طباعة هذه الصفحة

الكسكسي المفتول باليد

إرث ترفض العائلات التخلي عنه

إرث ترفض العائلات التخلي عنه
الشاف خالد مرغادي نور الهدى بوطيبة
  • القراءات: 766
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

ما زالت العديد من الأسر حريصة كل الحرص على التمسك بعادات وتقاليد الأجداد، لاسيما ما يتعلق بعادات المطبخ. ومن تلك الأصول التي تتمسك بها بعض الأمهات ، طريقة تحضير الكسكسي، أي عملية فتله قبل أن يصبح جاهزا للطبخ، خاصة أن الكثيرات تخلين عن هذه المرحلة الأساسية، بسبب بروز العديد من العلامات التجارية التي تتنافس فيما بينها، مزيحة الكسكسي التقليدي عن مطبخ الجزائرية.

يحتل هذا الطبق التقليدي ذو الشهرة المغاربية والعالمية مكانة هامة على الموائد الجزائرية، إذ يسجل حضوره بامتياز في مختلف المناسبات السعيدة أو الحزينة، على غرار الأفراح أو الجنائز. فلهذا الطبق اللذيذ ميزة جمع العائلة والأصدقاء حوله، كما يطلق عليه طبق البركة، ولا يخلو أي بيت منه، نظرا لمكانته في المطبخ، خصوصا في أيام الجمعة الذي يعتبر عيد المسلمين الأسبوعي، كما تعد مناسبة لالتفاف أفراد العائلة حول الطبق الذي تخلّت الكثير من السيدات عن فتله لأسباب مختلفة.

عن هذا الموضوع، حدث الشاف خالد مرغادي "المساء"، وأوضح أن تخلي بعض النساء عن فتل الكسكسي راجع إلى سرعة الحياة اليومية وليس فقط بالنسبة للعاملة، والدليل على ذلك، أن حتى بعض الماكثات في البيت يعتمدن الآن على الاستعانة بالكسكسي المصنع أو المغلف، بحكم وفرته في كل المحلات.

أشار الطباخ إلى أن العائلات التي اعتادت على الكسكسي المفتول، يصعب عليها التخلي عن ذوقه، مؤكدا أنه رغم جودة بعض العلامات، إلا أنه لا يمكن أبدا مقارنته بالكسكسي التقليدي المفتول "حبة على حبة"، على حد تعبيره، والمقصود بذلك، أن الكسكسي المفتول بالبيت، تكون فيه حبات الكسكسي منفصلة عن بعضها، مما يعطيه خفة بعد الطبخ، ولا يتطلب كمية كبيرة من الماء لرشه وإشباعه، حتى يزداد حجم حباته خلال الطبخ. ومهما كانت كمية الماء المضافة عند تحضيره، فلن تتلاصق حباته، مثل الكسكسي المصنع. موضحا أن ما يزيده لذة، تلك الروح التي تضعها المرأة في فتله، حيث تجتمع السيدة  الكبيرة مع بناتها وتفتله بكل محبة وفرحة في البيت، ليجف في أرجائه.

قال الشاف إن الكثيرات من بنات اليوم يجهلن كيفية الفتل، والعملية معقدة بالنسبة لهن، لذا يفضلن الكسكسي المصنع، يكفي تعب تحضيره. أكد الشاف خالد أن هناك من الرجال اليوم، من لا يتقبلون فكرة تناول كسكسي مصنع، خاصة الذين اعتادوا على كسكسي الأمهات، حتى وإن كانت تعجز زوجاتهم عن القيام بتلك العملية، فإنهم يبحثون على الباعة التقليديين لاقتناء كمية كافية لشهرين أو ثلاثة، وهذا يدل على العلاقة الوطيدة بين هذا الطبق والكثير من الأسر.

في الأخير، أشار الشاف إلى أن أكثر العائلات التي تحافظ على هذا التقليد،  هي عائلات المناطق الداخلية، خلافا للعاصميين الذين طغى عليهم التفكير الحضري ودخل مختلف الأصعدة، لاسيما المطبخ.