فيما عكّرت الكوليرا عام 2018

إجراءات اجتماعية لصالح المعاقين والمعوزين

إجراءات اجتماعية لصالح المعاقين والمعوزين
  • القراءات: 6033
❊❊ أحلام. م ❊❊ ❊❊ أحلام. م ❊❊

شهدت الجزائر خلال سنة 2018، صدور العديد من المراسيم التنفيذية لخدمة المواطن، ومنها تلك المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، الرامية إلى ترقيتهم وإدماجهم في المجتمع، وإشراك الخواص في التكفل البيداغوجي بالمعاقين، وتحيين دلائل التكفل المؤسساتي لرفع وعي ذوي الإعاقة، ومراجعة قانون المعاق لسنة 2002 الموجود على طاولة وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، ناهيك عن المراكز التي توفر التربية والتعليم المتخصص لفائدة 21.700 طفل من هذه الفئة. كما قرر رئيس الجمهورية إلغاء قفة رمضان، وتحويلها إلى مساعدات مالية ابتداء من سنة 2019؛ حفاظا على كرامة هذه الفئة الهشة من المواطنين. ولا بد من الإشارة إلى أن سنة 2018 شهدت أسوأ كارثة جوية؛ جراء سقوط طائرة عسكرية بمنطقة بوفاريك، خلّف 257 من شهداء الواجب الوطني.

مؤسسات خاصة لتربية وتعليم المعاقين ذهنيا

كشفت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، عن الشروع في إنشاء مؤسسات خاصة بالتربية والتعليم المتخصصة للأطفال المعاقين ذهنيا مع بداية السنة المقبلة(2019) خلال لقاء إعلامي حول المؤسسات الخاصة بالتربية والتعليم للأطفال المعاقين ذهنيا، بعدما تلقت الوزارة عددا من الطلبات لفتح هذه المؤسسات من قبل خواص.

العملية تتم في إطار المرسوم التنفيذي 221-18 المؤرخ في 6 سبتمبر 2018، الذي يحدد شروط إنشاء هذه المؤسسات وتنظيمها وسيرها ومراقبتها، مما فتح المجال أمام المستثمرين، الذين أبدوا رغبتهم في المساهمة في التكفل بفئات الأطفال المعاقين ذهنيا، وامتصاص قوائم الانتظار التي هي في تزايد مستمر، موازاة مع العمل على تعزيز المراكز العمومية للتكفل بالتربية والتعليم للأطفال المعاقين، لاسيما منها التابعة لقطاع التضامن الوطني، ومساعدة العائلات التي تحتاج إلى مرافقة السلطات العمومية في إطار التشريع، الذي كرّس مبدأ الوصول إلى التعليم لجميع الأطفال بدون تمييز.

وتشير إحصائيات وزارة التضامن إلى أن العدد الإجمالي لهؤلاء الأطفال المتكفل بهم عبر كل هذه الصيغ، بلغ 69.227 طفلا سنة 2018، موزعين على مؤسسات التربية والتعليم المتخصصة التابعة لقطاع التضامن الوطني التي بلغ عددها 238، من بينها مراكز الأطفال المعاقين ذهنيا، حركيا، بصريا وسمعيا، ومراكز الأطفال ذوي النقص في التنفس.

مراكز توفر التربية والتعليم المتخصص

رُصد لهذه المراكز التي توفر التربية والتعليم المتخصص لفائدة 21.700 طفل باستعمال الوسائل التربوية والتقنيات البيداغوجية المناسبة لكل أنواع الإعاقة، ميزانية تسيير تفوق 10 ملايير دج. كما يستفيد 32.525 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة من برامج إدماج كلي في الأقسام العادية لمؤسسات التربية الوطنية، علاوة على مساهمة 70 جمعية تقوم بتسيير 111 مؤسسة في التكفل بـ 8.330 طفلا معاقا ذهنيا على مستوى 26 ولاية خلال الموسم الدراسي 2018 ـ 2019.

