في دراسة ميدانية للمختصة في علم السكان، الأستاذة بودية

الأسباب الاجتماعية وراءارتفاع معدل التسرب المدرسي بالابتدائي

الأسباب الاجتماعية وراءارتفاع  معدل التسرب المدرسي بالابتدائي
الأستاذة ليلى بودية (جامعة تلمسان تخصص علم السكان)
  • القراءات: 1534
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

يعتبر التسرب المدرسي من الظواهر الاجتماعية التي يوليها علماء النفس والاجتماع والديموغرافيا اهتماما كبيرا، من خلال بحث الأسباب لمحاولة معالجة الظاهرة أو الحد منها.. ولعل من هؤلاء الذين اهتموا بالظاهرة الأستاذة ليلى بودية (جامعة تلمسان تخصص علم السكان)، التي سلطت الضوء على العلاقة بين مجانية التعليم في الجزائر وارتفاع عدد التلاميذ المتسربين، حيث راحت تبحث من خلال دراستها عن أهم الأسباب التي جعلت التسرب المدرسي كبيرا رغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة لجعله في متناول الجميع.

الانطلاق في معالجة ظاهرة التسرب المدرسي حسب الأخصائية في علم السكان، كانت من الواقع المعيش، حيث قامت بإجراء دراسة ميدانية بكل ولايات الوطن، ومسّ الاستبيان 100 أسرة، تم الانطلاق منها لمعالجة الظاهرة على اعتبار أن الأسرة هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع وبالتالي كانت المرجع الأول في الدراسة.

تقول الأخصائية في حديثها مع "المساء" ـ على هامش مشاركتها في ملتقى بالعاصمة مؤخرا ـ

«إتضح أنّ أسباب التسرب المدرسي ليست مرتبطة بالتعليم والمناهج وما يتعلق بصعوبات التعلم المرتبطة بقدرات كل تلميذ على حدة وإنما تم التمييز بين نوعين من الأسباب، أولية وأخرى ثانوية".

وتتمثل الأسباب الأولية، حسب الأخصائية، والتي مصدرها الأسرة بالدرجة الأولى ـ حسب الاستبيان في المشاكل الأسرية التي يمكن حصرها في الطلاق بين الزوجين، العنف الأسري، عدم الإنفاق، الخلافات المستمرة بين أفراد الأسرة التي تؤدي إلى عدم الشعور بالاستقرار، إلى جانب الفقر، وبالنتيجة تشير إلى أن الطفل يكون مشغولا بهذه المشاكل نظر لتأثيرها الكبير على نفسيته. وتوضح الأخصائية "نجد أنّ عددا كبيرا من المتمدرسين يتركون مقاعد الدراسة مبكرا في الطور الابتدائي بالسنة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ويتوجهون إلى سوق العمل لممارسة بعض الأنشطة التجارية كبيع السجائر، بينما يمكن حصر الأسباب الثانوية في المدرسة، وتتمثّل عموما في المنهاج الدراسي الذي اعتبره جل علماء الاجتماع بأنه صعب على التلاميذ لأنه يفوق قدراته التعليمية، إلى جانب ضعف التكوين بالنسبة للأساتذة، حيث يخضعون إلى تربص صغير ومن ثمة يوجهون إلى تعليم التلاميذ وفي غياب منهجية واضحة في التعامل معهم، تكون النتيجة فرار المتمدرسين من المدارس وعدم الرغبة في التعلم لغياب الانسجام بين الطرفين".

المساعدون الاجتماعيون لحماية الأبناء

وعن أهم الاقتراحات التي ترى الأخصائية في علم السكان أنها كفيلة بالحد من الظاهرة، جاء على لسانها بأن الأوان حان لخلق جمعيات تتكفل بما تعانيه الأسر من مشاكل، أو عن طريق ما يسمى بالمساعدين الاجتماعيين من أجل التدخل لحماية الأبناء في حال وجود مشاكل عائلية، مشيرة إلى أنّه من بين الأسباب المباشرة التي دفعت ببعض المتمدرسين إلى التوقف عن الدراسة، وفق الدراسة، الفقر، حيث يقارن المتعلم نفسه بغيره ولأنه لا يملك الإمكانيات التي تسمح له بتأمين حذاء جيد كزملائه أو لباس لائق يرفض الالتحاق بالمدرسة، وبحكم أننا في عصر أصبح فيه الأطفال يعيشون وفق مبدأ المقارنة بالغير، فإنّ هذا الأمر غذى ظاهرة التسرب. وتوضح الأخصائية "من هنا تظهر الحاجة إلى تشجيع دور المختص النفسي الذي يفترض أنه موجود في كل المؤسسات التعليمية ويكون دوره المراقبة المستمرة لسلوك المتمدرسين وتأمين المرافقة الاجتماعية لهم لمعالجة المشاكل والتكفل بها قبل الوصول إلى التسرب".

وفيما يتعلق بنسبة التسرب المدرسي وفق الدراسة الميدانية المنجزة، أوضحت الأخصائية أنّ نسبة التسرب المدرسي كبيرة خاصة في الطور الابتدائي، الأمر الذي يدعونا إلى التأكيد على المرافقة الاجتماعية في هذه المرحلة الهامة من حياة الطفل، لأنه من غير الممكن في مجتمع يؤمن التعليم المجاني أن تكون فيه نسبة التسرب المدرسي كبيرة في الطور التعليمي الأول الذي يفترض ألاّ تمسه الظاهرة.