حصص المعالجة البيداغوجية
الأولياء يثمنون والمعلمون ممتعضون

- 601

تسود حالة من ”اللافهم” لدى بعض الأساتذة وأولياء التلاميذ، حول المنشور الذي بادرت وزارة التربية مؤخرا إلى إصداره، والمتعلق بالمعالجة البيداغوجية أيام السبت وأمسيات الثلاثاء، لفائدة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في الفهم والإدراك على مستوى السنتين الأولى والثانية ابتدائي، والسنة الأولى متوسط، وهو ما وقفت عليه ”المساء” عند تواجدها في بعض المؤسسات المعنية بتنفيذ المنشور.
يفترض أن التعليمة الوزارية وجدت لتحقيق التكافؤ في المستوى بين المتعلمين، إذ تستهدف ـ حسبما جاء فيها ـ التلاميذ الذين يواجهون مشكلات وتمكينهم من حصص إضافية لمعالجة ما يعانونه من نقائص خلال أيام السبت وأمسيات الثلاثاء، غير أن المساس بأيام الراحة بالنسبة للمعلمين وكذا التلاميذ أحدث نوعا من عدم الرضا لفحوى التعليمة، وهو ما رصدته ”المساء” على لسان معلمة في الطور الابتدائي ببوزريعة، رفضت تقديم اسمها، حيث أشارت في معرض حديثها إلى أن إقرار حصص معالجة إضافية لفائدة التلاميذ الضعفاء مسألة جيدة، كونها تساهم في الوقوف على النقائص وتساعد على رفع مستوى هذه الفئة، وهذه الإمكانية غير متاحة داخل القسم بالنظر إلى ارتباط المعلم بالبرنامج، غير أنها من جهة أخرى، تحرم المعلم من ساعات الراحة وتحوّله إلى شبه آلة يعمل طيلة الأسبوع دون توقف. أشارت من جهة أخرى، إلى أن المعلم بالنظر إلى الجهود المبذولة في تحضير الدروس وتصحيح الكراريس وغيرها من الأعمال المرتبطة بالعملية البيداغوجية، كتحضير الفروض والاختبارات، كلها نشاطات يقوم بها في منزله خارج ساعات العمل، بالتالي يحتاج إلى الراحة، ومن ثمة، فإن حرمانه منها ومطالبته بالإشراف على حصص المعالجة بصورة إجبارية، يجعله يبذل جهدا أكبر وينعكس ذلك على مردوده الأسبوعي.
نفس الانطباع رصدناه عند معلمة أخرى، رفضت ذكر اسمها، حيث أكدت في معرض حديثها أن أيام السبت وأمسيات الثلاثاء يفترض أنها عطل تمكّن المعلم من تجديد طاقته والالتفات إلى قضاء مشاغله وترتيب أموره وحرمانه منها يزيد من مسؤولياته، ويستنزف جهده وتعلق ”متى يمكن للمعلم المعني بهذه العملية أن يلتفت إلى عائلته ويتفرغ لقضاء حوائجه، كزيارة الطبيب أو تأمين احتياجات العائلة”؟.
إذا كان هذا رأي الأساتذة، فماذا عن أولياء التلاميذ؟
احتكت ”المساء” عند تواجدها بمدرسة ”عمرون” الابتدائية في بلدية بوزريعة، ببعض الأولياء، وعن رأيهم بشأن المنشور الوزاري الخاص بالمعالجة، انقسم المستجوبون إلى فئتين. ففي الوقت الذي كشف البعض عن جهلهم التام لفحوى المنشور، رغم أن مختلف وسائل الإعلام تناولته، أبدى البعض الآخر استحسانه للفكرة، لاسيما حسبما جاء على لسان أم أمال، تلميذة في السنة الثانية ابتدائي، ”يساهم في معالجة النقائص التي يعاني منها التلاميذ الضعفاء، وبهذه الطريقة نتفادى دروس الدعم”.بينما كشفت مواطنة أخرى في معرض حديثها، عن أن حصص المعالجة بقدر ما هي مفيدة للتلاميذ، غير أنها من جهة أخرى تعطيهم انطباعا بأنهم يدرسون طيلة أيام الأسبوع، وهو ما يرهن أيام الراحة، وتقول ”متى يمكن للتلميذ أن يرتاح ويمارس بعض هواياته”؟ واقترحت في السياق إعادة النظر في أيام المعالجة وإدراجها بأيام الدراسة العادية، حتى لا يشعر التلميذ بأنه مطالب بالدراسة طيلة الأسبوع.أما والدة أيمن، الذي التحق هذه السنة بالمدرسة الابتدائية، ويعاني حسب والدته، من بعض المشاكل في الخط والحساب، فأشارت في معرض حديثها إلى أن المبادرة تستحق التثمين، لأنها تساهم في رفع مستوى التلاميذ الذين يعانون من بعض المشاكل ويجدون صعوبة في مواكبة الدروس، تقول ”غير أن حصرها في أيام السبت والثلاثاء يرهق الأولياء من جهة، لأنهم مطالبون بمرافقة أبنائهم حتى في أيام العطل. ومن جهة أخرى، يستنزف طاقة التلميذ الذي يحتاج إلى الراحة”، وتردف ”حبذا لو تكون هذه المعالجة اختيارية وليست يومية، حتى يتمكن التلاميذ من الشعور بنوع من التحرر والتفرغ للعب أو ممارسة بعض الهوايات”، مشيرة إلى أن ابنها في هذه الأيام مرتبط بالسباحة، بالتالي فإن المعالجة تحرمه من ممارسة هويته المفضلة.
