محمد رباحة حرفي في صناعة الخزف لـ «المساء»:

الأعمال الفنية وسيلة لحفظ الدلالات الشعبية

الأعمال الفنية وسيلة لحفظ الدلالات الشعبية
  • القراءات: 871
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

دعا الحرفي محمد رباحة، مختص في صناعة الخزف من ولاية الجزائر، إلى احترام الطبوع الفنية خلال صنعها قطعة فنية معيّنة، كالرسومات المستعملة أو الدلالات التاريخية التي ينحتها على قطعه وكذا الألوان، مشيرا إلى أنه من المهم الابتعاد قدر الإمكان عن استغلال تلك الرموز بشكل عشوائي، أو محاولة استحداث بعض الدلالات، حيث إن ذلك كفيل بالقضاء على أصالة تلك القطع وتشويه الطابع التاريخي لها.

خلال مشاركته في معرض الصناعة التقليدية بالمركز الثقافي مصطفى كاتب بالعاصمة، عرض الحرفي تشكيلة متنوعة من المنحوتات وقطع الديكور المصنوعة من الخزف، التي أثارت اهتمام الزوار الذين أُعجبوا بتلك القطع المصنوعة يدويا، والتي نجح الحرفي في المحافظة على أصالتها وعلى الطابع الذي كانت عليه.

وفي هذا الخصوص، أشار المتحدث إلى ضرورة عدم تشويه الدلالات التاريخية المستعملة عند صناعة قطعة معيّنة، موضحا أن على الحرفي احترام الشكل والرسم واللون الحقيقي الذي كان يُستعمل قديما، فمثلا إذا أراد استعمال الدلالات الشعبية للطاسلي فعليه نقلها كما هي وليس رسم رسومات عشوائية لا معنى لها، ونفس الشيء بالنسبة لباقي الحضارات. كما أكد أنه من الخطأ مزج ثقافات مختلفة في نفس القطعة، كرسم، مثلا، زهرة أصلها من اليابان في قطعة تقليدية برموز جزائرية محضة أو أزهار من الطبيعة الجزائرية..

وعلى هذا أكد الحرفي أن الوصول إلى درجة من الاحترافية وإتقان الصنعة اليدوية التقليدية لا بد من مطالعة الكتب التاريخية القديمة التي تهتم بهذا المجال، لمعرفة دلالات تلك الرموز المستعملة والمعاني الشعبية لها، مع مطالعة مكانتها لدى الأجيال السابقة وما كانت تمثل بالنسبة لهم، وبهذا سوف يعمل الحرفي على نقلها على أعماله بدون المساس بمعانيها أو التغيير في أشكالها.

وللإشارة، تخرّج الحرفي من المدرسة العليا للفنون الجميلة، وكان من أولى المتخرجين من هذه المدرسة المختصين في الخزف الفني، درس بعدها في العديد من الورشات التكوينية، وتربص على يده العديد من الشباب والشابات الذين علّمهم سر هذه المهنة، وذلك لأكثر من 13 سنة. 

وحول هذا قال الحرفي: «يشرفني كثيرا أن أعرف أن الشباب الذين تربصوا داخل ورشاتي أصبحوا اليوم من الحرفيين الممارسين لهذه المهنة، فهذا دليل على وجود أجيال تبحث في مزاولة نفس النشاط الذي كان عليه أجدادنا، وبذلك سوف يحمون هذا الموروث الثقافي من الاندثار.

وأكد المتحدث أن ما يميزه هو أنه في عمله يعتمد على اتباع كل مراحل الحرفة؛ أي أنه يصنع القطع الأولية لوحده، ثم يقوم بطيّها وتزيينها على الطريقة التي يريدها، وهذا ما يجعل عمله ينتسب كليا له.

وأوضح الحرفي محمد رباح أن ما يخلق الفرق بين عمل المحترف وعمل الهاوي هو الإتقان في العمل، مشيرا إلى أن العمل على الخزف يتطلب الكثير من الصبر؛ من أجل الحصول على عمل بدقة متناهية وجمال يميزه عن أعمال «الهواة» التي تكون أحيانا «صبيانية».