تَعُدّها اللقاح الذي يحميها من برد جبال الأطلس البليدي

الأطباق التقليدية الغنية بالأعشاب العطرية والطبية تزيّن الموائد

الأطباق التقليدية الغنية بالأعشاب العطرية والطبية تزيّن الموائد
  • القراءات: 404
رشيدة بلال رشيدة بلال

تميل العائلات البليدية خلال فصل الشتاء، إلى تحضير عدد من الأكلات التقليدية الغنية بالأعشاب الطبية التي تزخر بها جبال الأطلس البليدي. وطبق الحمامة أو "كسكسي الأعشاب" المحضَّر من 120 عشبة، واحد من أشهر الأطباق التقليدية في المنطقة، لاتزال العائلات تحضّره في موسم الربيع الذي يتزامن ونمو مختلف الأعشاب البرية بالجبال؛ مثل الحلحال والفليو، وبن نعمان، وتمرسات، والزعتر والإكليل والزعيترة. ويتم تخزينه تحسبا لموسم الشتاء بالنظر إلى فوائده الصحية؛ إذ يصفه بعض السكان بـ "لقاح البليديين من برد جبال الأطلس البليدي".

تتنوع الأطباق التقليدية التي تحضّرها العائلات البليدية في موسم الشتاء، بتنوع الأعشاب التي تنمو في موسم البرد. ويأتي على رأسها طبق الحمام الغني بالأعشاب الطبية والعطرية، ومقرون لعمى، الذي يُعد نوعا من أنواع العجائن التي لاتزال المرأة البليدية تُعدها في منزلها، إلى جانب طبق "بوبرايس" الذي يحضَّر من نبتة تنمو في الغابات؛ حيث يكثر الماء بدون أن ننسى " باطاطا فليو"؛ من أشهر الأطباق  التي تحضَّر في فصل الشتاء، والمكون من الثوم والفلفل والفيلو والبيض، وكذا "طبيخة الكرنب" التي تشمل خليطا من الحبوب اليابسة؛ كالفول والفاصولياء والحمص واللفت والبطاطا والخرشف والأرز. 

وحسب المختص في التراث يوسف أوراغي، فإن الباحث في الطبخ التقليدي البليدي، يجد أنه يجتمع كله في عنصر واحد يميزه عن غيره من الأطباق في مناطق أخرى من الوطن، وهو غناه بالأعشاب العطرية والطبية بالنظر إلى  تأثير المنطقة على النمط الغذائي للسكان؛ كون جبال الأطلس البليدي تمد السكان بأنواع مختلفة من الأعشاب الصحية، التي تم إدخالها في الأطباق الغذائية للاستفادة من خواصها العلاجية.

ويردف الباحث أوراغي: "يكفي، فقط، الحديث عن طبق الحمامة، الذي يحتوي على أكثر من 120 نبتة، تقطَّر كلها بعدما يتم تفوير الكسكسي على النباتات عند تحضيره؛ ما يعطيه طعما مختلفا"، لافتا إلى أن طريقة أكله تختلف؛ بين زيت الزيتون، والسكر، واللبن. ولعل أهم ما يميزه هو طعمه القوي الذي تغلب عليه الأعشاب الطبية التي استُعملت في تحضيره"، مشيرا: "على الرغم من أن النساء اليوم لم يعدن  يقطفن الأعشاب من أعالي جبال الشريعة كما في الماضي، إلا أن الكسكسي مازال يُفتل ببعض الأعشاب التي يصل عددها إلى أكثر من 40 عشبة".

وحسبه، "فإن كسكسي الحمامة بالنظر إلى خصائصه العلاجية التي توفرها الأعشاب الطبية مثل الزعتر، أصبح  يقال عنه "اللقاح" الذي يحمي البليديين من الإصابة بأمراض الشتاء؛ كالزكام؛ إذ يساعد على تقوية المناعة".

ومن بين الأطباق التقليدية الأخرى التي تميل العائلات البليدية إلى تزيين موائدها بها خلال موسم الشتاء، طبق "بطاطا فليو" الذي يرتبط تحضيره، هو الآخر، حسب الباحث يوسف أوراغي، بنبات الفليو، المعروف بأنه ينمو في موسم الشتاء؛ ما يعني أن سكان البليدة لايزالون مرتبطين بما تنبته الأرض من خيرات؛ حيث يتم تحضير هذا الطبق الصحي بالبيض و"الخليع " الثوم والفول والبطاطا التي تقطَّع على شكل دائري، لافتا إلى أن مختلف الأطباق التي تحضَّر بالأعشاب مثل السلق والبوبرايس  والفول، كلها أكلات يكثر عليها الطلب في موسم البرد. وفي السياق نفسه أضاف الباحث: " طبق" التبيخة"، أيضا، يُعد واحدا من أعرق الأطباق البليدية الغنية بالخضار  والصحية التي تميز سكان الولاية، والتي عادة ما تحضَّر تزامنا والاحتفال برأس السنة الأمازيغية؛ إذ يسمى بطبق العجوزة.