عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة "ندى":
التسول بالأطفال ظاهرة معقدة بحاجة إلى تحقيق ميداني

- 1945

وصف عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة "ندى" للدفاع عن حقوق الأطفال، ظاهرة التسول في المجتمع الجزائري بالمعقدة، وقال في حديث خاص لـ"المساء"، بأن حلها اجتماعي يتمثل في ضرورة التكفل العاجل بالفئات الهشة والمعوزة التي تدفعها الحاجة إلى التواجد بالشارع رفقة الأطفال للتسول.
يقول عبد الرحمان عرعار: "عند الحديث عن الفئات الهشة، نستثني منها تلك التي تستغل الأطفال في جريمة التسول، لأن القانون كان صريحا كونه جرم الظاهرة وعاقب عليها بالردع لما يترتب عليها من تبعات تؤثر على الأطفال وتسوقهم إلى عالم الجريمة، بينما يبقى الشق الثاني والمتعلق بالأطفال الذين تسوقهم عائلاتهم بدافع الحاجة إلى التسول من دون حل استراتيجي واضح، لأن المراكز التي تتكفل بهذه الفئات عبر كامل التراب الوطني تعد على الأصابع ولا تتجاوز الستة مراكز، ثلاثة منها تسيرها جمعيات، والثلاثة الباقية تسيرها وزارة التضامن، بالتالي، حتى وإن فكرنا في حماية هؤلاء الاطفال بوضعهم في المراكز بعد انتزاعهم من ذويهم يبقى الإشكال قائما، لأن عدد المراكز قليل، وإن كنت ضد فكرة انتزاع الأطفال من ذويهم حتى وإن تم التسول بهم إلا في حالة واحدة وتكون بتقدير من القاضي إذا كانت تواجدهم مع ذويهم يشكل خطرا عليهم، كأن يكون مثلا ممن يتعاطون المخدرات، أو يرافقون عصابات إجرامية. أما أن نقوم بانتزاع الأطفال لمجرد أن الأم تتواجد في الشارع رفقة أبنائها للتسول بهدف سد الجوع فهذا لا يجوز".
وحول ما إذا كانت هناك دراسة ميدانية حول الدافع وراء التسول بالأطفال، أكد محدثنا أنه بالرجوع إلى الإحصائيات، نجد أن أكثر من 11 ألف طفل يستغل في التسول، وعائلات بأكملها تعيش في الشارع في غياب أبسط حقوق هؤلاء الأطفال من رعاية صحية وتمدرس، من أجل هذا، أعتقد بأن الحل ينحصر في ضرورة إجراء تحويل اجتماعي للفئات الهشة، لأن قضية التسول في الجزائر لها عدة خلفيات، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى، حبذا لو تباشر الجهات المعنية بالدولة ممثلة في وزارة التضامن بالدرجة الأولى في تحقيقا ميداني لتحديد الأسباب وراء التسول بالوقوف عند كل حالة وتشخيصها، وخارج هذا الإطار، لا يمكننا وضع حد للتسول بالأطفال، لأننا نجهل الوضعية الحقيقية وفي كل مرة نتحدث عن الكم الأمر الذي ضاعت معه حقوق الكثير من الأطفال.
ومن بين الإشكالات التي دعا رئيس شبكة "ندى" إلى ضرورة التعجيل بحلها، تلك المرتبطة بعمليات الترحيل، والتي حتمت هي الأخرى على بعض العائلات التي لم تستفد من سكن التواجد في العراء، مما يعني أيضا مبيت الأطفال في الشوارع، وهذا في حد ذاته انتهاك صارخ لحقوق الأطفال الذين يتم تعريضهم بهذه الطريقة لكل الآفات الاجتماعية بما فيها التسول، بالتالي أعتقد أنه يوجد تقصير في حماية الفئات الهشة في المجتمع، خاصة إذا علمنا أن قانون المالية يخصص كل سنة نصيبا ماليا للتكفل بهذه الشرائح الهشة.
تفعيل مشروع آلية التبليغ واليقظة يضع حدا للاختطاف...
لا تقل جريمة التسول بالأطفال عن جريمة الاختطاف، حسب عبد الرحمان عرعار، حيث قال: "نؤكد في كل مرة كجمعية مهتمة بحقوق الأطفال، أنه ما دام العنف والجريمة في تزايد، سيكون هناك لا محالة حالات اختطاف أخرى، ولعل حادثة الطفل أمين خير دليل على ذلك، لأن التحقيقات كشفت عن أن 12 مجرما تورطوا في عملية الاختطاف وليسوا منحرفين وإنما على درجة عالية من الثقافة، وأكثر من هذا ناشطين تجاريين، وهم من خارج العائلة ما يعني جريمة وهذه العصابة تملك إمكانيات كبيرة بالنظر إلى الموارد التي سخرت لإنجاح عملية الاختطاف، الأمر الذي يدعونا إلى دق ناقوس الخطر لأن تخوفنا متجه إلى التحول نحو استغلال الطفل بهذا المستوى من الجريمة، ولا أخفي عنكم أتوقع أن تكون هناك حالات اختطاف أخرى وبنفس الدرجة من الدقة، لأن الجريمة اليوم لا حدود لها سواء في المعلومة أو الممارسة".
وضع حد للاختطاف، حسب عبد الرحمان عرعار، متوقف على صدور المشروع المتعلق بآلية التبليغ واليقظة التي تشرك كل الشركاء في محاربة الظاهرة، ولا تبقى ظاهرة الاختطاف منحصرة في مصالح الأمن كجهاز مكلف بمتابعة هذه الجرائم، ومن ناحية أخرى، لابد على العائلات الجزائرية أن تربي أبنائها على السلوك الحذر وعلى الحماية الذاتية، لأن المسؤولية الأولى في مثل هذه الجرائم تلقى على عاتق الأسرة، كون مصالح الأمن لا يمكنها التدخل إن لم يكن هناك تبليغ، كما أن المصالح الاجتماعية ضعيفة وتتدخل فقط بعد وقوع الكارثة، مما يعني أن هناك ضعف فيما يخص التكفل الاجتماعي، لذا استفحلت الجريمة.