المرأة الإعلامية بين القلم و"صنعة اليدين"

اعتراف بأنوثة الجزائرية الأصيلة

اعتراف بأنوثة الجزائرية الأصيلة
  • القراءات: 968
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

شاركت ممثلة جريدة "المساء"، الصحفية أحلام محي الدين، في الندوة التي نظمتها الجمعية الثقافية "تراثنا جزائرنا"، بمداخلة تحت عنوان "المرأة الإعلامية ... القلم باليمين وتألق في صنعة اليدين"، حيث سافرت من خلالها بين الأزمنة، تزامنا مع إحياء شهر التراث، أبرزت فيها الدور البارز للإعلامية الجزائرية، التي تسعى جاهدة للتوفيق بين مهنتها وعالمها الخاص، الذي أبدعت فيه، على غرار إبداعها في تطويع القلم.

تطرقت المتدخلة في 3 محاور متسلسلة، استهلتها بذكر مجهودات الجدات في الحفاظ على الموروث الثقافي والاجتماعي لسنوات وعقود، لتفصل بعدها في "الإبداع وتوارث الفن بين الأجيال"، و"الرسكلة.. فن يؤسس للموازنة الاقتصادية"، وأخيرا "الإعلامية الجزائرية من وهج القلم إلى حقل الإبداع". وجاء فيها ما يلي: عرفت المرأة الجزائرية بتألقها في عالم الحرف التقليدية منذ زمن بعيد، فمازال طاجين الطين وقربة الجلد يستحوذان على سر البنة، في صناعة الخبز الشهي وشربة الماء النقية، إلى جانب صناعة الأجبان والمربيات التي تجود بها أشجار البرتقال والليمون والارنج، وكذا الكرز وحبات الفرولة الشهية التي تزين قعدات الضيافة، وهي هبة الرزاق في هذه الأرض المباركة، وكذا سحر الطرز بغرزة الحساب والفتلة والمجبود الذي يزين فساتين وجبات الحرائر، في مختلف مناحي جزائرنا الجميلة".

فيما يخص الحفاظ على الموروث الثقافي في التغذية السليمة، جاء فيها: بقلب البيت في ركن المرأة الجميل... بالمطبخ مربط الجسم السليم والقوام الرشيق، لايزال سر جودة حبات القمح والشعير والبلوط المفتول بأنامل جزائرية فريدا ومحبوبا، زاده طعم زيت الزيتون الجزائري لذة، فمن دخل الجزائر طلب الكسكسي بأنواعه المختلفة، ولم تفارق بنته وطعمه الشهي الذاكرة، وهو أيضا من كنوز ما توارثته الحرائر، أما عن جدة، وعن فرش البيت وزينـــته، فلاتزال الزربية الجزائرية والحنبل يرويان حكاية إعجاب تروي تفاصيل تقاسيم إبداعية، وألوان اختيرت بعواطـــف ممتزجة، عكست الحالة النفسية للناسجة... زهور أو حزن خيم على النفس تبقى تفاصيله خالدة في سحر الألوان والرسوم والرموز التي تعانق الحياة، فتبهر مشاهدها، فلطالما كانت ولاتزال من الجماليات التي تطبعها، وراء حرص زوار الجزائر على اقتنائها كذكرى مخلدة لزيارتهم لهذه الأرض المباركة".

الرسكلة فن يؤسس للموازنة الاقتصادية

تجتهد المرأة الجزائرية في العديد من المجالات، فرغم تألقها في عالم المال والأعمال والمقاولاتية، التكنولوجيا والمهن العصرية، إلا أنها مازالت تحافظ على إرث الأجداد في الحرف التقليدية، وتبدع في تقديم الجديد المواكب لزمانها واحتياجات أسرتها ومحيطها، حيث استطاعت من خلال الأعمال المختلفة التي طبعت إبداعها، أن تصل الماضي بالحاضر في فسيفساء متناغمة، لتصنع قطعا مختلفة جميلة في أي مجال دخلته حبا أو من باب التغيير، أو لتحقيق الموازنة الاقتصادية التي يمكن من خلالها استرجاع الضائع وربح المال أيضا، حيث أصبحت سراويل الجينز حقيبة يد جميلة، كما زينت الأنامل الذهبية البقراج فخر القهوة في زمن غير بعيد برسوم وألوان زاهية، جعلته يأخذ مكانه في الرفوف ليحاكي الحاضر بوقار، وأيضا الشموع المعطرة التي أضفت على البيوت دفئا، وفاضت بعطر العود والياسمين، لاسيما أن هناك محبين لهذا الفن الذي يعكس الروح الإبداعية العالية، حيث شاهدنا في العديد من المعارض والصالونات الإبداعية، التي وقفنا عندها، كيف ينبثق الجمال من البساطة وتتحول الأشياء المستعملة إلى تحف تعشقها العين، فتصبح زينة في البيت أو أكسسوارا يزين الجيد أو اليدين، أو رداء مطرزا بهيجا تلبسه النساء في الأعراس، أو نسيجا دافئا يقف في وجه البرد القارص بألوان الحياة.