وعلى صعيد آخر، فإن القطاع بصدد دراسة ملف مراجعة القانون رقم 02- 09 المؤرخ في 8 ماي 2002 المتعلق بحماية الأشخاص المعاقين وترقيتهم؛ قصد تكييفه مع المستجدات الحاصلة في مجال الإعاقة.

وفي إطار تطبيق المادة 31 من هذا القانون التي تنص على استفادة الأشخاص المعاقين الذين تقدر نسبة عجزهم بـ 100 بالمائة من تخفيض في مبلغ إيجار وشراء السكنات الاجتماعية التابعة للدولة أو الجماعات الإقليمية، كشفت وزيرة التضامن أن مشروع مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات تطبيق هذا التخفيض، يوجد حاليا "قيد الدراسة" بالتنسيق مع القطاعات المعنية.

ومن بين المساعي الرامية إلى تحسين التكفل بذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية كل مطالبهم تجري عملية تحيين القانون رقم 02/09 المؤرخ في الثامن ماي من سنة 2008 المتعلق بحماية الأشخاص المعاقين وترقيتهم، إذ يتم الاستجابة لمختلف احتياجات ذوي الإعاقة التي تعرف تطورا وتغيرا وتزايدا. ويُنتظر، حسب وزيرة القطاع، أن يمس المنحة التي تُعتبر من أكثر الانشغالات التي تؤرق حياة المعاقين، وقانون توظيفهم من طرف المؤسسات العمومية والخاصة.

تحيين دلائل التكفل المؤسساتي

وفي مجال التواصل والتوعية مع ذوي الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم، وضعت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة في متناولهم عبر موقعها الإلكتروني، كل الدلائل التي أعدتها للإجابة عن أسئلة كل الذين يجدون صعوبة في التعامل مع مختلف الإعاقات.

وفي هذا الصدد تم إقرار دليل خاص بفئة المعاقين ذهنيا وبصريا وسمعيا، ودليل عملي لمرحلتي التنطيق والتربية التحضيرية، وآخر للإيقاع الجسمي لمرحلتي التنطيق والتحضيري، بهدف الوصول إلى العائلات التي لا ترغب في تسجيل أبنائها المعاقين بالمراكز، إما بسبب الجهل بوجودها، أو الرغبة في الإشراف على حاجاتها بإبقائها في المنازل.

وقد كشفت الوزيرة عن الشروع في تحيين هذه الدلائل من خلال إعادة مراجعتها، وجعلها تخدم متطلبات الحياة الجديدة والمعاصرة؛ من خلال إيكال المهمة إلى مختصين في مختلف المجلات، لإعادة طرح دلائل تكميلية، تهدف إلى أنسنة وترقية التكفل بهذه الشريحة.

عقود شراكة قطاعية لترقية التكفل بالمعاقين

بادرت وزارة التضامن الوطني خلال سنة 2018، بتوقيع اتفاقيتي شراكة مع وزارة التعليم العالي، للاستفادة من خبرات الباحثين في الجامعات في مجال تسهيل حياة المعاق، والإجابة عن بعض انشغالاته، وتحسين واقعه، والسماح للباحثين بولوج المراكز التي تتكفل بذوي الإعاقة؛ للقيام بالبحوث والدراسات الميدانية؛ من خلال الاحتكاك بهم. ويدخل هذا العمل في إطار إثراء التكفل المؤسساتي الموجه للفئات الهشة على مستوى 46 مدرسة تابعة للوزارة.

