علاج المدمنين على المخدرات

التعريف بالمصالح المتخصصة يكسر الحاجز الاجتماعي

التعريف بالمصالح المتخصصة يكسر الحاجز الاجتماعي
  • القراءات: 647

أرجع الطبيب الشرعي لمين مرواني، بمصلحة الطب الشرعي "لمين دباغين" في باب الوادي، عدم التوافق بين الجهود التي تبذلها المصالح المتخصصة في سبيل وقاية وعلاج المدمنين على المخدرات، وبين ارتفاع معدلات المدمنين، إلى غياب الحلقة التواصلية بينهما، بالنظر إلى أن المصالح المختصة في المعالجة لا زالت غير معروفة، رغم الحملات التحسيسية التي تقوم بها، بالتنسيق مع بعض الهيئات، مثل الجمعيات.

أشار المختص في الطب الشرعي في حديثه لـ"المساء"، على هامش التعريف بخدمات المصلحة الكائنة في مستشفى باب الوادي "لمين دباغين"، إلى أن عملية الوقاية ومعالجة المدمنين بالاعتماد على المصالح العمومية المتوفرة، تظل غير كافية، حيث يتواجد ـ حسبه ـ على مستوى التراب الوطني ما يعادل 30 مصلحة مختصة في العلاج عبر المدن الكبرى، يقابلها انتشار العديد من المواد المخدرة التي لم تعد تقتصر على الحشيش فقط، إنما امتدت لتمس بعض الأنواع الجديدة المتمثلة في الأدوية التي تقدم لمرضى السرطان، بغية التخفيف عنهم، الأمر الذي جعل دائرة الاستهلاك تتسع ويصعب التحكم فيها، حيث يقول "نجد مثلا الاكستازي التي يمكن تصنيعها، بالتالي من لا يستطيع شراءها يقوم بتحضيرها، الأمر الذي يجعلنا نتجاوز إشكالية قلة المراكز، ونبحث عن سبل أخرى للحد من اتساع دائرة الاستهلاك التي امتدت لتمس فئة القصر من الجنسين".

مخطئ من يعتقد أن مسؤولية معالجة المدمنين تقع فقط على عاتق الطبيب والمختص النفسي، إنما تعد، حسب الطبيب المختص، مسؤولية جماعية يتقاسمها كل أفراد المجتمع، بداية من العائلة التي يقع على عاتقها الحمل الأكبر المتمثل في إقناع المتعاطي بضرورة العلاج، وصولا إلى الجمعيات العاملة في المجال، التي تلعب إلى جانب مهمتها التحسيسية الهام في المساهمة من خلال نشاطاتها، دورها في التعريف بخدمات هذه المصالح ليسهل الوصول إليها، يقول "لاسيما أن عددا كبيرا من المدمنين يرفضون الالتحاق بالمصالح للعلاج، خوفا من نظرة المجتمع التي لا زالت تشكّل حاجزا أمام رغبة هؤلاء في الشفاء من هذه الآفات الاجتماعية الخطيرة"، مشيرا إلى أن أغلب المدمنين من الذين التحقوا بالمصلحة هو بهدف تلقي العلاج، مؤكدا أن الدافع إلى ولوج هذا العالم هو الفضول والرغبة في التجربة، فضلا عن معاناتهم من بعض المشاكل الاجتماعية التي تقودهم إلى مخالطة المجرمين.

محاربة آفة المخدرات وحمل المتعاطي على التقرب من المصالح المتخصصة،  يتطلب ـ حسب المختص في الطب الشرعي ـ توفر عاملين اثنان هما؛ الإرادة يقول "لأننا نعرف أن من يستهلك مثل هذه السموم عادة ما يتخفى عن المجتمع بسبب الخوف والخجل"، بينما يتمثل العامل الثاني في بقاء هذه المصالح مخفية وغير معروفة، "الأمر الذي جعل فئة قلية فقط تتصل بها"، يشير محدثنا، من أجل هذا، يحاول كلما سنحت لنا الفرصة، التعريف بالمصلحة وحث كل أفراد المجتمع على تشجيع هؤلاء المدمنين للاقتراب منها بغية العلاج. مشيرا إلى أن  المصلحة على مستوى مستشفى "لمين دباغين" بباب الوادي تستقبل سنويا 200 مريض جديد، وهو رقم لا يعكس المعدل الحقيقي للمستهلكين، بسبب تفشي قانون السكوت المعزز بالحاجز الاجتماعي، الذي لا يعامل المدمن على أنه ضحية، في الوقت الذي يشير قانون 18 /04 الصادر سنة 2004، إلى أن مستهلك المخدرات مريض يحتاج إلى العلاج، الأمر الذي يدعونا من خلاله إلى  الرفع من معنويات المدمن ومساعدته على التماثل للشفاء، بإعطاء جرعة أمل تحفّزه على ترك هذه السموم".

من جهة أخرى، يرى الطبيب مرواني أن عملية متابعة المدمنين، ورغم أهميتها، تظل غير كافية بالنظر إلى فشل الكثير من المرضى بمجرد الخروج من المصالح، لأن بيئتهم لا تساعدهم، بل تعيدهم إلى مرحلة الإدمان الأولى، وهي أصعب مرحلة يعيشها المدمن والطبيب، لذا يقول "ندعو بالمناسبة، إلى ضرورة دعم المدمنين ليتمكنوا من التغلب على حالتهم، بالاستنجاد بشهادات التجارب الناجحة، وهي عادة مهمة تقع على عاتق العائلة في المقام الأول، وعلى المحيطين به لدعمه وحمايته من الانتكاسة"، كاشفا في السياق، عن أن خطورة الإدمان لا تقتصر على مجرد تعاطي المخدرات فقط، إنما يتعداه إلى تعرض المدمن لبعض الأمراض المنتقلة عبر الدم، خاصة إن كان الاستهلاك جماعيا، كالإصابة بالسيدا والتهاب الكبد وبعض السرطانات، وهو ما يغفل عنه الكثيرون ممن غرر بهم.

رشيدة بلال