صرخة قابلات أحببن مهنتهن:

الاعتراف بالجميل.. التكوين.. والحماية القانونية أهم مطالبنا

الاعتراف بالجميل.. التكوين.. والحماية القانونية أهم مطالبنا
  • القراءات: 1296
رشيدة بلال رشيدة بلال

عبرت القابلات المشاركات مؤخرا بمقر المرصد الوطني للمرأة في اليوم العلمي، لفائدة العاملين في مختلف مصالح التوليد وطب النساء، عن نبل مهنتهن التي لم تعد تحظى بالاهتمام المطلوب، وبالمناسبة، عبرن عن بعض انشغالاتهن التي تعيق عملهن ودفعت ببعضهن إلى طلب التقاعد المسبق أو التخلي عنها. "المساء" اقتربت منهن ورصدت جانبا من انشغالاتهن. تقول ليلى بلقرون، مسؤولة لجنة الصحة، بأن القابلة كان دورها ولا يزال هاما جدا، إذ أن الفتاة تتصل بها بمجرد الارتباط، ومنه تظل علاقتها قائمة مع قابلتها التي تأخذ على عاتقها توعيتها وإرشادها وتوجيهها إلى كل ما قد يشكل علامة استفهام في حياتها الخاصة مع زوجها، غير أن الإشكال الكبير الذي تعانيه القابلات اليوم، والذي يطرح بشدة يتمثل في قلة عددهن بسبب التوقف عن تكوين العاملات في هذا السلك لمدة سنوات، الأمر الذي تسبب في وجود قابلات مسنات لا يزلن يعملن في الميدان ويجدن صعوبات جمة، بسبب تعرضهن للعديد من الأمراض المرتبطة طبعا بالسن.

غياب التكوين يعصف بمهنية القابلة 

من جهتها القابلة جهيدة كوية، عضو بمجلس مرصد المرأة، قالت بأن مهنتها سمحت لها بالتقرب من النساء وربط علاقة ثقة جعلت بعضهن ينظرن إلى القابلات على أنهن متخصصات نفسيات، حيث لا يتحرجن في طرح انشغالاتهن التي كن يجبن عنها ولا يغفلن فرصة توعيتهن بمختلف الفحوصات المرتبطة تحديدا بالأمراض التي يمكن أن تصيبهن، كالسرطانات، وبحثهن على ضرورة القيام بالكشف المبكر، غير أن الإشكال الكبير الذي يواجهنا كعاملين في الحقل الصحي، تضيف: "هو غياب التكوين، حيث نضطر إلى الحصول على تكوينات تجعلنا نتماشى والتطورات الحاصلة في المجال الصحي على حسابنا الخاص، بمساعدة بعض المخابر، وتعلق: "دور القابلة لم يعد تقليديا ممثلا في متابعة مراحل حمل المرأة، بل هي مكلفة اليوم بأعمال أخرى، كتوعية الفتاة وتحضيرها للزواج، مع الإشراف على دورات إرشادية حول الولادة، ومرافقتها بعد الولادة بالتأكيد  على أهمية إرضاع طفلها، خاصة أن الإحصائيات تشير إلى أن الرضاعة الطبيعية تراجعت إلى 6 بالمائة، وهو عدد قليل، كل هذه الأعمال تتطلب أن تخضع القابلة إلى رسكلة دورية بهدف تجديد المعلومات".

نكران الجميل أحبط عزيمتنا

وصفت سمية بوخنشوش، قابلة لما يزيد عن 25 سنة، مهنتها بالنبيلة، وقالت بأن المرأة اليوم أصبحت أكثر وعيا بدور القابلة، غير أنها ترى بأن الإشكال بالنسبة لها ليس مع النساء اللواتي تربطها بهن علاقة ثقة وتحاول قدر الإمكان الإجابة على انشغالاتهن، وإنما الإشكال يتمثل في نكران الجميل من الجهات الوصية التي لا تعير أهمية للجهد الذي تبذله القابلات، خاصة أن أغلبهن يخرجن بعد ممارسة المهنة من الباب الضيق وبالعديد من الأمراض المستعصية العضوية منها والنفسية، ولا يتلقين أية متابعة أو مساعدة أو حتى دعم معنوي، الأمر الذي أحبط عزيمتنا، وأنا شخصيا ـ تضيف ـ "بسبب قلة الاهتمام بالقابلة، كشخص يؤدي عملا نبيلا ممثلا في مرافقة المرأة إلى غاية وضع مولودها، وتكون هي أول من يحتضن المولود بعد ولادته ويسمع صراخه، قررت الاستقالة من القطاع العمومي والعمل في عيادة خاصة، أين أحصل على نوع من التقدير، من ناحية، ومن جهة أخرى، من بين الإشكالات التي تطرح أيضا؛ كيفية الالتحاق بمهنة قابلة، حيث يشترط بكالوريا بمعدل 13 أو 14 من عشرين، مما يجعل الوافدات على هذا السلك من اللواتي لا يرغبن في هذه المهنة، وإنما دافعهن إليها فقط المعدل، كونه التخصص الوحيد المتبقي في السلك الطبي بهذا المعدل، وفي المقابل تظل اللواتي يرغبن فيها ممن حصلن على معدلات أقل غير قادرات على الالتحاق بهذا العمل، الأمر الذي يجعلنا نطالب بإعادة النظر في شروط الالتحاق بهذه المهنة، حتى تمارس الراغبات فيها، لأنها مهنة غاية في الحساسية وتتطلب أن تحبها المقبلة عليها قبل أي شيء آخر.

القابلة غير محمية قانونيا

الحماية القانونية هي أكثر ما تحتاج إليه القابلة لتتمكن من العطاء وتتمسك بمهنتها، تقول القابلة نعيمة رباعي، عضو بالمجلس التنفيذي لفيدرالية الصحة وتضيف؛ "القابلات اليوم يعملن في ظروف صعبة، إذ يكن مهددات في المحاكم بمجرد أن يقع أي خطأ عند الولادة، وينظر إليهن على أنهن متهمات وكأنهن قصدن ما وقع رغم أن بعض الحالات لا تحدث عن إهمال وإنما بسبب ضغط العمل، وفي هذا الإطار، من المفترض أن تتم حمايتهن بتوجيههن مثلا إلى مجلس أخلاقيات المهنة، عوض العدالة مباشرة حتى يكون هناك تدرج، وتشعر القابلة بنوع من الإنصاف والحماية، هذا الإجراء غير موجود للأسف، مما يجعل عددا من القابلات يظلمن ويقررن التخلي عن مهنة أفنين فيها حياتهن، من أجل هذا، طالبنا بعد مشاركتنا في مشروع قانون الصحة الجديد، بالعديد من المطالب التي تساهم في حماية وترقية مهنة القابلة، نتمنى فقط أن تؤخذ بعين الاعتبار ويجري التخلي عن قانون 11 /21 الذي تخضع له القابلات والذي لا يخدم مسارهن المهني ويهضم الكثير من حقوقهن، تقول المتحدثة.