جمال بن زيان مختص في علم الاجتماع الثقافي التربوي:

التكامل بين الأسرة والمدرسة يتجاوز كراس المراسلة

التكامل بين الأسرة والمدرسة يتجاوز كراس المراسلة
  • القراءات: 1850
رشيدة بلال رشيدة بلال

أثار جمال بن زيان، أستاذ في علم الاجتماع الثقافي التربوي من جامعة الجزائر "2"، إشكالية غياب التكامل التربوي بين المدرسة والأسرة، وقال في حديث خاص لـ"المساء"؛ لابد من إعادة رسم استراتيجية جديدة تعيد بناء علاقة تكاملية بين الأسرة والمدرسة، على اعتبار أن لديهما نفس الدور، يتمثل في بناء فرد صالح.

اختار الأستاذ  جمال في دراسته التي شارك بها مؤخرا في ملتقى أقيم بالعاصمة حول سبل حماية الأسرة من الانحراف، أن تكون العينة التي ينطلق منها من أجل تحديد الشرخ القائم بين الأسرة والمدرسة على أطفال الطور الابتدائي وقال: "كمختص في علم الاجتماع، أعتقد أن الأسرة والمؤسسة التربوية في مجتمعنا لابد أن يتوافقا معا في الغايات والأهداف، وأن يكون لكليهما نفس الممارسات والأفكار فيما يخص عملية التربية،  لتجنب الوقوع في صراع يجعل هذا الطفل ضحية عدم فهم العملية التربوية، الأمر الذي ينعكس سلبا على نفسيته ويؤدي به إلى الرسوب الدراسي، كأول نتيجة من الصراع، إلى جانب صعوبة التحصيل والانحراف، ومنه المشاكل الكبرى التي تقوده إلى أن يصبح مواطنا سلبيا، ويشرح: "حسب اعتقادي، غياب التوافق في مجتمعنا يعود إلى طبيعة الأسر، إذ نجد مثلا الأسر المثقفة والواعية التي تبادر إلى تهيئة أبنائها بهدف استقبال المعلومة، وأكثر من هذا نجد عندها اهتماما كبيرا للاستثمار في أبنائها من الناحية العلمية، هذه الفئة نشعر بأنها تكمل دور الأسرة التربوي، غير أن بعض الأسر الأخرى التي يغيب عندها الوعي لا تزال تنظر إلى المدرسة على أنها المسؤول الأول والأخير على العملية التربوية، هذه الفئة بالتحديد هي التي تكشف عن غياب التكامل بينها وبين المدرسة، وأعتقد، أيضا، أن من أهم الأسباب التي تجعل العملية التكاملية غائبة أو ضعيفة بين المؤسستين؛ المناهج التربوية المعتمدة التي تعد جد متأخرة مقارنة بالمجتمعات المتطورة، فالمدرسة الجزائرية لأكثر من 50 سنة من الاستقلال تعتمد على أساليب تقليدية، فمثلا من بين المشاكل التي تطرح مشكل الاكتظاظ الذي يعيق معرفة الأستاذ لكل تلميذ على حده، بالإضافة إلى أن الاتصال بين الأسرة والمدرسة غائب ولعل أبسط مثال على ذلك جعل عملية الاتصال بين المدرسة والأولياء يوم الثلاثاء وفي فترة محددة، فهذا اليوم والتوقيت لا يساعدان مطلقا الأولياء، فكيف يمكن إذن بناء علاقة تكاملية بإجراء غير مدروس، أضف إلى ذلك، آلية كراس المراسلة الذي يعتبر دوره هامشيا وبسيطا، لأنه لا يبين شخصية الطفل الحقيقية" ويشرح "من المفترض أن المدرسة لابد لها أن تعرف تمام المعرفة شخصية ابنها المتمدرس في أقسامها، وعليها أن تعرف أيضا شخصيته في البيت، لأنه أحيانا تكون للطفل الواحد شخصيتان في نفس الوقت؛ هادئ في القسم وكثير الحركة أو عنيف في المنزل والعكس صحيح، وهذا يفترض أن يطرح الإشكال لبحث الأسباب وإيجاد العلاج، فمثلا، هناك أطفال يتصفون بالعنف في المدارس وبالهدوء في المنازل، بمعنى أنه يجد حرية في المدرسة، وهناك تسلط في المنزل، غير أن غياب التواصل يرهن العملية التكاملية".

وردا على سؤالنا حول المسؤول الأول عن فقد العلاقة التكاملية بين دوري الأسرة والمدرسة، يقول المختص الاجتماعي: "أحيانا تبدو الأسرة المتسبب الرئيسي، وتحديدا عندما تلقي بمشاكلها الخاصة على عاتق المدرسة، فمثلا خروج كلا الأبوين للعمل يجعل الأطفال يعانون من بعض النقائص قد تكون نفسية أو تربوية، في هذه الحالة المدرسة غير مسؤولة عن ملء هذا الفراغ، وأيضا الطفل غير المهيأ لولوج المدرسة ينظر إليها على أنها عالم غريب يرفضه، والأسرة أيضا عندما تفقد الثقة في الأستاذ بانتقاده عن تقصيرها فمثلا في الأمور الفكرية، كتحبيب الأبناء في القراءة والمطالعة، ليست بمسؤولية المدرسة وإنما تتحملها الأسرة التي قلما تنتبه إلى مثل هذه الأمور وأكثر من هذا الأسرة دائما تحب النتائج الفورية والممثلة في النجاح وتحصيل أحسن النقاط". يقول المختص الاجتماعي: "تعزيز العلاقة التكاملية بين الأسرة والمدرسة تتمثل في رأيي، في تفعيل أسلوب الحوار في البيت، إذ لا يزال الطفل يعامل كقاصر، ولا يملك القدرة على التعبير واتخاذ القرارات لأن الأسرة ترفض إعطاء ابنها فن القيادة التي تساعده على اكتساب الجرأة وتقضي على مختلف مشاكله النفسية؛ كالخجل، ناهيك عن تشجيع الوسائط التربوية الممثلة في الروضة للجميع والإكثار من الأقسام التحضيرية كأولوية، ولابد أن يتم تعزيز التواصل بين الأسرة والمدرسة كي تكون لكلا الطرفين صورة واضحة عن الطفل، ينبغي أن تكون واحدة".