يعتبرها الأولياء ضرورة لتحصيل النجاح رغم الغلاء

إقبال كبير للمتمدرسين على التسجيل بمدارس الدعم الخاصة

إقبال كبير للمتمدرسين على التسجيل بمدارس الدعم الخاصة
  • القراءات: 1928
رشيدة بلال رشيدة بلال

تعرف المدارس المتخصصة في تقديم دروس الدعم بمختلف الأطوار التعليمية منذ الدخول الاجتماعي، إقبالا كبيرا من طرف التلاميذ لحجز مقعد خاص، بعد أن تحولت هذه الدروس إلى أكثر من ضرورة حتمية بالنسبة للتلاميذ والأولياء، على حد سواء لتحصيل النجاح، الذي أصبح بالنسبة للبعض مرهون بعدد ساعات الدعم. هذه الظاهرة ـ إن صح التعبير ـ كان من أهم نتائجها انتشار المدارس الخاصة بشكل ملفت للانتباه، مما يجعلنا نتساءل حول ما إذا كان التلميذ حقا يحصل على دروس تساعده على الرفع من مستواه، أم أنها عبارة عن تجارة هدفها استنزاف جيوب الأولياء الذين يحلمون بالنجاح، خاصة عندما يتعلق الأمر بشهادة البكالوريا.

مدرسة التفوق.. النجاح.. الإقبال .. الإشراق.. المستقبل وغيرها. كثير من الأسماء المختلفة التي حملتها مدارس كتبت بالبند العريض على أبوابها «دروس لدعم قدرات التلاميذ في جميع المواد وفي جميع الأطوار، بل أكثر من هذا، حيث يلاحظ المواطن عند تجوله في الشوارع عددا من الإعلانات الملصقة بصورة عشوائية على الجدران، تحمل بيانات عن مختلف المدارس مرفقة برقم الهاتف، وتؤكد على عبارة «يشرف عليهم أساتذة مؤهلون  وأكفاء». «المساء» زارت بعض المدارس للاطلاع على مدى الإقبال على طلب الدعم، وأهم المواد التي يحتاج فيها المتمدرسون إلى المساعدة، فتبين لنا من خلال زيارتنا إلى مدرسة بأعالي العاصمة، أن الإقبال كبير من طرف التلاميذ وحتى من أوليائهم الذين يقصدون المدرسة طلبا للدعم، ويكون ذلك عادة في المواد الأساسية، فمثلا: أصحاب الشعب العلمية يتجهون إلى طلب الدعم بمواد كالرياضيات والفيزياء والعلوم، أما بالنسبة للشعب الأدبية فعادة ما يكون الإقبال فيها على اللغات الأجنبية والعربية ومادة الفلسفة، وفي بعض الأحيان في مادة التاريخ والجغرافيا. وحسب المكلف بالتسجيلات -الذي رفض تقديم اسمه - تم إقفال باب التسجيل فيما يخص طلبة الطور الثانوي من المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، بعد اكتظاظ الأقسام الموجودة، أما بالنسبة للطورين المتوسط والابتدائي، فإن التسجيلات لا تزال مستمرة، مشيرا إلى أن التوقيت عادة يضبط في الفترة المسائية ليتسنى للتلاميذ التفرغ من وقت الدوام بالمدارس والالتحاق بالمدارس الخاصة.

وغير بعيد عنه، حدثتنا الآنسة إيمان، المكلفة بالتسجيلات بمدرسة خاصة قائلة بأن التسجيلات لتلقي دروس الدعم تبدأ في بعض الأحيان قبل الدخول الاجتماعي، حيث يقصدنا الأولياء للاستفسار وحجز مقاعد خاصة، وأن المدرسة تحتوي على أساتذة أكفاء. مشيرة إلى أن الإقبال على طلب التسجيل لتلقي الدعم عادة ينحصر في المواد الأساسية التي يجد فيها الطلبة الكثير من الصعوبات، وتعلق: «لا نسجل أي غياب من طرف الطلبة طيلة موسم الدعم إلا للضرورة القصوى، كالمرض».

من جهة أخرى، أرجعت محدثتنا الإقبال الكبير على دروس الدعم إلى عدم الاكتفاء بما يقدم للطلبة من المعلمين بالمؤسسات التربوية من جهة، وإلى الرغبة في تحصيل النجاح من خلال رفع المستوى،  خاصة أننا نتعمد جلب أساتذة أكفاء يبذلون ما في وسعهم لترسخ المعلومة في أذهان الطلبة، وهو ما لا نجده في المدارس العادية الذين يحرصون فقط على إنهاء البرنامج. مشيرة إلى أن سعر الدروس التي تقدم تختلف من طور لآخر، وعادة تبدأ من 2000 دج للشهر بمعدل حصة في الأسبوع بسبب كثرة عدد الطلبة.

تحصيل النجاح مرهون بتلقي دروس الدعم

اقتربت «المساء» من بعض التلاميذ الذين توافدوا على المدرسة الخاصة للتسجيل، والبداية كانت مع الطالب أحمد المقبل على اجتياز شهادة البكالوريا، حيث أكد في معرض حديثه أنه على الرغم من تفوقه في المواد الأساسية، إلا أنه يشعر بالخوف،  خاصة أن كل زملائه سجلوا لتقلي الدعم، الأمر الذي دفعه إلى التسجيل لمزيد من الدعم، على خلاف فريال المقبلة هي الأخرى على اجتياز شهادة البكالوريا بالشعبة العلمية، والتي تعتقد أن تحصيل النجاح يتطلب الحصول على مزيد من الدعم، وأن هذا لا يتحقق إلا من خلال الالتحاق بهذه المدارس التي كان لها معها تجربة سابقة في شهادة التعليم المتوسط، حيث مكنتها دروس الدعم من تحصيل معدل جيد، في حين يعتقد لطفي، تلميذ بالطور المتوسط، أن ما يقدم على مستوى المدرسة غير مفهوم، خاصة مع اكتظاظ الأقسام، وأن المعلمين لا يمنحونهم فرصة طرح السؤال  لفهم بعض الأمور غير الواضحة، الأمر الذي حتم عليه التسجيل بالمدارس الخاصة ليتمكن من فهم ما يستعصى عليه فهمه، وأضاف: «تحصيل النجاح اليوم مرهون بعدد الحصص التي يتم الحصول عليها بالمدارس الخاصة».

وإذا كان هذا رأي التلاميذ، فإن الأولياء أيضا يشاطرون أبناءهم الرأي، وهو ما أكده عدد ممن رافقوا أبناءهم عند عملية التسجيل، حيث أكدوا أن دروس الدعم ورغم غلاء تكاليف الحصة الواحدة، إلا أنها تحولت إلى مسالة حتمية، وعلى حد تعليق إحدى المواطنات، فإن ما أصبح يقدم في المدارس لا يساعد التلميذ مطلقا على النجاح، وأن الراغب في التفوق لابد له من دعم، وهو ما أكدته أيضا سيدة أخرى تعتقد بأن دروس الدعم هي التي كانت سببا في نجاح ابنتها في شهادة البكالوريا، الأمر الذي جعلها تسجل ابنها المقبل على شهادة التعليم المتوسط وتعلق: «رغم ارتفاع الأثمان، إلا أن الاستثمار في مستقبل الأبناء تحول إلى  ضرورة، لأن همّ الأساتذة اليوم هو إنهاء البرنامج فحسب».