاحتفال بالمولود النبوي الشريف؛ حيث أثبتت الدراسة التي قام بها فريق بحث البروفيسور بلماحي، أن حرق الشموع وأعواد البخور والمفرقعات خلال تلك الاحتفالات، ينتج عنه جزيئات ذات أحجام مختلفة تصل إلى 200 ميكروغرام/م3، معتبرين أن العفن داخل المباني يطلق جراثيم في الهواء، مما يؤدي إلى ردود فعل تحسسية عند بعض الأشخاص، بما في ذلك تفاعلات الربو، ووجود مسببات الحساسية مثل عث الغبار، وشعر الحيوانات الأليفة والصراصير، والتي تُعد أيضا حسبهم، من مسببات تفاقم الربو عند الأشخاص المعرضين للإصابة.
وأكد رئيس مخبر السموم وعميد كلية هندسة الطرائق بجامعة قسنطينة 3، أن الدراسة التي قام بها رفقة باحثين من مخبره، تناولت ثلاثة جوانب، أولها الملوثات" جسيمات والكائنات الحية الدقيقة "، وكذا جانب معايير الراحة" درجة الحرارة والرطوبة"، فضلا عن محتويات الغبار، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، والتي يجب أن يتراوح التركيز فيها ما بين 10 و50 ميكروغرام / م 3 كقيمة متوسطة، مشيرا إلى أن نتائج الدراسة التي أجريت في ثلاثة مراكز مراقبة في مناطق مختلفة في قسنطينة؛ المدينة الجديدة علي منجلي والخروب ومدينة قسنطينة، قد أثبت أن مستويات الجسيمات في مثل هذه المنازل، تتراوح بين 54 و208 ميكروغرام/م3". وهي مستويات مرتفعة جدا؛ الأمر الذي يستوجب تحسين التهوية، والحد من استخدام المواد الكيميائية السامة، والحفاظ على التحكم الجيد في الرطوبة، واتخاذ خطوات للقضاء على مصادر التلوث؛ مثل التوقف عن التدخين في الداخل للحد من التلوث الداخلي.
واعتبر المتحدث أن قضاء الأفراد معظم وقتهم في الداخل، سواء في المنزل أو العمل أو المدرسة أو غيرها من الأماكن المغلقة، له آثاره الصحية، التي يمكن أن تكون خطيرة، والتي تتراوح بين الأعراض الشائعة؛ مثل تهيج العين والحنجرة، والصداع، والتعب، ومشاكل التنفس، لتتعداها إلى مشاكل صحية أكثر خطورة بما في ذلك الحساسية، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، والالتهابات، وحتى الأمراض الخطيرة مثل السرطان.
وأضاف الباحث أن الحساسية تحتل المرتبة السادسة بين الأمراض، حسب منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن الزيادة في معدل انتشار أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 50٪ كل عشر سنوات، تتطلب اتخاذ تدابير وقائية، حيث أكد أنه يجب على الأفراد والمجتمعات إدراك التهديدات التي يشكلها تلوث الهواء والملوثات الداخلية، داعيا إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للتخفيف من آثارها؛ من خلال دعوة إلى هواء أنظف، ودعم التنمية الحضرية المستدامة، مع اتخاذ خيارات واعية لتحسين جودة الهواء الداخلي، ومطالبا بتعزيز المساحات الخضراء والتخطيط العمراني؛ باعتبار أن استراتيجيات التخطيط الحضري والتي تتميز بالمساحات الخضراء، وزراعة الأشجار، وسياسات خفض الانبعاثات، لديها القدرة على تسهيل تلوث الهواء، مشيرا في ذات السياق، إلى أن هذه الظروف الطبيعية تعمل كمرشحات فعالة؛ فهي تمتص الملوثات، وتعزز جودة الهواء.
واعتبر فريق البحث في دراستهم أن إنشاء بيئات داخلية نظيفة، يتطلب رفع جودة الهواء الداخلي، وصيانة يقظة للتهوية، وحظر التدخين في الأماكن المغلقة، مع استخدام أجهزة تنقية الهواء المجهزة بفلتر HEPA التي تعمل إجراءات التنظيف المنتظمة والمنتجات المنخفضة التي تنبعث منها المركبات العضوية المتطايرة على تحسين نقاء الهواء الداخل، مؤكدين أن مشكلة البيئة الداخلية مهمة بما يكفي لمعالجتها من زاوية الصحة العامة ". وأوصوا بإنشاء درجة الماجستير المهنية "مستشار في البيئة الداخلية" مصادق عليها من الجامعات.