عبد القادر معسفن استشاري نفسي تربوي لـ "المساء":

الاستثمار في الطفل يبدأ بفهم مبادئ التربية السليمة

الاستثمار في الطفل يبدأ بفهم مبادئ التربية السليمة
  • القراءات: 1164
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أوضح السيد عبد القادر معسفن، استشاري نفسي تربوي ومدير مركز المرافقة النفسية، أن التربية هي تمكين الإنسان من ممارسة القيم وليس إعداده للشركة، إلا أن الموجود حاليا في العالم العربي هو تربية مادية وليست إنسانية، وهذا ما يبعدنا عن مفهوم الاستثمار في الطفل. ويقول الخبير التربوي بأن الاستثمار في الطفل يبدأ بالتربية الحسنة، ومن ذلك ينطلق مفهوم التربية "الرشيدة"، مشيرا إلى أن الوصول إلى ذلك الأمر لا يتم إلا بفهم التنبؤات المستقبلية، وذلك يفهم ماضي طفولتنا وعلاجه، يعني محاولة تفادي الأخطاء التي ارتكبها السابقون وتغييرها لخدمة الطفل. مضيفا أن طفل اليوم هو رجل الغد، يقول: "فكل راشد يواجه صعوبة في العيش وسط المجتمع هو طفل ناقص التكوين من حيث القيم الإنسانية، وهنا يوضح المتحدث أن المربي عليه أن يتبنى مبدأ جديدا يبني على أساسه التربية التي تساعدنا على الاستثمار في الطفل، ذلك المبدأ يتمثل في جعل الراشد في خدمة الطفل وليس العكس، لأن الطفل ليس أداة، وإنما فرد ذو معارف ومدارك مثيرة للاهتمام، لابد من أخذها بعين الاعتبار". ويشرح المختص بالقول بأن ذلك الاستثمار لابد أن يبدأ من المؤسسة التربوية العائلية، فإذا كانت هذه الأخيرة لها كفاءة في التربية فسوف ينعكس ذلك على المجتمع، أما إذا لم توفر العائلة الأمان للطفل ولم تكونه فالفرد يبقى ناقصا من حيث مشاركته الفعالة في المجتمع".

وفي هذا الخصوص، أفاد الخبير بأن العالم العربي بات لا يفرق بين الرعاية والتربية، وكلاهما حق الطفل على والديه، فالرعاية هي ضمان الحاجيات الأساسية المادية والمعنوية والوجدانية له، أما التربية فتخص المرافقة التدريجية لتطوير مهارات الطفل الاجتماعية والنفسية والروحية. قال السيد معسفن بأن الأداة التي يربى بها الطفل تجمع عددا من المبادئ تلخص في الحرية، الاحترام، والحوار. فالحرية ليست تلك الحرية الخارجية التي يخطئ البعض في تعريفها وإنما يقصد بها الحرية الوجودية، وهي حق طبيعي وفطري لا يعطى من الخارج، وأعطى المتحدث مثالا عن ذلك بأن 90 بالمائة من الأطفال لا يشعرون بالحرية داخل البيت وإنما هم معرضون يوميا إلى تلقي أوامر وأحكام وهذا من أكبر الأخطاء التي تؤدي إلى عرقلة الاستثمار في الطفل، لأن ذلك يجعله عاجزا عن تكوين ذات مستقلة قادرة على تولي المسؤولية مستقبلا، وإنما تكون دائما ضميرا متصلا بشخص آخر.

وعن مبدأ الحوار يقول معسفن؛ هو أن يكون الراشد وسيطا بين الطفل وعقله، متفتحا على أفكار الطفل وغير منتقد لها بطريقة سلبية، فلابد من تخيير الطفل بين أمرين أو عدة أمور حتى يتمكن مستقبلا من معرفة مفهوم الحوار وليس التصدي للأفكار مهما كانت إيجابيتها. ويبقى مبدأ الاحترام أنجح المبادئ التربوية، حسب الخبير، فإذا نجح المربي في فرض احترام الطفل له سهلت عليه عملية التكوين لإنشاء فرد متزن ومرن قادر على احترام الغير وفرض، بالمقابل، احترامه. ولحسن تطبيق هذا المبدأ، يقول الخبير؛ لابد من معرفة معنى السلطة وهي ممارسة تنقسم مع الطفل وليست إثبات قوة وممارستها عليه ولابد أن تكون بالعدل والمحبة حتى يتمكن الطفل من تقبلها، فهذه المجموعة من المبادئ التربوية فعالة في تحقيق طفولة سعيدة وراشد متزن في المستقبل وبذلك نكون قد أحسنا الاستثمار في الطفل، فالتربية لها توجيه وفعالية ونجاعة ورؤية واضحة؛ إلى أين نخطي بخطانا؟ وليس ضباب في الرؤية، وهي الثمرة والحل للمجتمعات والوعي بأن الحلول ليست في الماديات وإنما في الاستثمار التربوي، لأن الماديات هي وسائل فقط لتحقيق ذلك الاستثمار وتحقيق أهداف التربية.