رئيسة فرقة بحث بمخبر الطفولة والتربية، فاطمة الزهراء لزروق لـ"المساء":
الأنشطة الترفيهية ضرورية للصحة النفسية
- 223
رشيدة بلال
تلعب الأنشطة الترفيهية دوراً بارزاً في تعزيز الصحة النفسية والجسدية للمتمدرسين، غير أنّها لا تحظى بالاهتمام الكافي داخل الوسط التربوي؛ حيث تُعد مجرّد مساحة للراحة. وعن هذا الموضوع حاورت "المساء" الأستاذة فاطمة الزهراء لزروق المختصة في علم النفس العيادي، ورئيسة فرقة بحث بمخبر الطفولة والتربية ما قبل التمدرس بجامعة "علي لونيسي" بالعفرون، التي قدّمت رؤيتها عن واقع النشاط الترفيهي، ودوره في دعم الصحة النفسية للتلاميذ في ملتقى وطني احتضنته الجامعة مؤخّرا.
* بداية، ما أهمية النشاط الترفيهي في المنظومة التربوية والصحة النفسية للمتمدرسين؟
* النشاط الترفيهي من المواضيع التي تقع في صميم الاهتمام بالصحة النفسية. هذه الأخيرة التي لم تعد، اليوم، رفاهية، بل مطلباً أساسياً من مطالب النموّ، والتمتّع بصحة جيّدة، وجودة حياة أفضل. الاستثمار في الصحة النفسية لا يرتبط بمرحلة عمرية محدّدة، بل يرافق الطفل منذ نشأته. ويساهم في تعزيز صحته النفسية والجسدية على حدّ سواء، وبالتالي لا يجب أن يكون النشاط الترفيهي مجرّد نشاط تعليمي عابر، بل يُفترض أن يكون مدروساً، ومؤطراً من طرف مختصين بالنظر إلى علاقته الوثيقة بمسار النموّ، ومتطلّباته.
* كيف تقيّمين واقع الأنشطة الترفيهية بالمؤسّسات التعليمية؟
* عندما نتحدّث عن النشاط الترفيهي داخل المؤسّسات التعليمية مثل المدارس الابتدائية، لا نقصد به اللعب فقط، بل يشمل المسرح، والأشغال اليدوية، والأدب، والمطالعة. غير أنّ الملاحَظ أنّ مثل هذه الأنشطة مغيَّبة إلى حدّ كبير من الحصص المخصّصة للترفيه رغم أنّ الأطفال يطالبون بها بشدة. أما في المتوسطات والثانويات فهذه الأنشطة بالنسبة للتلاميذ، فضاءٌ للراحة لا أكثر؛ لذلك نجدهم ينفرون منها؛ لأنّها لم تُمنهج وفق أهداف تربوية واضحة، تتماشى مع حاجاتهم. وفي المقابل، يُلاحَظ أنّ التركيز الأكبر يكون على ممارسة الرياضة رغم أنّها من الأنشطة التي يمكن التلاميذَ ممارستها خارج المؤسّسة من خلال النوادي الرياضية.
* ما المطلوب، في رأيكم، من أجل ترقية النشاط الترفيهي في الوسط المدرسي؟
* يجب أن يكون النشاط الترفيهي مدمجاً داخل البرنامج التربوي العام، ويُمنح حقه كاملاً دون أن يكون تنفيذه عشوائياً. وهذا يتطلّب تهيئة الظروف اللازمة لإنجاز الأنشطة، بدءاً بتهيئة المرافق العامة المخصصة للأنشطة الترفيهية، لتتناسب مع كلّ مستوى تعليمي. فعلى سبيل المثال، في النشاط الرياضي رغم تحسّن التأطير مؤخّراً بفضل تعيين مختصين في التربية البدنية، إلاّ أنّ العديد من المؤسّسات ماتزال تفتقر إلى المرافق الملائمة. كما إنّ الاهتمام بالنشاط الترفيهي في عمومه، مايزال دون المستوى المطلوب رغم أهميته البالغة في التوازن النفسي والتربوي للتلميذ.
* ما هي أبرز المقترحات التي ترونها كفيلة بترقية النشاط الترفيهي، وتعزيز الصحة النفسية للمتمدرسين؟
* أقترح إدراج النشاط الترفيهي ضمن المواد التعليمية الأساسية، ووضع برنامج ومحتوى واضحين، يحترمان خصوصية كلّ مرحلة من مراحل النموّ. فالطفل في البداية يحتاج إلى اللعب لتنمية التفاعل الاجتماعي. ثم ينتقل إلى مرحلة اكتشاف المواهب والإبداع، التي تتطلّب مرافقة، وتأطيراً مستمرين. ولتحقيق ذلك يجب تطهير البرامج الحالية من العشوائية، وإسناد إعدادها للجان علمية متخصّصة في علم النفس، والصحة النفسية، وعلم نفس النموّ. هذه اللجان من شأنها تحديد متطلّبات النموّ المرتبطة بكلّ فئة عمرية، ووضع برنامج وطني يُرفع إلى الوزارة الوصية؛ لاعتماده رسمياً.
* كلمة ختامية؟
* رغم وجود بعض الأنشطة الترفيهية داخل المؤسّسات التعليمية، إلاّ أنّها بحاجة إلى تثمين حقيقي، ووضعها على أسس علمية يشرف عليها مختصون في علم النفس والنموّ، إلى جانب مختصين في اكتشاف المواهب والإبداعات، ومرافقتها. الأنشطة الترفيهية ليست ترفاً، بل مشروع حياة تربوي، يراعي الخصوصية العمرية لمختلف الأطوار التعليمية. ويستدعي توسيع مجالاته، وتحديد أهدافه بدقة، وربطه بالبرنامج العام، مع التنسيق بين القطاعات ذات الصلة؛ حتى تؤدي هذه الأنشطة دورها الحقيقي في بناء التوازن النفسي والعقلي للتلميذ.