طباعة هذه الصفحة

السيد أعمر العمري خبير في التكوين لـ "المساء":

التكوين أساسي في الحياة الاقتصادية وركيزته الإبداع

التكوين أساسي في الحياة الاقتصادية وركيزته الإبداع
  • القراءات: 3239
حنان. س حنان. س
يشكل التكوين ركيزة أساسية في تطوير الاقتصاد، ويتحدث عنه الخبراء اليوم بأنه عصب التنمية المستدامة، لذلك فإن العمل على تطويره وجعله في مقدمة الأولويات بالنسبة لكل سياسات التنمية يعتبر أمرا في غاية الأهمية،  وحول هذه المسألة، تحدثت "المساء"، إلى السيد أعمر العمري خبير في التكوين الذي أكد أن التنمية الاقتصادية تقوم أساسا على إكساب الفرد مهارات عالية تؤهله لأن يكون حجر الزاوية في كل معادلات التنمية.
❊ نعيش هذه الأيام على وقع الدخول المهني لموسم 2015-2016، فما أهم التوجيهات التي تقدمونها للمتربصين؟
— أولا، لا بد أن نعرف أن العالم يشهد حركية دائمة أساسها متغيرات جديدة كثيرة، وفي ظل هذه التغيرات الكثيرة وعلى رأسها التغيرات الاقتصادية، فإن الباحثين أيقنوا أن التنمية الاقتصادية تعتمد أساسا على توفر الموارد البشرية المكونة والمؤهلة وليس فقط على مدى توفر الموارد الطبيعية أو رؤوس الأموال، من هذا المنطلق نسعى اليوم كمهنيين إلى تقديم خبرتنا في هذا المجال من أجل جلب الاهتمام نحو التكوين المهني النوعي خدمة للفرد والتنمية المحلية والوطنية عموما.
❊ وماذا تقترحون في المجال؟
— نسعى حاليا إلى تقديم نظرة جديدة للتكوين في كل مجالاته، وفق برنامج جديد هو في الحقيقة عالمي مطبق في الكثير من الدول ويحمل اسم "المؤسسة التربوية -المؤسسة الاقتصادية"، يعني أنه برنامج يقوم على التنسيق الكامل بين التربية والتكوين، بحيث يقبل المتخرج من المعاهد والجامعات آليا نحو إحدى فروع التكوين لتلقي خبرات تكوينية ومهنية في أية شعبة يختارها وتكون طبعا متماشية مع تعليمه، لكن هذا البرنامج الذي نعمل عليه في المعهد الدولي لإدارة الأعمال والتجارة الدولية (أنسيم ـ فرع بومرداس)، يتطلب تنسيقا بين عدة جهات وليس فقط مديرية التكوين المهني التي قدمت لنا دعمها الكامل، نحن نتكلم عن مشروع لتطوير التنمية المحلية ومنه التنمية المستدامة التي يعتبر التكوين أحد أهم ركائزها، وشرعنا في عملية التحسيس بهذا المشروع مع انطلاق الموسم المهني الجديد.
❊ وهل تتوقعون النجاح لهذا المشروع خاصة أن التكوين مقتصر غالبا على الراسبين في الدراسة؟
— طبعا، ولتأكيد أقوالنا نشير إلى تجربة هذا المشروع في ولاية البليدة خلال الموسمين الماضيين للتكوين المهني، حيث طرحنا المشروع تحت مسمى ‘لعبة البزنسة’، هدفه توعية وتحسيس الشباب، خاصة طلبة الجامعات، بأهمية التوجه نحو الإبداع والابتكار، مع حثهم على التحلي "بمسؤولية الإبداع"، أي أن يحمل كل فوج من الطلبة اقتراحا أو بالأحرى مشروعا في أي مجال من اختياره ويسعى إلى تحقيقه، ولقي المشروع تجاوبا كبيرا وحمل الطلبة مشاريع وابتكارات رائعة تحققت بفوز أربعة منها؛ المشروع الأول لطالبة اختارت رسكلة الخشب، وبفضل إبداعها في ‘لعبة البزنسة’ فازت بوظيفة في إحدى المؤسسات الاقتصادية.
كما فاز طالب آخر أسس أول موقع إلكتروني لولاية البليدة خاص بالتجارة الإلكترونية أو ما يعرف بـ(إي كومرس)، وتمكن هو أيضا في النجاح في مجال إبداعه هذا بفضل "اللعبة"، وهدفنا هو أن يقتنع كل شاب وكل مواطن بأن أية فكرة يمكن أن تتحول إلى مكسب، فقط هو بحاجة إلى توجيه وبعده تكوين، لهذا نعمل نحن على الاقتراب من الجمهور من التوعية المتواصلة، ومنها وسائل الإعلام. ونشير إلى أن ولايتي البليدة وبومرداس أول ولايتين نموذجيتين تبنيتا المشروع ونحن نعمل على تعميمه في كامل ولايات الوطن.
❊ لكن التحدي الأكبر يكمن في مدى وعي المجتمع بأهمية التكوين، أليس كذلك؟
— بالتأكيد، لقد أثرتم مسألة غاية في الأهمية، نحن اليوم نسعى إلى جعل التكوين مترابطا بشكل وثيق، مع التعليم ومع الحياة المهنية في إطار مرافقة العاملين في دعم معارفهم وخبراتهم المهنية، لكن الأكثر أهمية على الإطلاق هو حث الفرد على أن يتقدم تلقائيا نحو التكوين، فالواقع اليوم يشير إلى انعدام الوعي بأهمية التكوين لدى الأسر الجزائرية، والواقع يشير أيضا إلى أن التلميذ الذي يرسب في دراسته يتقدم في كثير من الأحيان مرغما من والديه للاستفادة من تكوين ما، لكن إذا غابت الإرادة الشخصية لهذا الشاب، فإن نجاحه سيكون محدودا جدا، والأساس هو تنمية الثقة عند الأسرة بأهمية التكوين الذي يكون مرافقا للدراسة في مرحلة من المراحل وهنا يأتي الجواب على سؤالكم في كون التحدي يكمن بالأساس في ترسيخ أهمية التكوين من جهة، وتحرير الطاقة الابتكارية للأفراد من جهة أخرى، وبهذا يمكن إنتاج موارد بشرية مؤهلة تعمل على تحقيق التنمية المحلية ومنه التنمية المستدامة للمجتمع.
❊ وكيف يكتسب المجتمع الثقة في التكوين وبرامجه في تنمية الابتكار، ومنه الكفاءات؟
— المسألة تتطلب فقط تنسيقا بين عدة شركاء، ولا نتحدث هنا فقط عن معاهد التكوين العمومية أو الخاصة التي تعمل كلها بالتنسيق، وإنما مع الجماعات المحلية ومع مؤسسات المجتمع المدني كذلك، وهذا الذي يجرنا للحديث عن ضرورة وضع أرضية تتماشى مع الطرح العالمي الجديد للتكوين، فهناك اليوم خارطة جديدة للعالم مرسومة وواضحة المعالم تقوم على تكوين الفرد، وهذا الذي نسعى إليه كخبراء ومهنيين في المجال للتحسيس الواسع والمتواصل به، ومنه مرافقة الفرد لبلورة مشاريعه، وهو ما يجعلنا نؤكد أن التطور الاقتصادي للوطن يستدعي إعادة النظر في استراتيجية تنمية الموارد البشرية التي تبنى أساسا على إكساب المعارف وتحسين التكوين المتواصل وتجديده باستمرار، وهو ما سيسمح بخلق مؤسسات ذات كفاءة عالية مبنية على الفرد المبدع.