مساعدات مالية بدل قفة رمضان

في إطار مساعدة الفئات الهشة وبالتحديد العائلات المعوزة، وجّه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعليمات للحكومة في اجتماع مجلس الوزراء يوم 7 جوان 2018؛ من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلغاء قفة رمضان، والتحول إلى صرف مساعدات مالية تضامنية من قبل الدولة ابتداء من السنة المقبلة (2019)؛ عن طريق توزيع الصكوك أو الحوالات البريدية التي تُصرف لفائدة العائلات الفقيرة والمعوزة؛ لتفادي فوضى توزيع القفة من جهة، والتأكد من وصولها في الآجال المحددة إلى أصحابها. وجاء ذلك على خلفية العرض الذي قدّمه وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، خلال مجلس الوزراء المذكور، حول الإجراءات التي اتُّخذت بمناسبة شهر رمضان 1439 الموافق لـ 2018، حيث تم في إطار عمليات التضامن الوطني، تعبئة مبلغ 8.4 ملايير دينار، لاسيما من قبل البلديات والولايات؛ لضمان توزيع حوالي مليوني قفة على العائلات الفقيرة، وحوالي 6 ملايين وجبة ساخنة عبر 1300 مطعم إفطار.

كارثة الطائرة العسكرية

استشهد نحو 257 جنديا ومدنيا يوم 11 أفريل 2018، كانوا على متن طائرة عسكرية سقطت عند إقلاعها من مطار بوفاريك (40 كلم غرب العاصمة)، في أسوأ كارثة جوية من نوعها في تاريخ البلاد.

طائرة النقل العسكرية من طراز "إليوشين" روسية الصنع، سقطت بعد لحظات من إقلاعها نتيجة اشتعال النيران في أحد محركاتها بمحيط القاعدة الجوية في بوفاريك وداخل حقل زراعي خال من السكان، أثناء رحلة من بوفاريك إلى تندوف، ثم بشار.

عودة وباء الكوليرا

ومن بين الأحداث التي بقيت مطبوعة في الذاكرة في سنة 2018، ظهور وباء الكوليرا، وهو من الأمراض الوبائية التي تخلصت منها الجزائر منذ زمن بعيد، والذي حصد أرواحا ما كان لها أن تبتلى لو أن الطفيليين من المزارعين تحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية، فلم يعمدوا إلى سقي محاصيلهم من الخضر والفواكه بمياه الصرف الصحي أو المياه الملوثة، ولو أن الجهات المسؤولة مباشرة عن هذه النشاطات القطاعية المتسببة في هذه الكارثة؛ سواء المكلفة بتطهير المياه أو المسؤولة عن مستعمليها، تحركت في الوقت المناسب للحيلولة دون تلوث كثير من منابع المياه، لتمت صيانة الأرواح، وتوفير الأموال الطائلة التي ذهبت أدراج الرياح؛ من خلال إتلاف مساحات كبيرة من هذه المحاصيل، ولما تم تشويه سمعة البلد، الذي قطع أشواطا كبيرة في القضاء على هذه الأوبئة منذ فجر الاستقلال.

وبلغة الأرقام، أكد وزير الصحة تسجيل 147 حالة إصابة، منها 49 مؤكدة، مرجعا سبب انتشار مرض الكوليرا إلى ارتفاع درجة الحرارة وتلوث المنابع المائية، حيث قامت المصالح المكلفة بالوقاية، بتحليل عينات من 38 منبعا للمياه في كل من البليدة والبويرة وتيبازة والعاصمة.

وعلى صعيد آخر، شهدت الجزائر خلال سنة 2018 ظهور "البعوضة النمر" بسبب انتشار الأوساخ في كل الأماكن؛ الأمر الذي قاد وزارة البيئة والجمعيات ولجان الأحياء إلى شن حملة نظافة واسعة النطاق عبر الوطن.

اقتراح وكالة لليقظة الصحية

نتيجة هذه الأحداث المؤسفة دعا المجلس الوطني لعمادة الأطباء إلى تفعيل نظام الوقاية، مقترحا إنشاء وكالة لليقظة الصحية، يكون دورها الوقاية والمراقبة والإعلام حول المخاطر الصحية والوبائية، وتحديد مفهوم الخطر، ودراسة كل الأوضاع المتعلقة بالأمراض الوبائية، ليتسنى إعطاء المعلومات حول الوضع الحقيقي في كامل التراب الوطني، وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل المسؤولين المحليين.