قيادة الدراجات النارية بتهور

أولها متعة ونهايتها موت

أولها متعة ونهايتها موت
  • القراءات: 2711
آسيا عوفي آسيا عوفي

بعدما كانت خلال السنوات الفارطة، ظاهرة قيادة الدراجات النارية بتهور من طرف المراهقين وصغار السن لا نراها إلا نادرا، ها هي تزداد يوما بعد آخر، ليتزايد معها تخوف الأهالي من هذه الممارسات المتهورة في الشوارع والأحياء السكنية، مؤكدين أنها باتت مشكلا يؤرق الناس، وأصبح الأمر يتطللب وضع حد لها قبل أن تستفحل أكثر. ولأن الموضوع شائك، ارتأت المساء أن تقوم باستطلاع مس جميع فئات المجتمع حول هذه الظاهرة في ولايات برج بوعريريج، ميلة وسطيف.

انتقد العديد من المواطنين القاطنين في الولايات الثلاث، إهمال بعض أولياء الأمور متابعة أبنائهم وتعريض حياتهم للخطر، بشراء دراجات لهم في سن صغيرة جدا، وتركهم يقودونها بتهور في الشوارع والأزقة دون الالتزام بمتطلبات السلامة المرورية، وأبسطها ارتداء الخوذة، إذ يتعرض العديد منهم لحوادث خطيرة بسبب قلة خبرة الأطفال في التعامل والتحكم بالدراجة، التي تمثل لهم لعبة مسلية، في حين أنها تجعلهم عرضة للكثير من الحوادث الخطيرة التي قد تنتهي بالموت، مؤكدين أن تهور الأطفال لا يتوقف عند هذا الحد، بل يقودون الدراجات النارية في الاتجاه المعاكس للسير، ورغم صغر حجم الدراجة، إلا أن المراهق يجد فيها متسعا لاصطحاب صديقه أو شقيقه أو جاره، في جولة في الشوارع والمنحنيات والدوارات المزدحمة، وبين الأزقة والأحياء، متسللا بين السيارات دون توفر أي عنصر للسلامة، وقد ملأهم الحماس، ورغم الحوادث الخطيرة التي ذهب ضحيتها أطفال، مازال هناك آباء وأمهات ينصاعون لطلبات أطفالهم بشراء دراجة نارية، رغم صغر سنهم، إذ يعتبرون تحقيق رغباتهم أيا كانت، واجبا عليهم دون إدراك خطورة الأمر الذي يمكن أن يكلفهم حياة أبنائهم، ليعيشوا نتيجته ألما وحسرة بفقدانه.

الأطفال والمسنون أغلب الضحايا

خلال جولة قمنا بها على مستوى مستشفيات كل من سعادنة عبد النور بسطيف و«صروب الخثير بالعلمة و«لخضر بوزيدي ببرج بوعريريج و«الإخوة مغلاوي بميلة، وبمحاولة الاستفسار عن الحوادث المرورية التي تتسبب فيها الدراجات النارية، وجدنا أنها في ارتفاع متزايد، حيث أكدت لنا سيدة جاءت رفقة ابن أختها (7 سنوات) الذي صدمته دراجة نارية من نوع فيسبا، أن الطفل كان يلعب بجوار منزله، إلى أن قدمت دراجة نارية من الجهة المقابلة فصدمته، وتركته مغشيا عليه، ولحسن الحظ أن الإصابة لم تكن خطيرة، فقد تسببت له في جروح خفيفة.لم تقتصر حصيلة ضحايا الدراجات النارية على هذا الطفل فقط، بل امتدت إلى حصد المزيد من الضحايا، أغلبهم من المسنين، ناهيك عن حوادث الاصطدام التي تكون سببا في حدوثها، خاصة في مواكب الزفاف والأفراح، وفي الحلقات التي يتم تشكيلها من طرف هواة الاستمتاع بقيادة الدراجات النارية والتسابق بها في الوسط الحضري، والتي عادة ما تتسبب في ازدحام مروري وحوادث اصطدام بين المركبات، فضلا عن الصخب والضجيج الصادر عن صوت محركاتها،  وهو ما أصبح يبعث الرعب في نفوس المارة وأصحاب السيارات، بالنظر إلى تزايد الحوادث المسجلة من قبل أصحاب الدراجات في الفترة الأخيرة.

أصحاب الدراجات متعة لا يحسها إلا السائق

في السياق، اقتربنا من بعض سائقي الدراجات النارية، لمعرفة رأيهم في الأمر، لكنهم أجمعوا جميعا على أن سياقة الدراجة النارية موضة العصر، لأن فيها متعة لا يحسها إلا سائقها، مؤكدين أنهم يجتمعون في الفترات المسائية للتسابق والتباهي بدراجاتهم النارية، وقيادتها بسرعة مفرطة، وهو ما يشبه إلى حد بعيد، مسابقات المغامرة في قيادة الدراجات، لكنهم في الوقت نفسه، نسوا أن أغلب حوادث المرور التي وقعت أسبابها، هم سائقو الدراجات النارية الذين لم يتجاوز سنهم الـ25 سنة، وقد يصل الأمر إلى وفاتهم.

المصالح الأمنية تدعو إلى الالتزام  بقانون السير

من جهتها، دعت المصالح الأمنية من أمن ودرك وطنيين في الولايات الثلاث، سائقي الدراجات النارية، إلى الالتزام بقانون السير، حرصا على ضمان راحة وسلامة المواطنين أثناء تنقلاتهم، خاصة داخل المدن والتجمعات السكنية والمناطق الحضرية، داعية إياهم إلى التقيد بقواعد السياقة، على غرار تجنب الإفراط في السرعة وعدم إجراء المناورات الخطيرة داخل المناطق الحضرية، وضع الخوذة الواقية من الصدمات، إلى جانب كاتمات الصوت الخاصة بالدراجات النارية، لتفادي إزعاج السكان، تجنب نقل الأطفال الصغار، أو تمكينهم من قيادة هذا النوع من الدراجات.نظرا لتفشي ظاهرة إفراط أصحاب الدراجات النارية في السرعة داخل المدن، وخارجها، وخطورة المناورات التي يقومون بها، والتي من شأنها أن تتسبب في حوادث جد مؤلمة، شرعت العناصر الأمنية مؤخرا، في حجز الدراجات النارية التي لا يمتثل أصحابها لمختلف قواعد السلامة المرورية، ويضربون عرض الحائط قانون المرور الخاص بهم. من جهتهم، رحب مواطنو هذه الولايات بالحملة التي بادرت إليها المصالح الأمنية، مؤكدين أنها تحمي السائقين قبل الراجلين، وطلبوا بوضع قوانين ردعية وصارمة من أجل التقليل من هذه الظاهرة.