للتكيف مع ترشيد النفقات

الأسر تقتصد مصاريفها تحسبا لارتفاع الأسعار خلال رمضان

الأسر تقتصد مصاريفها تحسبا لارتفاع الأسعار خلال رمضان
  • القراءات: 1024
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

مع اقتراب شهر رمضان الفضيل، انطلقت رحلة السيدات نحو الأسواق لاقتناء مستلزمات هذه المناسبة العظيمة، وقد غيرت الكثير من الأسر خطتها،   خاصة في ظل ترشيد النفقات التي مست الاقتصاد الوطني.

في جولة قادت "المساء" إلى شوارع العاصمة، تبين لنا من الاستطلاع الذي أجرينه مع عدد من المواطنين حول مدى ثقافة الجزائريين في الاقتصاد في عز الأزمة الاقتصادية، أن الفكر الذي كان سائد قبل أربع سنوات تغير بشكل جذري تقريبا، بعد الضيق المالي الذي عاشه المواطن والذي دفعه إلى محاولة التأقلم مع وضعيته الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على قدرته الشرائية.

وقد أجمع العديدون على أن اجتياز "الأزمة المالية"، أو بالأحرى التأقلم معها،  لم يكن بالأمر الهين. فبعد سنوات من الرخاء، اعتاد المستهلك رغم ما كان يعانيه في تلك الفترات من زيادات في الأسعار وقلة الإنتاج، مثلا، أو غيرها ليس بالأمر الجدي أمام ما يعيشه اليوم، بعد الارتفاع "الصادم" لبعض المنتجات الكمالية وأخرى الأساسية التي أصبح الفرد يحسب لها ألف حساب قبل اقتنائها، أو التفكير في الاستغناء عنها إلى حين.

فترشيد النفقات خلق مفاهيم جديدة وغير تفكير الأسرة الجزائرية، لاسيما أن هذه الأخيرة وجدت نفسها مع عوامل متغيرة لا تعد ولا تحصى، من انخفاض العملة المحلية، إلى ارتفاع سعر مختلف المنتجات وتكاليف العديد من الخدمات، فضلا على بروز مصاريف أخرى، منها الإدارية التي لم تكن مطلقا في تفكير المواطن سابقا.

وحول هذا الأمر، حدثنا سمير، 35 سنة، رب عائلة متكونة من ثلاثة أفراد،  قائلا بأن الأزمة المالية التي نعيشها اليوم جعلت أغلب الأسر الجزائرية، إن لم نقل كلها، تتبني التفكير "الاقتصادي"، حيث أصبح من الصعب العيش في  "رخاء" دون التخطيط الصائب للماهية، حيث أن ذلك يجعلهم يعيشون ضيقا ماليا يدفعهم إلى اقتراض المال قبل نهاية الشهر، ثم الغرق في الديون.

من جهتها أوضحت سيرين، أرملة وربة بيت، أنها أصبحت تبذر بشكل أقل مما كانت عليه سابقا، إذ أنها اليوم تقتني الضروريات فقط وتستغني عن  الكماليات إلا للحاجة الملحة، هذا ما جعلها ترشد استهلاكها للتماشي مع ميزانيتها، لاسيما أن لها ثلاثة أطفال تتحمل مسؤولية تدريسهم وشراء كل ما يحتاجون إليه.

ومع اقتراب شهر رمضان الكريم، يشتد التفكير "المقتصد"، إذ يعرف هذا الشهر زيادة المصاريف، الأمر الذي يدخل الجميع في حيرة من أمرهم، في كيفية إرشاد ماهيتهم بطريقة تسمح لهم بتمضية الشهر بكل راحة.  

على صعيد آخر، أشار عبد الرءوف إلى آن تفكير "التخزين المالي" على حد تعبيره قبل شهر رمضان، هو تقليد قديم لدى الأسر الجزائرية، التي كانت منذ القدم تتحسب لهذا الشهر الذي يتطلب مصاريف كبيرة، إلا أنه في ظل الأزمة المالية، أصبح هذا التفكير أكثر من ضرورة، خصوصا أن هذا الشهر شهد ارتفاعا محسوسا في السلع الغذائية، مما يجعل الفرد يضطر إلى الاقتصاد في مصاريفه حتى يتمكن من تجاوز هذه المناسبة التي تليها مناسبات عديدة أخرى دون ضيق، على غرار عيد الفطر، ثم عيد الأضحى المبارك، والدخول الاجتماعي، وغير ذلك. كما أوضح أن ما جعل الجزائريين يعودون إلى التفكير الاقتصادي؛ موجة "السكن" في هذه السنوات الثلاث الأخيرة، فكل من أودع ملفا لأحد صيغات السكن على أهبة الاستعداد في حالة الاستدعاء لدفع الأقساط، وهذه كلها متغيرات جديدة جعلت الأسر الجزائرية تتبني ثقافة الاقتصاد في المصاريف والابتعاد عن التبذير.