من التوعية الرقمية إلى الكشف المباشر وصولا إلى العلاج التكميلي

الاتحاد العام للعمال الجزائريّين ينظم حملة ضد سرطان الثدي

الاتحاد العام للعمال الجزائريّين ينظم حملة ضد سرطان الثدي
  • 146
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

نظّم الاتحاد العام للعمال الجزائريين بالتنسيق مع قسم الصحة والوقاية في العمل وقضايا المرأة العاملة واللجنة الولائية للمرأة العاملة، يوما تحسيسيا وتوعويا مميزا احتضنته قلعة الجزائر "لاسيتادال" مؤخرا، في إطار مكافحة السرطان. حيث جاء هذا الحدث الهام في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز الوعي بخطورة داء السرطان، والتشجيع على الكشف المبكر والوقاية؛ كأفضل وسيلة لمكافحة المرض الذي يشكل أحد أكبر التحديات الصحية في عصرنا. 

نُظمت المبادرة، وفق القائمين عليها، بهدف تعميق الوعي الصحي لدى العمال والمواطنين، وتسليط الضوء على أهمية الوقاية، والكشف المبكر؛ كعاملين أساسيين في تقليل نسب الإصابة، وتحسين فرص العلاج، وإبراز الدور الحيوي الذي يمكن أن تضطلع به المؤسسات النقابية في مرافقة الجهود الوطنية لمكافحة السرطان؛ سواء من خلال التوعية داخل أماكن العمل، أو عبر النشاطات الميدانية الهادفة إلى بناء مجتمع أكثر إدراكا بصحته.

واتسمت الفعاليات بمشاركة فعالة من مختصين في الطب والصحة العمومية، إلى جانب جمعيات ناشطة في مجال مكافحة السرطان، الذين أثروا اللقاء بمحاضرات علمية وورشات تفاعلية، تناولت أحدث المستجدات في مجالات العلاج والدعم النفسي والاجتماعي للمصابين. وبفضل هذا التفاعل الإيجابي نجح اليوم التحسيسي في تحقيق هدفه المزدوج بين نشر المعرفة العلمية الدقيقة، وترسيخ الوعي المجتمعي الشامل الذي يجعل من الوقاية أسلوب حياة.

دعوة إلى ضرورة الكشف المبكر..

دعت بركاني سليمة، رئيسة الجمعية الطبية "تفات" بولاية تيزي وزو التي شاركت في اليوم العالمي لمكافحة سرطان الثدي، مؤخرا، المواطنين إلى الكشف المبكر عن سرطان الثدي، مؤكدة أن الوقاية تبدأ بالوعي، والفحص الدوري، وأن الكشف المبكر قد يكون الفارق الحاسم بين العلاج الناجح وتفاقم الحالة. حيث أكدت أن السرطان الخبيث مرض صامت لا تظهر أعراضه في مراحل أولى؛ ما يجعل المراجعة المنتظمة للمراكز الصحية ضرورة ملحّة لحماية الصحة العامة. ولم تكتف بالتأكيد على أهمية الفحص المبكر، بل دعت إلى إعادة التفكير في طريقة تقديم حملات التوعية، والخروج من أسلوبها الكلاسيكي المكرر؛ لمنحها طابعا جديدا وجاذبا، يمكن أن يتفاعل معه المجتمع بشكل أكبر.

حيث أوضحت أن الجمعيات والمراكز الصحية مطالَبة بابتكار أساليب حديثة ومبتكرة في التواصل مع المواطنين؛ مثل استخدام منصات التواصل الاجتماعي، والرقمنة عامة، ورواية قصص واقعية تخطت بطلاتها المرض، مع ضرورة تنظيم ورشات تفاعلية، لتصل الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من الفئات العمرية بطريقة تشد انتباههم، وتحفزهم على اتخاذ خطوات عملية للفحص المبكر.

وأكدت سليمة أن التغيير في أسلوب الحملات لا يقل أهمية عن الفحوصات نفسها؛ لأنه يمكن أن يجعل التوعيةَ أكثر تأثيراً، ويخلق ثقافة مجتمعية صحية حقيقية، داعية الأسر والمجتمع ككل، إلى المشاركة الفاعلة، والعمل بروح المسؤولية للحفاظ على صحة كل فرد، وحماية الأرواح من مضاعفات الأمراض التي يمكن تجنبها بالكشف المبكر؛ كونه ليس مجرد إجراء طبي، بل خطوة إنسانية واجتماعية تحمي الأرواح، وتقلل من التكاليف الصحية عن الأسرة، والمجتمع.

