"العلاج بالفن" موضوع ملتقى بجامعة قسنطينة

اعتماد صحة نفسية وعقلية مطابقة لبرامج بيداغوجية

اعتماد صحة نفسية وعقلية مطابقة لبرامج بيداغوجية
  • القراءات: 539
شبيلة. ح شبيلة. ح

أوصى المشاركون في الملتقى الوطني "حول العلاج بالفن في المجتمعات المعاصرة، تقنية متعددة التخصصات"، بوضع خارطة طريق لتحسين الصحة النفسية والعقلية، وكذا الجسدية، من خلال اقتراح مشاريع بيداغوجية، لممارسة النشاطات الفنية في سن مبكرة خارج وداخل المدرسة، فضلا عن وضع خارطة طريق لتحسين الصحة الاجتماعية، ومواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية التي تهدد أمن واستقرار المجتمع.

دعا المشاركون في الملتقى الوطني الذي احتضنته كلية الفنون بجامعة قسنطينة "3"، على مدار يومين، إلى وضع خارطة طريق لتشجيع الإبداع الفني لدى المرضى الذين يخضعون للعلاج بالفن، الذي من شأنه أن يطور التقنيات الجمالية المستعملة في الفنون البصرية وفنون العرض، مع العمل على وضع خارطة طريق لتنظيم عمل الممارسين للعلاج بالفن، من خلال منظومة القوانين والتشريعات التي تتماشى وطبيعة هذا النشاط وأهدافه الوقائية والعلاجية، والتعريف بالعلاج بالفن وكيفية توظيفه في التخصصات العلمية المختلفة، ومسايرة المستجدات في هذا المجال، وفق عمل علمي جاد، يشارك فيه أكاديميون ومختصون لتطوير تقنية العلاج بالفن.

أكد المشاركون، من أستاذة وباحثين في علم النفس وأطباء ومختصين في علم الاجتماع، في اختتام الملتقى الوطني، المنظم مؤخرا، أن استعمال العلاج بالفن لم يبق مقتصرا على المختصين في الصحة النفسية والعقلية أو الأخصائيين النفسانيين فقط، بل شمل تخصصات ومجالات أخرى، حيث استخدمه الأطباء والممرضون في التخفيف من آثار العالج بالكيميائي لدى مرضى السرطان، واستخدمه علماء الاجتماع في تحليل الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع، كالعنف والجريمة، والتقليل من التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وتدعيم أواصر التماسك الاجتماعي، وتخفيف حدة الاستبعاد الاجتماعي على الفئات المهمشة.

أكدت رئيسة الملتقى، الأستاذة نجاح بلهوشات، في مداخلتها، أن الهدف من هذا الملتقى، هو وضع خارطة طريق لتنمية هذه التقنية التي سوف تساهم في تحسين التكفل بالصحة النفسية والعقلية، وحتى الجسدية للمواطن الجزائري، حيث قالت إنها مع زملائها يسعون إلى فتح تخصص علاج بالفن في الماستر، السنة المقبلة، يضم عدة تخصصات ما بين طلبة الفنون، طلبة الطب، وطلبة علم النفس، كتكوين مشترك للمضي فيه بعيدا، مشيرة إلى أن التخصص يعد مجالا هاما للاستثمار.

لتلبية متطلبات المجتمع في ظل التطورات والأزمات التي مرت على المجتمع الجزائري، الذي هو بحاجة ماسة اليوم، لوسيلة علاجية مكملة، لما يقوم به الأطباء، كون المختصين في مجالات الفن وعلم النفس والاجتماع، لديهم الكفاءة لتطوير هذه التقنية وتطبيقها في الحياة اليومية.

أما الأستاذة أمال بوكرو، مختصة في علم النفس من جامعة "عبد الحميد مهري" بقسنطينة، فأكدت في مداخلتها الموسومة بعنوان "عندما يصبح الفن علاجا"، أن الفنون ومنذ الأزل، شكلت محور اهتمام الإنسان، الذي وظفها في تدوين يومياته، من خلال رسم الحيوانات التي كان يصطادها، على جدران الكهوف، وممارسة النحت على الخشب والعظام، والتلوين على الجلود.. وغيرها، قبل أن يتحول استعماله للفنون بعدتها، إلى الجانب الديني من خلال توظيفها في مختلف الطقوس والشعائر، وكذلك في تزين جدران المعابد، واستعمال الموسيقي كوسيلة لتطهير الروح من الشرور وعالجها من الأمراض النفسية والجسدية، حيث تطور البعد العلاجي للفنون ليشمل الطب الشعبي في مختلف الحضارات القديمة، وينتقل بعد ذلك للاعتراف بالقوة العلاجية للفن، من الفنانين إلى الأطباء المختصين في الصحة النفسية والعقلية مع بداية القرن العشرين، حيث تعتبر هذه المرحلة حاسمة في تاريخ العلاج بالفن، التي رست فيها الأعمال الفنية التي كان يجسدها المرضى المصابون.

أضافت المتدخلة، أن الفن صار وسيلة علاجية، خاصة أننا نعرف جيدا أن الفن يمس كل ما هو جميل، وقد غدا وسيلة علاجية وإحدى الطرق العلمية التي تقوم على استخدام تقنيات إبداعية، مثل الرسم والتلوين واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة مختلف الفئات، بما فيهم الأطفال والمراهقين والكهول وحتى المسنين، وكذا الفئات الخاصة على التعبير عن أنفسهم فنيا، وتزويدهم بفهم أعمق لشخصياتهم.

الجدير بالذكر، أن الملتقى الوطني عرف العديد من المداخلات لأساتذة في علم النفس وأطباء ومختصين في الفن، تناولوا فيها عدة محاور، على غرار استخدام الفن كوسيلة علاجية في الطب النفسي والعقلي، وكذا الطبية وشبه الطبية، العلوم الإنسانية والاجتماعية والهندسة المعمارية وتهيئة الإقليم وغيرها.