الدكتورة نبيلة عبد الشكور تؤكد:

الأسرة هي المؤسسة الأولى لممارسة العنف ضد المرأة

الأسرة هي المؤسسة الأولى لممارسة العنف ضد المرأة
  • القراءات: 710
رشيدة بلال  رشيدة بلال
اختارت الدكتورة نبيلة عبد الشكور خلال مشاركتها مؤخرا في ملتقى حول العنف ضد المرأة، تعريف ظاهرة العنف حسبما جاء في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لسنة 1993، وقالت "بأنه أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه، أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة بدنية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
ومن ثمة، راحت تشرح ماهية العنف بالقول؛ إن أشكال العنف الممارس ضد المرأة متعددة وتدل على ترسخ النظرة الدونية للمرأة من قبل الرجل، وتساعد هذه الأشكال العنيفة في التعامل مع المرأة بإبقاء القوة والسيطرة في يد الرجل في المجتمع الجزائري، وتحرم المرأة من حقوقها الإنسانية، ومن هذه الأشكال؛ العنف النفسي بالدرجة الأولى، ويشمل الوسائل اللفظية وغير اللفظية التي تحط من قيمتها، كالترهيب والتخويف والاعتداءات الجسدية، العزل، التهديد، واستخدام الرجل امتيازاته التي يمنحها له المجتمع التقليدي المحافظ، والعنف الاقتصادي.
وتطرقت الدكتورة نبيلة إلى بعض أشكال العنف التي تمارس ضد المرأة وداخل الأسرة، ومنها العنف النفسي الذي يشمل الوسائل اللفظية وغير اللفظية العنيفة التي تهدف إلى الحط من قيمة الزوجة وإشعارها بأنها سيئة، من خلال تلقيبها بأسماء سيئة تحقيرية، وحرمانها من التعبيرات العاطفية، مما يزعزع ثقتها بذاتها ويجعلها تشعر بأنها إنسانة غير مرغوب فيها، مما ينعكس على تقديرها لذاتها. ويعتبر هذا من أخطر أشكال العنف الذي يمكن أن تتعرض له، بينما يتمثل الشكل الثاني في الترهيب والتخويف، مما يسبب شعورها بالخوف من خلال النظرات المخيفة والإشارات، التحركات، الصوت المرتفع وتكسير الأشياء وتحطيم بعض أغراض البيت، بينما أكثر ما ترفضه المرأة من أشكال العنف هو الاعتداءات الجسدية والصفع على الوجه، والدفع والخنق والعض والحشر والضرب والرفس وشد الشعر والطعن والحرق والقتل والكسر.
وعرضت الدكتورة نبيلة نوعا آخر من أشكال العنف وقالت بأنه غير معروف، لكن المرأة الجزائرية تعاني منه بشدة ويتمثل في العزل الذي يأخذ صورة السيطرة على أفعال الزوجة، مثلا؛ مع من تتكلم ومن ترى وأين تذهب؟ والحرمان من زيارة الأقارب والأهل، والأنظمة الاجتماعية الأخرى، أي بمعنى آخر سجنها في البيت.
وتحدثت الدكتورة نبيلة مطولا عن بعض أشكال العنف التي يستخدمها الرجل  انطلاقا من امتيازاته التي يمنحها له المجتمع المحافظ، ولعل الشائعة منها هو التعامل معها كخادمة، وأخذ جميع القرارات في البيت دون مشاركتها، والتقليل من أهمية عملها في البيت، وتحميلها مسؤوليات أكبر من طاقتها، هذا الأخير يقودنا ـ تقول ـ إلى الحديث أيضا عن العنف الاقتصادي الذي يترتب عنه منع المرأة من العمل تارة، وإجبارها على العمل ثانية، وإكراهها على ترك العمل تارة أخرى، والسيطرة على أملاكها وحقها في الإرث، وإخفاء النقود عنها، وعدم مشاركتها في أعمال ومشاريع الأسرة. 
عندما يعجز بعض الرجال في تحطيم المرأة من خلال تجريب مختلف أشكال العنف، يلجؤون إلى أقسى أنواع العنف وأحقرها، والمتمثلة في العنف الجنسي  كإجبارها على القيام بأعمال جنسية لا ترغب فيها ولا تشعر بالراحة أثناءها، وممارسة الجنس معها رغما عن إرادتها وانتقاد أسلوبها في العلاقة الجنسية وإجبارها على الممارسة بعد إهانتها وضربها، تقول المحاضرة.
وأكدت الدكتورة نبيلة أن الدراسة الميدانية لظاهرة العنف ضد المرأة، تبدأ في الأسرة التي تعتبر المؤسسة الأولى لصناعة العنف، لذا نعرفه كمختصين على أنه أحد أنماط السلوك العدواني الذي ينتج عنه وجود علاقات قوة غير متكافئة في إطار نظام تقسيم العمل بين المرأة والرجل داخل الأسرة، وما يترتب عن ذلك من تحديد الأدوار ومكانة كل فرد من أفراد الأسرة، وفقا لما يٌمليه النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد في المجتمع. وفي هذا الخصوص اعتقد، تضيف المحاضرة، أنه يقع على عاتق الإعلام مسؤولية كبيرة للقيام بدور التوعية من خلال تسليط الضوء على مشكلة العنف وتحليلها ومناهضتها.
واقترحت الدكتورة نبيلة جملة من التوصيات في نهاية مداخلتها التي ترى بأنها يمكن أن تساهم في الحد من العنف الممارس على المرأة على اختلاف أشكاله، ويأتي على رأس التوصيات؛ التكثيف من الدراسات الأكاديمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية حول موضوع العنف ضد المرأة في الأسرة والمجتمع، وتصميم برامج إعلامية ثنائية لنبذ العنف ضد المرأة والعمل على تحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام المختلفة من خلال برامج تثقيفية، مع السعي إلى إصلاح مناهج التربية والتعليم والممارسات داخل المؤسسات التعليمية لتغيير الصورة النمطية للمرأة، وإدخال مادة العنف ضد المرأة في الجزائر عبر العصور ضمن المناهج التعليمية بكافة المراحل الدراسية والمعاهد والجامعات الجزائرية.