مدير غرفة الصناعات التقليدية بولاية تيميمون لـ "المساء":
إحياء مهرجان زربية "الدوكالي" بعد 80 سنة من الغياب

- 144

تسعى غرفة الصناعات التقليدية بولاية تيميمون، ممثلة في مديرها حسين قاديري، ورئيس جمعية حقوق الطفل والمراهق والمرأة الحرفية، إلى إعادة الاعتبار لمهرجان زربية "الدوكالي"، الذي طواه النسيان منذ أكثر من ثمانين سنة، بعدما كان يقام على مدار أسبوع كامل بالولاية، حيث تُعرض الزرابي على الجدران والأرضيات؛ في مشهد يعكس غنى الموروث التقليدي للمنطقة، قبل أن تتراجع صناعة الزربية، ويهجرها أهلها لعدة أسباب، أهمها الفقر.
«المساء" التقت رئيس الغرفة حسين قاديري، على هامش زيارته مؤخرا لولاية البليدة، في إطار التبادل الثقافي بين تيميمون والبليدة، حيث تحدثنا في هذا الحوار عن المجهودات المبذولة لإعادة بعث مهرجان زربية الدوكالي، وأبرز التحديات التي تواجه هذا الموروث التقليدي.
❊ المساء: بداية، حدثنا عن تاريخ زربية تيميمون؟
❊❊ رئيس غرفة الصناعات التقليدية حسين قاديري: تعود زربية الدوكالي إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، حسب ما تشير إليه الأبحاث التاريخية. فقد كان سكان الولاية مشهورين بصناعة الزربية من الصوف الحر للأغنام، وبالاعتماد على الصباغة الطبيعية المستخرجة من الحشرات والنباتات. وتشير المصادر إلى أن تيميمون كانت معروفة بأكثر من 50 نوعاً من الزرابي التقليدية، غير أن هجران الأهالي هذه الصناعة التقليدية الممثلة في النسيج وعدم الاهتمام بها، أدى إلى اندثار عدد كبير منها.
❊ ما هي المميزات التي تنفرد بها زربية تيميمون التقليدية عموما، وزربية الدوكالي خصوصا؟
❊❊ زربية الدوكالي وغيرها من الأنواع الأخرى، تتميز برسوماتها المستوحاة من الطبيعة الصحراوية، ورموزها الأمازيغية المستمدة من اللهجة الزناتية، المنتشرة بالمنطقة. كما إن أغلبها يميل إلى اللون الأحمر، الذي يعكس هوية تيميمون المعروفة بـ "الواحة الحمراء".
وكانت الصبغات المستعملة طبيعية، يتم استخراجها من بعض الحشرات مثل اللون الأحمر البنفسجي الذي يُستخرج من حشرة صغيرة تعيش في الصحراء، وتلك المستخرجة من نبات الفوة، إذ تُستعمل جذوره لإنتاج اللون الأحمر، وهو تقليد اشتهرت به المنطقة منذ القدم.
❊ كيف كانت الانطلاقة لإعادة الاعتبار لزربية الدوكالي ؟
❊❊ منذ سنة 2006 بدأ التفكير في إعادة الاعتبار لهذه الحرفة؛ صناعة الزرابي التقليدية، حيث قمنا ببحث معمق لدى العائلات العريقة التي كانت تمتهن النسيج، لكننا لم نجد نسخاً أصلية من الزرابي بعدما باعوها وتخلوا عن صناعتها؛ بحثاً عن موارد رزق أخرى؛ لذلك توجهنا إلى المتاحف الوطنية. وهناك عثرنا على نسخ أصلية لزرابي تيميمون، خاصة بمتحف "خداوج العمية" في العاصمة. قمنا بتوثيقها بالصور، ومن هناك انطلق مشروع إعادة بعث صناعة الزربية اعتماداً على هذا الأرشيف. وكانت زربية الدوكالي واحدة من أهم الزرابي التي تم التركيز عليها في مشروع إعادة بعث مهرجان الزربية بولاية تيميمون.
❊ ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم؟
❊❊ أول تحدٍّ كان غياب الحرفيات القادرات على إعادة صناعة الزربية التقليدية، حيث اقتصرت الخبرة على نساء مسنات، أعربن عن عدم قدرتهن على تبني المشروع؛ لذلك بحثنا عن نساء شابات لهن تكوين في مجال النسيج، وأخضعناهن لدورات تكوينية أشرفت عليها النساء الكبيرات، بهدف نقل الرموز والرسومات التقليدية، والتعرف على الطريقة الصحيحة لنسج الزربية.
التحدي الثاني كان في الألوان، إذ لم يعد هناك من يتقن الصباغة الطبيعية؛ ما اضطرنا للتعاون مع جمعية أجنبية، على رأسها خبيرة فرنسية تدعى "كاري"، سبق لها أن تلقت تكويناً في الجزائر، حول الصباغة الطبيعية. وبفضلها استرجعنا تقنيات الصباغة الطبيعية باستعمال النباتات والحشرات؛ حيث أشرفت على تكوين فرق، وهو ما أعاد الاعتبار لصنعة اندثرت بدورها، وهي الصباغة الطبيعية في ألوان مختلفة.
❊ في ماذا يتمثل الإنجاز الأبرز في مسار إعادة الاعتبار للزربية؟
❊❊ النجاح الأبرز تحقق سنة 2011، حين شاركنا لأول مرة في مهرجان ثقافي إفريقي نظمته اليونسكو، حيث عرضنا زربية "الدوكالي" كتراث جزائري أصيل.
واليوم استطعنا استرجاع الزربية التقليدية لولاية تيميمون، وتأسيس دليل خاص يحصي مختلف أنواع الزرابي التي تحمل أسماء القرى والأحياء المحلية.
كما تم تطوير أنماط جديدة في الشكل والحجم، ما أضفى لمسة إبداعية مع الحفاظ على الأصالة.
واليوم نفخر بالإنجاز الذي حققناه في مجال إعادة الاعتبار للزربية التقليدية بولاية تيميمون.
❊ هل من كلمة أخيرة؟
❊❊ بفضل المجهودات المبذولة نملك، اليوم، أكثر من 140 نوع من الزرابي بين التقليدية والمستحدثة. كما تمكنّا من تكوين نحو 130 شاب وشابة في مجالات النسيج، وزراعة النباتات الصبغية، وتقنيات الصباغة الطبيعية. وتطلعاتنا اليوم تتجه نحو إعادة بعث مهرجان زربية "الدوكالي"، ليكون لنا مهرجان كما هو معروف بولاية غرداية، والتعريف أكثر بزربية تيميمون، مع العمل على تصنيفها وطنياً كتراث مادي يُحفظ للأجيال القادمة، ويحميها من أي تعدٍّ قد يطولها.