رغم الوعي المجتمعيّ بخطورة التدخين

إدمان كبير على التبغ في غياب بدائل الإقلاع عنه

إدمان كبير على التبغ في غياب بدائل الإقلاع عنه
  • القراءات: 655
رشيدة بلال رشيدة بلال

سعى المتطوعون على مستوى جمعية "البدر" خلال إشرافها على تنشيط الحملة التحسيسية الخاصة بمكافحة التدخين، مؤخرا، إلى حث المواطنين المتواجدين على مستوى محطة القطار بالبليدة، على الإقلاع عن تناول التبغ، وتوضيح خطورة هذه الآفة، التي تتسبب، سنويا، في قتل عدد كبير من المدخنين، وإصابة آخرين بمختلف أنواع السرطانات. 

وحسب ما رصدت "المساء" عند تواجدها رفقة المتطوعين بمحطة القطار بالبليدة، فإن الوعي المجتمعي لدى فئة كبيرة من المواطنين، موجود حول خطورة التدخين وتأثيراته السلبية على الصحة، غير أن الإشكال المطروح هو ضعف الإرادة، وعدم القدرة على القيام بخطوة الإقلاع عن التدخين بعد إدمانه، وهو ما رُصد على ألسنة بعض المواطنين، إذ أشارت مواطنة إلى أن ابنها يدرك إدراكا تاما خطورة التدخين، إلا أنه وجد صعوبة في التخلي عنه رغم محاولته الجادة. وحسب المتحدثة، فإن إدمان ابنها على التدخين كان في لحظة ضعف تعرّض لها، اغتمها صديق له بفعل المشاكل، ليشعر بالراحة، ومن هنا بدأت رحلة معاناته مع التدخين".

وأكدت مواطنة أخرى أنها كانت ولاتزال تحاول جاهدة، إقناع أخيها بالعدول على التدخين وذلك بالتأثير عليه من الجانب الديني من منطلق أنه مكروه ومنهي عنه، غير أنها وجدت صعوبة في إقناعه بعدما أدمن عليه، ولم يجد من بديل له. وأهم ما شد انتباهنا عند تواجدنا رفقة المتطوعين مما يعكس الوعي المجتمعي بخطورة التدخين، إقدام مواطن على السؤال عن الطريقة التي يتمكن بها من مساعدة رب عمله الذي يدخن أكثر من علبتين في اليوم. ولعدم قدرته على إقناعه بالتوقف، تقرب من المتطوعين لتوجيهه حول السبل أو البدائل التي يمكن الاعتماد عليها، ليتمكن رب عمله من العدول عن التدخين، أو على الأقل التقليل منه.

وفي المقابل، حاول المتطوعون على غرار أسامة عرابي، من خلال المعلومات المقدمة، إبراز أهم ما تحويه السجائر من سموم وأمراض خطيرة يتسبب فيها، خاصة ما تعلق منها بالأمراض السرطانية، إلى جانب تقديم جملة من التوجيهات والنصائح التي تمكّن المدخن من العدول عن استهلاك التبغ، ومن بينها التقرب من الجمعية، والاحتكاك بالمختصين في حال عجزه عن توقيف الإدمان. وحسب ما أكد عليه المتطوعون بعد احتكاكهم بالمواطنين، فإن جائحة كورونا كان لديها تأثير كبير في التقليل من معدل المدخنين، حيث تَضرر عدد من المدمنين في جهازهم التنفسي بعد إصابتهم بفيروس كورونا. ولعل هذا كان من أهم الأسباب التي دفعت ببعض المدخنين إلى التخلي عن الدخان، والبحث عن بدائل صحية تقوي إرادتهم.

التدخين السلبيّ مسكوت عنه...

من جهتها، أوضحت المكلفة بالاتصال بالجمعية، وسام، في معرض حديثها مع "المساء"، أن جمعية "البدر"، كعادتها، تتعاون كل سنة مع مؤسسة النقل بالسكك الحديدية في إطلاق حملتها التحسيسية في طبعتها 15 تحت شعار "قطار بدون تدخين"، وهي المحطة التي تتزامن وإحياء اليوم العالمي لمناهضة التدخين، موضحة: "نتطلع، من خلاله، إلى المساهمة في الحد من إدمان هذه الآفة، التي مست شريحة كبيرة من المجتمع بمن فيهم النساء والأطفال". وحسبها، فإن "الهدف من الحملة الوصول إلى حث المدخن على اتخاذ قرار التوقف عن التدخين، من خلال الاعتماد على التوعية، بالاحتكاك المباشر بالمواطنين، وتوزيع مطويات، وتمكين المدخن من قياس مدى إدمانه حتى يعرف إلى أي مرحلة من الإدمان وصل، وحثه على التوقف".

وفي السياق، أوضحت المتحدثة: "على مستوى الجمعية، الإحصائيات تشير إلى أن السرطان الأول عند الرجال بسبب التدخين هو سرطان الرئتين، بمعدل تسعة من عشرة مدخنين يصابون بسرطان الرئة، وهو رقم كبير، ويعكس مدى خطورة التدخين"، مشيرة إلى أن جائحة كورونا تمكنت من الفتك بالعديد من المدخنين، الذين وجد الفيروس سهولة في استهدافهم نتيجة تضرر جهازهم التنفسي بفعل التدخين، مؤكدة أن "الحديث، اليوم، لا يقتصر على السيجارة فقط، وإنما يمتد إلى كل الأنواع الأخرى التي تحتوي على التبغ، والتي تتسبب في الإصابة بأكثر من 40 نوعا من السرطان، وأمراض القلب"، لافتة إلى أن التدخين أصبح، هو الآخر، يمس شريحة كبيرة من النساء، الأمر الذي يستدعي دق ناقوس الخطر، خاصة أن التدخين بالنسبة للنساء لديه تأثيرات صحية أخرى عليهن؛ كتغيّر لون البشرة والصوت، ناهيك عن مختلف الأمراض الأخرى.

وعلى صعيد آخر، أوضحت المتحدثة أن أهم ما يجب لفت الانتباه إليه، أن التدخين السلبي هو الآخر أصبح من المخاطر التي تهدد حياة غير المدخنين، والذي يتطلب اتخاذ إجراءات  فعلية لحمايتهم، خاصة في الأماكن العمومية. وعلى الرغم من أن أضراره لا تكون بحدة الأضرار التي تصيب المدخن، غير أن له تأثيرا سلبيا على غير المدخن، خاصة داخل المنازل على الأبناء. وحول المشروع النموذجي الخاص ببناء مستشفى مجهز لفائدة الأطفال المصابين بالسرطان، أوضحت المتحدثة أن المشروع لايزال مجمدا، وأن الجمعية رغم أنها جاهزة وأعدّت كل ما يجب بدعم من المحسنين، إلا أن الإشكال حول سبب عدم الإفراج عنه، لايزال مجهولا، الأمر الذي أبقى المستشفى مشروعا مجمّدا إلى حين.