الإعلامية الجزائرية من وهج القلم إلى حقل الابداع

الشق الأخير من المداخلة، تم من خلاله التطرق إلى متاعب المهنة: لا تزال صفة الإعلام مهنة المتاعب ... ذلك الشقاء الذي نستلذه حبا وشوقا لا ينفك... إنه عشق المهنة الذي يعيش فينا... فمع كل إشراقة كل يوم جديد تلوح تباشير منتدى أو ملتقى علمي أو طبي أو اقتصادي ... علم وفكر وإبداع في مختلف المجالات الثقافية والفنية والرياضية، تشاهده العين ويروي تفاصيله القلم أو الميكروفون بمصداقية، لأن ما سيتلقاه المستمع أو القارئ أو المشاهد أمانة ... كما يسعى الصحفيون رجالا ونساء إلى تقديم خدمة إعلامية راقية ترتقي بالمجتمع والحفاظ على موروثه ... ولأن حب مهنة المتاعب متجذر في الروح والجوارح .. فإن تفاصيل يوم سعيد كان فيه الإبداع عنوانا ستبقى راسخة والأمر نفسه، لكن بأثر نفسي قوي يضرب صاحب التغطية كالإعصار ...إذا تعلق بمتاعب الآخرين وأحزانهم، لأننا بكل بساطة بشر نشعر ونتألم، ويأخذ الألم عمقا كبيرا في النفوس، لاسيما إذا تعلق بخرجة ميدانية في عز الشتاء، في مرافقة لمديرية النشاط الاجتماعي، لجمع الأشخاص بدون مأوى ... حين ترى العين عائلات ترقد على الكارتون أو كهلا يحزم سرواله بالكادنة خوفا من الاغتصاب.. ولاتزال صور الأمهات بدور العجزة الصورة الدامية التي يقف أمامها القلم باكيا شاكيا لله تعالى. نحن نسعى للتغير والرقي بالمجتمع، وهو ما يحتاج العمل عليه بقوة".

وحتى يكون هناك فضاء للتنفيس عن الذات، جاءت فكرة الإبداع، وحيالها ذكرت ممثلة "المساء": "ولأن خلق متنفس أكثر من ضرورة للهروب إلى عوالم أخرى، يصبح فيها الحلم حقيقة تلامسها الأيادي، وتزهر الأماكن بقطع جميلة صنعتها الأنامل المبدعة في القلم، في لحظات تعكس صفاء الروح والنهل من عوالم الجمال والخيال، فيولد الإبداع، وهي التفاصيل الفنية التي نشاهدها اليوم من إنتاج الصحفيات، لاسيما المنظمات إلى مجموعة، على غرار (صحفيات كل صبع بصنعة)، اللواتي تركن أثرا عميقا إيجابيا في نفوس نساء مهنة المتاعب، لاسيما خلال أزمة "كورونا" الصحية، حيث شكلت الصفحة متنفسا جميلا، ظهر فيه الإبداع في الطبخ والحلويات التقليدية والعصرية، إلى جانب مختلف الفنون، وهو ما أصبح اليوم حقيقة تعكس تفاصيلها غرف وبهو قصر الرياس، حيث انبثق الجمال في التطريز والخياطة والتصاميم الجميلة المريحة، التي تحاكي الاتساع الذي تطلبه الروح للشعور بالسعادة والخروج من الضيق، إلى جانب الأفرشة التي تحمل تفاصيلها قصة إبداع روته الألوان من وحي الأجداد.

فالصحفية اليوم ترعاها باهتمام، وبين الرجال تضع دررا من البلاط ... يمكنني أن أبني بيتي بيدي ... فالقلم قلمي والكتب ممدودة تحاكي الحلم والحقيقة، والصنعة مفتاح الخير بيدي". وجاءت الكلمة الختامية حاملة كل معاني التقدير والجد والاجتهاد، من أجل جزائر قوية برجالها ونسائها. وقد حظيت صحفية جريدة المساء، أحلام محي الدين، بتكريم من قبل الجمعية الثقافية تراثنا جزائرنا، كما نشطت إعلاميات من مختلف وسائل الإعلام اللقاء، اعترفن فيه بعطاء الصحفية الجزائرية في عالم القلم، حيث قدمت في هذا الشأن، الصحفية بالإذاعة، زينة محجوبي، مداخلة حول تعدد الموروث الثقافي، إلى جانب مداخلة الصحفية رشيدة ابراهيمي من التلفزيون الجزائري، تندرج في سياق الحدث.