التبليغ الإلكتروني بديل مثالي لحل الإشكال

اعتداءات على المحضر القضائي قد تسبب العجز عن العمل

اعتداءات على المحضر القضائي قد تسبب العجز عن العمل
  • 3274
حنان. س حنان. س

لا تخلو مهنة المحضر القضائي من متاعب ومشاكل تصل إلى حد الضرب والجرح العمدي المفضي إلى الوفاة أحيانا، أثناء قيامه بالتبليغ الجزائي تحديدا، ويرجع سبب تلك الاعتداءات، حسب أهل المهنة، إلى غياب الثقافة القانونية لدى المواطنين، وأوضحوا أن الوسيلة البديلة للقضاء على العنف الممارس ضد المُحضر يكمن في التبليغ الإلكتروني. 

يتعرض المحضر القضائي أثناء تأدية مهامه في تبليغ الأحكام القضائية، إلى جملة من الاعتداءات تصل إلى حد الضرب والجرح العمدي باستعمال الأسلحة البيضاء، ناهيك عن السب والشتم بألفاظ جارحة أصبحت حسب بعض المحضرين ضمن الممارسة اليومية، ولا يمكن للمحضر القضائي الرد على الجميع، رغم أنه محمي قانونيا. ويرجع الأستاذ سيد احمد جان حامد، محضر قضائي رئيس سابق للغرفة الجهوية للمحضرين، وبعدها للغرفة الوطنية، سبب تلك السلوكات السلبية ضد المحضر القضائي، إلى نقص الوعي وغياب الثقافة القانونية، ويعترف بوجود ظاهرة الاعتداء في التبليغ الجزائي، خاصة بين الفروع والأصول، حيث تختلط القضايا في هذه الشؤون بأحقاد الناس ويصل الأمر في بعض الحالات إلى الاعتداء الجسدي. "أذكر في هذا السياق حادثة وقعت لمحضر قضائي في ولاية بسكرة سنة 2003، حيث تم الاعتداء عليه بالضرب الجسدي أثناء قيامه بتبليغ في الجزائي، وهو الاعتداء الذي تسبب له في عجز عن العمل مدته 30 يوما"، يقول الأستاذ، مشيرا أيضا إلى حادثة اعتداء وقعت خلال العام الجاري في محكمة حجوط، حيث تسبب اعتداء جسدي ضد محضر بعجز لمدة 30 يوما.

من جهتها، تتحدث الآنسة نسيلة شبيردو، محضرة قضائية مساعدة،  بأنها تتعرض أثناء تأدية مهامها للعنف اللفظي "فقط لأنني أقوم بمهامي القانونية في التبليغ سواء في الجزائي أو المدني ـ تقول - بل أحيانا يتم اعتراض طريقي حتى لا أصل إلى العنوان الذي أبحث عنه، وهذه نقطة أود الإشارة إليها، فالكثير من العناوين لا تكون مضبوطة بالشكل الصحيح، بالتالي نجد صعوبة كبيرة للوصول إلى أصحابها، خاصة في الأماكن المعزولة، وهو ما يضطرنا إلى سؤال الناس عن هذا العنوان أو ذاك، وبمجرد معرفة هويتنا، تبدأ المضايقات وهو ما يبعث الخوف في نفسي، لكنني أردد أن هذا عملي وعليّ تأديته".

وتضيف أن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، بل يتعداه إلى الاعتداء بالكلام الجارح، وتقول: "قد نقصد عنوانا، وبمجرد طرق الباب والإعلام بهويتنا، نسمع من أصحاب المنزل كلاما خادشا، وأحيانا يوصد الباب في وجوهنا كأننا طرف في النزاع الذي أوكلنا بالتبليغ عنه سواء بالحضور أو غيره، ومثل هذه الحوادث أعايشها بصفة تكاد تكون يومية ". كما تسرد حادثة وقعت لها مؤخرا، لما قصدت عنوانا بنية تبليغ المعني من أجل حضور جلسة محاكمة في العقاري، لكن الأخير كان غائبا يومها وأخته هي من فتحت الباب، لكنها رفضت استلام التبليغ" وهذا من حقها -توضح المُحضرة- لكنني طلبت منها استلام إشعار التبليغ، في المقابل، وفيه عنوان المكتب حتى يتقدم المعني ويستلم التبليغ، لكنها رفضت أيضا، ولما صدر الحكم ضد المعني غيابيا وقصدت نفس العنوان للتبليغ مرة أخرى، فتحت لي والدته الباب هذه المرة وهددتني بالضرب إن لم أغادر المكان فورا، وهي تردد: "مازلت أذكرك جيدا، اذهبي من هنا وإلا أوسعتك ضربا!". وتشير المتحدثة إلى أن هيبة المحضر القضائي مُغيبة، وترى أنه لا بد من إعادة النظر في هيئته حتى يحقق لنفسه الهيبة تماما مثل رجال الشرطة، تقول: "أعتقد أن بذلة خاصة بالمحضر القضائي قد تجعله أكثر احتراما وهيبة، تماما مثل الشرطي الذي يلبس بذلة رسمية تفرض على الناس هيبته".

كذلك ترى الآنسة غ. تدرانت محضرة قضائية مساعدة، أنه من بين الصعوبات التي تتلقاها في عملها الميداني؛ العنف اللفظي، وتعتقد أن غياب الثقافة القانونية لدى المواطنين سبب رئيسي لكثرة الاعتداءات ضد محضر يقوم بعمله، وتسرد علينا واقعة حدثت معها في بوفريزي، أين قصدت عنوانا لتبليغ قضائي، وفوجئت بحجارة ترمى عليها فقط لأنها كانت تحمل أوراقا قانونية، إذ تقول: "لما أسأل الناس عن عنوان معين قصد أداء مهامي، وبمجرد الإعلان عن هويتي كمحضرة قضائية يتم تجاهلي، أو أن أبعث لجهة مغايرة تماما حتى لا أصل إلى مقصدي، ولا أخفي عنكم أن الخوف كثيرا ما يتسرب إلى نفسي وأنا أقوم بمهامي، خاصة في الأماكن الخالية، لكنني أتجاوز خوفي وأكمل عملي".

يذكر أن الجزائر تحصي 1635 محضرا قضائيا، تشكل النساء منهم نسبة تقارب الـ20%، أغلبهم يتمركزون في الجهات الثلاث للوطن (شرق-وسط-غرب). وينتظر من المؤتمر الوطني للمحضرين القضائيين المزمع انعقاده في وهران في فيفري 2016، إعادة دراسة التوزيع الجغرافي لهذه المهنة حتى يتم تغطية كل ربوع الوطن، حسب الأستاذ جان حامد.