التوعية الرقمية… مبادرة  مستمرة من نادي "أكسيس"

قال حمدي رابح، طالب سنة ثالثة طب ورئيس النادي العلمي "أكسيس"، على هامش مشاركته في اليوم العالمي لمكافحة سرطان الثدي، إن الهدف الأساسي من نشاطات النادي هو تعزيز التوعية والتحسيس العلمي في المجتمع، ليس فقط في المناسبات الخاصة، بل على مدار السنة.

ويؤمن الطالب حمدي رابح، على حد تعبيره، بأن التوعية ليست مجرد نشاط يقام في يوم أو أسبوع محدد، بل هي عملية مستمرة ومتجددة، تحتاج إلى عمل منظم، وأفكار مبتكرة، ومشاركة جماعية. وعلى هذا الأساس يعمل النادي على مشروع رائد يهدف إلى ابتكار قاعدة بيانات رقمية خاصة بالتوعية والتحسيس؛ حتى تكون متاحة على مدار السنة، وتجمع بين العلم، والإعلام، والتقنيات الحديثة.

من المناسباتية إلى التوعية المستمرة

وشرح حمدي أن أغلب حملات التوعية التي تنظم عادة في الجامعات والمجتمع، تكون مناسباتية؛ أي تقام في أيام معيّنة؛ مثل اليوم العالمي لمكافحة التدخين، أو اليوم العالمي للسكري، أو مكافحة السرطانات وغيرها. ورغم أهميتها إلا أنها تظل محدودة في الزمان والمكان، لذلك يرى أن الوقت قد حان للانتقال إلى نموذج جديد من التوعية، يعتمد على الاستمرارية، والانتشار الرقمي.

وأضاف قائلا: " إن الفكرة هي أن نجعل التوعية عملية دائمة لا تتوقف، وأن تكون متاحة في أي وقت، ولكل شخص؛ من خلال محتوى علمي موثوق، وسهل الوصول؛ فالتقنيات التكنولوجية، اليوم، تسمح لنا بذلك، وعلينا استغلالها بشكل إيجابي". وذكر أن المبادرة التي يعمل عليها النادي تتمثل في بناء قاعدة بيانات رقمية، تضم مجموعة واسعة من المقالات العلمية والصحفية التي تتناول مواضيع متنوعة حول الصحة، والسلوك الإنساني، والتغذية، والأمراض المنتشرة، وأن هذه القاعدة ستكون بمثابة مجلة علمية رقمية مفتوحة للجميع، هدفها تقديم المعلومة بأسلوب مبسط، وتحفيز الشباب على البحث، والتفكير النقدي، مؤكدا أن هذا المشروع لن يكون حكرا على أعضاء النادي فقط، بل هو منصة مفتوحة للمشاركة من مختلف الطلبة والباحثين، وحتى المهتمين من خارج الجامعة. وشدد في حديثه قائلا: "نريد أن يشعر كل شخص أنه جزء من عملية التوعية، وأنه فرد فعال في المجتمع. فكل مقال أو منشور يمكن أن يُحدث فرقا. وكل قارئ يمكن أن يصبح ناقلا للمعلومة وللمعرفة لمن حوله. فالتوعية لا بد أن تكون مسؤولية جماعية".

وأضاف المتحدث أن التوعية ليست مهمة المؤسسات الرسمية فقط، بل هي مسؤولية الجميع، فكل شخص يمكن أن يكون مصدر وعي داخل عائلته، ومع أصدقائه، وفي محيطه، لهذا، يضيف حمدي رابح، فإن النادي يركز على تشجيع المشاركة الجماعية؛ بحيث تصبح الرسائل التحسيسية متسلسلة ومنتشرة من شخص إلى آخر، تماما كما تنتقل المعلومة عبر شبكات التواصل. وهذا النوع من المشاركة، يضيف، يجعل التأثير أعمق، وأكثر واقعية؛ لأن الناس يتفاعلون، بشكل أكبر، مع الرسائل التي تأتيهم من أشخاص يعرفونهم، ويثقون فيهم.