بولبينة يشرّح ظاهرة الجرائم ضد الأطفال:
الإعدام لا يحل الإشكال

- 689

طالب الدكتور إسماعيل بولبينة من كل الجهات، وعلى رأسها السلطات الأمنية والعدالة والتربية والصحة، بضرورة تبني حوار واع ومسؤول وبناء حول ظاهرة الجرائم ضد الأطفال، هذه التي قال عنها بأنها كانت دائما موجودة ولكنها ظهرت إلى العلن في السنوات الأخيرة، بسبب التلفاز الذي يرى فيه سلاحا ذا حدين، ولفت إلى أن الإعدام لا يحل مشكل اختطاف الأطفال.
قال الدكتور بولبينة بأن الجرائم ضد الأطفال كانت موجودة دائما، لكن الإعلام أظهرها إلى العلن اليوم، مما جعلها تبدو للرأي العام بأنها ظاهرة دخيلة على مجتمعنا، وهو ما جعله يؤكد على أن التلفاز، ويقصد هنا القنوات الفضائيات، يلعب دورا إيجابيا وآخر سلبيا.
الدور الإيجابي جعله المختص في التوعية والتحسيس حول مختلف الآفات الاجتماعية وليس فقط الجرائم ضد الطفولة، عبر حصص تبث من وقت لآخر حتى تزيد الأسر من الحيطة والحذر، أما الدور السلبي فقال الدكتور بأنه ينحصر في التهويل الإعلامي الكبير الذي يعرقل سير التحقيقات التي تباشرها الجهات الأمنية المختصة، مما قد يعطي للجناة الوقت للهرب أو غيره.
وأعطى المتحدث في منتدى المجاهد أمثلة عن الطفلة نهال التي اتخذتها بعض القنوات مادة دسمة على مدار أسابيع، أو قضية الطفل نصر الدين الذي راحت قنوات تستوجب أفراد من عائلته أو بعضا من الجيران حول حياة الطفل وغيره، وهي المعلومات التي قال بشأنها الدكتور بولبينة بأنها تدخل في إطار التهويل، ويصنفها بأنها سلبية ولا تأتي بالنتائج المرجوة.
من جهة أخرى، يرى الدكتور أن الإعدام لا يحل مشكل اختطاف الأطفال، وإنما دراسته من كل جوانبه من طرف كل الجهات المعنية والعمل على حل المشاكل المرتبطة بالأفراد والمؤدية ببعضهم إلى الجنوح نحو الجرائم هو الأساس، وقال بأن الدولة المخول الوحيد في تطبيق عقوبة الإعدام من عدمه "وليس منوطا للشعب التظاهر والمطالبة بالإعدام ضد قاتلة نصر الدين أو قاتل نهال.. هذه فوضى، هناك دولتين يطبق فيهما الإعدام العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، والواقع عندهم يشير إلى عدم تناقص الإجرام في البلدين وباعتراف رسمي"، يقول المتحدث ملفتا إلى أن السجن المؤبد لخاطفي الأطفال وقاتليهم أحسن عقوبة.
إن أمر تخويف الأطفال يأتي كعامل رئيسي لوقاية الأطفال من كل أنواع الجرائم، خاصة الاختطاف، ودعا الأمهات إلى تبني لغة الحوار الشفاف مع أطفالهم ولكن بتخويفهم، أي الحديث معهم على كل شيء دون طابوهات "فمن حق الطفل أن يعي ما يجري حوله وما قد يواجهه في محيطه.. إذ لا وجود لملائكة، في المقابل لا بد من تخويفه حتى لا يكون ضحية سهلة للمجرمين كيفما كانت صفتهم"، يقول الدكتور.
وفي معرض تحليله للجرائم ضد الأطفال وأسبابها، أوضح المحاضر أن التغير السوسيو- اقتصادي للمجتمع وتأخر سن الزواج ومشاكل التفكك الأسري، إضافة إلى استفحال تعاطي المخدرات والكحول وحتى عوامل الانتقام وشبكات التسول وكذا الشعوذة والسحر، كلها أسباب تحفز ظهور هذه الجرائم التي كثيرا ما يكون الطفل ضحية لها بسبب صغر سنه وعدم مقدرته الدفاع على نفسه.
وتظهر أيضا بعض الأمراض النفسية أسبابا أخرى لوقوع جرائم ضد الأطفال، حيث تحدث الدكتور على استفحال الأمراض النفسية والأمراض العقلية، في المقابل يسجل نقص فادح في المستشفيات المتخصصة في هذه الأمراض عبر الوطن، معتبرا أن المرضى العقليين الذين يهيمون في الشوارع قنابل موقوتة، فقد يكونون مصدرا للكثير من الاعتداءات على الجميع وليس فقط الأطفال.
وإذا كانت الوقاية من ظاهرة الجرائم ضد الأطفال محصورة ـ حسب المختص- لدى الأسرة بالدرجة الأولى، فإن العلاج مربوط بتضافر جهود عدة جهات، وعلى رأسها وزارتا العدل والداخلية، حيث طالب العدالة بوضع محاكم خاصة وقضاة مختصين بالأطفال، أما الأمن فهو مطالب ـ حسب بولبينة - بتخصيص أعوان أمن ذوي تكوين نفسي واجتماعي، أو بتسطير دورات تكوينية للشرطة في مجال علمي النفس والاجتماع، من أجل معرفة كيفية الحديث إلى الأطفال ضحايا كل أشكال العنف، خاصة العنف الجنسي، مع الاستماع إليهم في غرفة خاصة وعلى انفراد.