تصرفات تحولت عند القسنطينيين إلى عادات

اشتهاء زلابية وادي زناتي، لبن المزارع وحتى ماء المنابع

اشتهاء زلابية وادي زناتي، لبن المزارع وحتى ماء المنابع
  • القراءات: 1275
زبير.ز زبير.ز

تحول شهر رمضان بعاصمة الشرق الجزائري عند فئة من القسنطينيين إلى مناسبة، إذ تتحرك في نفوس بعض الأشخاص نزوات وميولات تصبح سنة في شهر الصيام، حيث يلجأ العديد من الشباب وحتى من متقدمي السن إلى برمجة رحلات وخرجات نحو محلات معينة قصد اقتناء مواد غذائية داخل قسنطينة وخارجها، لإشباع رغبة جامحة في تغيير رتابة بقية الأيام أو لإشباع نهم "وحم رمضان" الذي يصيب العديد من الناس في هذا الشهر المخصص بالدرجة الأولى للعبادة.       

السفر إلى وادي زناتي لاقتناء الزلابية و”أصبع العروس"

اعتاد عدد من سكان ولاية قسنطينة ومع دخول شهر رمضان،  على تخصيص رحلة يومية إلى منطقة وادي زناتي في ولاية قالمة، لاقتناء زلابية وادي زناتي المشهورة على المستوى الجهوي، حيث تنطلق القوافل بعد الزوال في رحلة البحث عن هذه الحلويات على مسافة تفوق 100 كلم ذهابا وإيابا، ويلتقي في غالب الأحيان الأصدقاء الذين لديهم سيارة لقضاء رحلة سياحية واستجمامية من جهة، ومن ناحية أخرى اقتناء حلوى "أصبع العروس"، أما الذين لا يملكون الإمكانيات، فتتوقف رحلتهم في بلدية الخروب وأضحت هي الأخرى قبلة لعشاق الزلابية وأصبحت تنافس حتى محلات المدينة العتيقة. 

رحلة مضنية للبحث عن ماء المنابع

“تخريفات" رمضان، كما يطلق عليها عامة الناس، لا تتوقف في رحلة البحث عن الزلابية، بل تمتد إلى أمور أخرى، ومن بين الأشياء التي أصبحت عادة عند عدد من القسنطينيين؛ الخروج بعد صلاة العصر للبحث عن ماء المنابع، حيث أصبح مشهد الأشخاص الذين يتجولون بقارورات بلاستكية فارغة أو دلاء  مألوفا بعاصمة الشرق، ويجتهد كل شخص وإمكانياته المادية في البحث عن أشهر المنابع في قسنطينة، حيث يتوجه بعض الأشخاص إلى منبع الكيلومتر الـ13 بين طريق بوالصوف وعين السمارة، أو إلى منابع طريق الخروب، ابن باديس وحتى إلى منطقة القرزي على بعد حوالي 25 كلم من قسنطينة، من أجل ملء الدلاء والتمتع بالنظر إليها قبل موعد أذان الإفطار.

للبوراك واللبن نصيب من هذا الوحم

للبوراك نكهته الخاصة، حيث تجتهد كل ربة بيت على توفيره على مائدة الإفطار ولو مرة واحدة في الأسبوع بالنسبة للعائلات الفقيرة، ويحرص عدد من القسنطينيين على اقتناء البوراك من المحلات المختصة في تحضيره ولا يقتنع بالبوراك المحضر داخل المنزل، وتختلف طرق تحضيره على غرار أحد المحلات بالبطحة في قسنطينة القديمة بطريقة محيرة، حيث تضم حبة البوراك الواحدة عددا من المواد الغذائية التي يعجز اللسان عن وصفها على غرار البيض، الكاشير، مختلف أنواع الأجبان، السمك، اللحم المفروم، ...    

يعد اللبن من السوائل التي يكثر عليها الطلب، حيث يفضل بعض القسنطينيين الإفطار على اللبن والتمر تيمنا بالسنة النبوية الحميدة، في حين يفضل البعض الآخر تناوله مع الكسكسي خلال السحور، وبين هذا وذاك، تشهد محلات بيعه إقبالا كبيرا، حيث تبدأ عملية البيع انطلاقا من الساعة التاسعة صباحا، ولمن يتأخر إلى بعد الزوال، فإن رحلة البحث عن هذه المادة تكون شاقة، ويفضل القسنطينيون خلال رمضان اقتناء اللبن من المزارع مباشرة أو من عند مربي البقر من مناطق المريج، جبل الوحش أو القماص، كما يتوجه بعضهم إلى بلديات حامة بوزيان، الخروب، عين أعبيد وابن باديس، أو زيغود يوسف وديدوش مراد وحتى مسعود بوجريو ابن زياد.  

محلات الحلويات تعج بالزبائن قبل الإفطار

ديكور آخر يميز يوميات القسنطينيين، وهو محلات بيع الحلويات التي تصبح تعج بالزبائن، حيث يقصدها عدد كبير من الأشخاص بعد نهاية الدوام مباشرة، لأنه بعد الساعة الخامسة مساء، يصعب علي أي واحد أن يجد قطعة حلوى بسبب التهافت الكبير عليها. 

“نروحو نقتلو الوقت..."؟؟؟

يبرر معظم الأشخاص الذين صنعوا لأنفسهم عادات يمارسونها خلال شهر رمضان، ويجتهدون في الحفاظ عليها من سنة إلى أخرى، بأن يوم رمضان خاصة في فصل الصيف، يكون جد طويل ومتعب مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث يقولون بأنهم يجدون لأنفسهم منفذا من خلال هذه الأعمال التي يقومون بها ويجيب العديد منهم عند سؤالهم: "نروحو نقتلوا الوقت ونجيبوا المغرب"، أي أنهم يشغلون أنفسهم إلى غاية وصول وقت أذان المغرب.  

الدين يحث على استثمار الوقت لا تضييعه

وبالعودة إلى تعاليم الدين الإسلامي، فإن للوقت قيمة كبيرة ولا يجب أن يهدر عبثا، حيث يرى عدد كبير من الأئمة ورجال الدين  أن الإنسان محاسب على كل لحظة من عمره وعليه أن يغتنمها فيما ينفعه أو ينفع عامة الناس، ويذهب عدد من الأئمة إلى عدم وجوب الحديث عن "قتل الوقت"، مؤكدين أنه من بين الأمور التي يُسأل عليها كل شخص، هو وقته فيما ضيعه، ويحثون كل فرد لديه وقت فراغ في شهر رمضان أن يغتنمه بعمل الخير وبالذكر والتسبيح وقراءة القرآن وسيرة الصالحين أو الراحة بين الظهر والعصر من أجل قيام الليل وصلاة التراويح.