راضية صايفي المختصة في علم الاجتماع :

استقالة الأولياء غذت عنف الأطفال

استقالة الأولياء غذت عنف الأطفال
  • القراءات: 741
رشيدة بلال رشيدة بلال
ترى الأستاذة راضية صايفي، مختصة في علم الاجتماع بجامعة الجزائر «2» أن تفاقم ظاهرة العنف وسط الأطفال بالمجتمع الجزائري، راجعة إلى كوننا نعيش أزمة أخلاقية بسبب استقالة الأسرة التي لم تعد ترى أن التربية من أولوياتها. وتميز الأستاذة راضية بين ثلاثة أنواع من الأسر، الأسرة المحافظة والأسرة المنفتحة والأسرة الوسطية، وتقول «لكل أسرة من هذه الأنواع الثلاثة طريقتها في التربية، الأمر الذي خلق مزيجا غير متوازن في مجتمعنا، فنجد التشدد التام ظاهرا على بعض الأطفال ونجد الانفتاح الكلي على آخرين، وبالرجوع إلى الماضي ـ تضيف ـ «نجد أن الأسرة كانت مكونة من هيكل واحد وهي الأب والأم والجدة والجد وبعض الأقارب من عم أو عمة أو خال وخالة والكل كان يشارك في التربية، الأمر الذي لم يكن يخلق اضطرابا لأن الكل كان يساهم في عملية التربية والتنشئة الصحيحة هذا من ناحية، ومن جهة أخرى، أعتقد أن الثلاثي أيضا الذي كان يشارك في التربية تقلص دوره، فالأسرة لم تعد تؤدي دورها كما يجب ولا تشرك أي طرف ليساعدها من أجل هذا مما اصطلح على تسميتها في الوقت الحاضر بالأسرة النووية، كما أن المسجد لم يعد يلعب دوره وحصر نشاطه فى كل ما يتعلق بالعبادة.. أما المدرسة، فاستقالت نهائيا وحصرت دورها في التعليم فقط وبالنتيجة أصبحت تربية الأطفال عبارة عن هجين يتكون بصورة تلقائية».
الإشكال الذي يطرح و بحدة، يتمثل في كون الأسرة الجزائرية اليوم جعلت تربية الأبناء محصورة في تلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية فقط، بينما ألقت بالعبء الكبير على المدرسة ظنا منها أنها المكلفة بالتربية والتعليم، متناسية بان دور التربية لم يعد من اهتماماتها هي الأخرى، ولعل ما زاد الأمور سوءا وأصبح من الأولويات، خروج المرأة للعمل، ومن ثمة أعتقد أن الفشل في التربية هو الذي خلق حالة من العنف التي ظهرت مبكرا على الأطفال ـ تقول المختصة الاجتماعية ـ.
لم يعد للأسر اليوم أي ضوابط واضحة في التربية، وبالرجوع دائما حسب المختصة إلى الأسر التقليدية، نجد أنها كانت تعتمد على أسلوبين، هما الترهيب والتخويف، ولكن هذان المنطقان في التربية تم التخلي عنهما اليوم حرصا على السلامة النفسية لهم، غير أن هذه الحماية باعتقادي مبالغ فيها ما جعلهم يلتقطون جملة من الأفعال والتصرفات سواء مما يجري مشاهدته على التلفاز، أو على الشبكة العنكبوتية لساعات ومن دون أي رقيب، كل هذا نمّى روح العنف لدى هذه الشريحة ـ تقول المختصة الاجتماعية ـ وتضيف «كيف لا ونحن اليوم نسجل اعتداءات لأطفال على زملائهم باستعمال الأسلحة البيضاء. وفي هذا الخصوص تحضرني دراسة قدمت مؤخرا حول تأثير ما يتم مشاهدته على سلوك الأطفال، حيث خلصت الدراسة إلى أن 25 بالمائة من العنف عند الأطفال سببه الألعاب الإلكترونية التي أصبحت تستهوي الأطفال الذين يمارسونها لساعات طويلة».
الحد من ظاهرة العنف التي تفشت في أوساط الأطفال، حسب المختصة الاجتماعية لا يتحقق إلا بتفعيل العمل الرقابي، وهذا الدور لا يمكن لأي كان أن يقوم به إلّا الأسرة باعتبارها المسؤول الأول عن تربية الأبناء. وبالمناسبة أنصح الأولياء بضرورة التسلح بالصبر ووضع مصلحة الأبناء فوق كل اعتبار، فبعض الأمهات رغم أنهن يعملن إلّا أنهن حريصات كل الحرص على الاهتمام بكل ما يخص أبنائهن، على خلاف أخريات من اللواتي ينظرن إلى العامل الاقتصادي على أنه الأهم كونه المصدر الذي يؤمن لهم متطلباتهم، وهذا هو المفهوم الخاطئ والذي تفشى في مجتمعنا وظهر في سلوك أبنائنا على شكل أعمال عنيفة.
وتؤكد المختصة الاجتماعية بأن الأولياء بحاجة إلى تدخل مساعدين اجتماعيين للمشاركة في تربية الأبناء، وهو التخصص الذي ندعو إلى التعجيل بإدراجه، تكون مهمتهم الدخول إلى المنازل ومراقبة الأبناء والوقوف على طرق وأساليب تنشئتهم مثل ما هو معمول به في الدول الأوربية، وإن كانت هذه الفكرة صعبة التطبيق في المجتمع الجزائري، الذي يرفض دائما أي تدخل في محيطه الأسري.