لجمعيات أولياء التلاميذ رأيهم أيضا
أرجع رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، في حديث خاص لـ«المساء”، الجدل القائم في صفوف المعلمين والأولياء منذ صدور المنشور الوزاري الخاص باستغلال أيام السبت وأمسيات الثلاثاء في المعالجة لفائدة التلاميذ الضعفاء، إلى عدم فهم فحوى المنشور الذي يعتبره ـ حسبه ـ جديرا بالاهتمام ويستحق التثمين، كونه راعى مصلحة كل الأطراف المعنية بالعملية التربوية، ويقول بأنّ المقصود بالمعالجة هو استهداف التلاميذ الضعفاء في السنتين الأولى والثانية ابتدائي من حيث اللغة والخط، أي من الناحية البيداغوجية، حيث تنحصر المعالجة في مادتي اللغة العربية والرياضيات بعد الوقوف على الصعوبات التي يعانيها عدد منهم، بينما في السنة الأولى متوسط، فإن العملية تمس مادة الرياضيات واللغتين العربية والفرنسية. مشيرا في السياق، إلى أن القول بأن عملية المعالجة إجبارية مردود عليها، لأنها تتم برضا كل الأطراف المعنية بعملية المعالجة، ممثلة في التلميذ والولي ومدير المؤسسة والطاقم التربوي المشرف على العملية.
يوضح محدثنا أن عملية المعالجة تمس فقط التلاميذ الضعفاء، ومن هنا تظهر الفائدة، لأن وزارة التربية سبق لها أن أجرت دراسة استنتجت منها أن ضعف التحصيل راجع إلى عدم امتلاك البعض لقاعدة تعليمية جيدة. انطلاقا من هذا، جاء هذا المنشور الوزاري لمعالجة هذه النقائص، مشيرا إلى أن المعالجة لا تعني الدروس الخصوصية، إنّما هي نوع من إعادة النظر في المشاكل التي يعانيها التلميذ للرفع من مستواه وإلحاقه بركب المتفوقين.
ردا على ما يدعيه بعض الأساتذة، كون العملية إجبارية ومرهقة للتلميذ والأستاذ، أشار محدثنا إلى أن الإشراف على عملية المعالجة يظل اختياريا ولا يستغرق أكثر من ساعة واحدة، كما أن عدد المستفيدين من العملية لن يتجاوز الخمسة في القسم الواحد، ويوضح ”أكبر مستفيد من هذا العملية هو التلميذ، لأنها تحسن من مستواه، وإن تحسن يعفى من المعالجة، إلى جانب المعلم كي لا يشعر بالتعب في مواجهة هذا النوع من التلاميذ الضعفاء الذي يعرقلون العملية التعليمية في القسم”.
من جهة أخرى، يرى رئيس الجمعية أن هذا المنشور الوزاري جاء في وقته، خاصة بعد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية لفائدة تلاميذ الأطوار الابتدائية، وبهذه الطريقة، تمنح لكل التلاميذ الضعفاء فرصة الرفع من مستواهم في مدارسهم، تحت إشراف معلميهم، وبالمناسبة، يقول ”أدعو كل الأولياء إلى الاتصال بالمديرين والاتفاق على طريقة بيداغوجية تمكن أبناءهم الضعفاء من استدراك النقائص التي يعانونها، ويجري الاتفاق على طريقة العمل والمدة، حسب نظام كل مؤسسة وإمكانياتها”.