المختص في التغذية د.توفيق ملزي لـ"المساء":

ألف عملية فيزيولوجية بجسم الإنسان تتم في رمضان

ألف عملية فيزيولوجية بجسم الإنسان تتم في رمضان
  • القراءات: 1555
 حاورته: حنان.س حاورته: حنان.س

وصف الدكتور توفيق ملزي المختص في التغذية تعلق الإنسان بكثرة الأكل بالأمر الذي لا يخلو من مخاطر، وقال إن هذا التعلق قد تسبب في العقود الأخيرة بظهور ما يصل إلى 10 آلاف نوع من الأمراض المرتبطة بشكل مباشر بالطعام المشبع بالدهون والسكريات، مما جعله يؤكد على أن الاعتدال في الأكل سر التمتع بصحة جسمية ونفسية جيدة، ويشير كذلك إلى الصيام كأهم صورة للعلاج لارتباط تجدد العديد من الأحماض الآمينية بالصوم. 

❊ يرتبط مفهوم الصيام في مجتمعنا إلى حد ما بالإكثار من ألوان الطعام، فما تعليقكم؟

— هذا الطرح صحيح إلى حد كبير، فالكثيرون جعلوا من رمضان شهرا للتسابق في تحضير أنواع الأطعمة وهذا نعتبره من الأخطاء الشائعة في هذا الشهر الفضيل، حيث يفضل الكثيرون تناول السكريات والمشروبات الغازية والعصائر بشكل مبالغ فيه، وهنا نشير إلى أن تغليب المصنع على الطبيعي بحد ذاته خطأ، لأن الله سبحانه وتعالى جعل لكل موسم خضرا وفواكه تستجيب لحاجة جسم الإنسان.

❊ هل معنى هذا الابتعاد عن كل ما هو مصنع من عصائر وحلويات وغيرها؟

— بالتأكيد نعم، وأتساءل هنا؛ لماذا ابتعدنا في أكلنا عن الطبيعة وأقصد الخضر والفواكه الموسمية وفضلنا المصنع، أعطي مثالا بالعصير، اليوم يوجد تفضيل في تناول عصير البرتقال ظنا منا أنه أحسن عوض أكل برتقالة، بالرغم من خطورة المضافات الغذائية والمواد الحافظة وغيرها على جسم الإنسان، وهناك تفضيل كبير في مجال تناول اللحوم خاصة الحمراء عوض الخضر، إلى جانب الإسراف في تناول السكريات والأمر "عبادة" الأكل السريع الذي هو سبب ما يلحق الجسم من أمراض، هنا دعيني أشير إلى أن الدراسات العلمية الحديثة توصلت إلى إحصاء ما يصل إلى 10 آلاف من الأمراض التي ظهرت في العقود الأخيرة وترتبط بشكل كبير بالنمط الغذائي للأفراد، وبالرغم من التحسيس إلا أن لا حياة لمن تنادي. فحتى وإن كانت هناك محاولات للقضاء على الأمراض، إلا أن هناك محاولات فاشلة بسبب الارتباط الوثيق لإنسان اليوم بالأكل السريع والمقليات والمعلبات والسكريات والدهون، كلها تؤدي إلى الإصابة بأمراض البدانة والسكري وارتفاع الضغط الشرياني وحتى أنواع السرطان وغيرها، في الوقت الذي من الممكن جدا تفاديها بالعودة إلى الطبيعة وما فيها من غذاء ودواء وعلى رأسها زيت الزيتون والعسل الطبيعي وطبعا الخضر والفواكه الموسمية.

❊ يقال أن الصيام شفاء للكثير من الأمراض فهل هذا صحيح؟

— فعلا الصيام واق حقيقي للجسم من الكثير من الأمراض، فلا عجب أن نذكر أن الكثير من المستشفيات العالمية تعالج اليوم بالصيام، إلى جانب تأكيد دراسات علمية على أن الصيام وراء أكثر من 1000 عملية فيزيولوجية كلها مفيدة للجسم، فكيف للنبي محمد عليه الصلاة والسلام أن يدرك كل هذا قبل أكثر من 14 قرنا عندما قال ‘صوموا تصحوا’! طبعا "أن هو إلا وحي يوحى".

❊ لكن هذا يجعلنا نتساءل إن كان صوم شهر في السنة كاف للجسم أو من المستحسن الصيام على فترات متقطعة في السنة؟

— جيّد، هنا أشير أيضا إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام ‘نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع’، ومعنى لا نشبع هنا ليس مثلما قد يفهمه البعض إلا نقوم عن المائدة إلى حد الإصابة بالتخمة ولكن العكس تماما نأكل بقدر، وهذا تماما ما يوازي ميزة الصيام من غير رمضان، وأيضا قوله تعالى "وكُلوا واشْرَبُوا ولا تسْرفوا إنه لا يُحّب المُسرفِين"، وهنا يظهر الإعجاز العلمي للقرآن الكريم. أما التساؤل حول مدى كفاية شهر واحد للصيام في السنة، فأنا أجيب بنعم وأسوق مثلا حول السيارة التي تحتاج إلى الصيانة مرة في السنة وليس بشكل يومي، كذلك جسم الإنسان يحتاج إلى صيانة سنوية، وكما أشرنا إليه، فإنه ثبت علميا أنه خلال صوم شهر رمضان يوفر قطع غيار للجسم ويمده بالطاقة اللازمة لبقية السنة، ومنها الأحماض الآمينية المُتجددة التي تفرز فقط بالصيام ومنها الألانين ولافالين والفيتامين بـ6 الملتصق بمادة الكولاجين والتي تتجدد فقط خلال الصيام، وهو ما جعل الغرب يصفون محمد عليه الصلاة والسلام بالعبقري بعد دراسات أثبتت كل ذلك، لكننا نقول بأنه "لا ينطق عن الهوى، أن هو إلا وحي يوحى".

❊ ما هي مجمل النصائح التي تقدمونها كمختص في التغذية للصائمين؟

— نردد قوله تعالى "وكُلوا واشْرَبُوا ولا تسْرفوا إنه لا يُحّب المُسرفِين".. أتأسف اليوم عن الأكل اليوم الذي أصبح -بين قوسين- عبادة وهذه مصيبة بأتم معنى الكلمة، والصحيح أن الاعتدال في الأكل عبادة وحماية من الأمراض.